خط قطارات بغداد- الفلوجة يعود للحياة بعد تطهير مساره من ألغام كان زرعها تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، لكن الأعطال وتقادم عربات القطار تنغص على الركاب.الفلوجة - دبت الحياة في قطار وحيد في محطة القطارات الرئيسية في بغداد حيث حركة الركاب محدودة، فقد عادت من جديد الخدمة اليومية إلى مدينة الفلوجة ذات الشوارع المتربة التي تقع في اتجاه الغرب والتي اشتهرت لأنها كانت في وقت من الأوقات معقلا لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وأكد سائق القطار والمحصل أن قضبان الخط الحديدي الذي يمتد إلى محافظة الأنبار خالية الآن من الألغام التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية وكذلك من الجسور المنهارة التي نسفها التنظيم عندما اجتاح غرب العراق وشماله عام 2014. وقال سائق القطار الكابتن فاروق "الأضرار التي صارت بأحداث داعش كلها أُصلحت من قبل الكوادر الهندسية وماكو شيء، الخط سالك والحمد لله نظيف كل شيء ماكو، نروح ونيجي ما كو شيء". وأدى تقدم مقاتلي التنظيم بسرعة إلى إغلاق الخط قبل أن تطردهم القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة من الفلوجة في 2016 وتلحق بهم الهزيمة على مستوى البلاد في أواخر 2017. وبعد التوقف الذي استمر أربع سنوات، أصبح مئات المسافرين يركبون القطار ليقطعوا مسافة 50 كيلومترا من بغداد إلى الفلوجة فيما يزيد قليلا على الساعة. ومن الممكن أن تستغرق الرحلة بالسيارة وقتا أطول. وقال الراكب ثامر محمد، إن القطار يوفر الوقت حيث يصل إلى بغداد الساعة الثامنة صباحا وهو ما يناسب جدول أعماله. وأضاف أن القطار أرخص من رحلة السيارة إذ يبلغ سعر التذكرة 3000 دينار عراقي (2.50 دولار). وتابع محمد (42 سنة) المقيم في الفلوجة والذي يحضر رسالة الدكتوراه في التاريخ في بغداد "وش خلانا نجي بالقطار؟ أمن من حيث الحوادث وتفرق بالوقت، السيطرات، نتجاوز عقبات السيطرات وتأخيرها بالوقت تفتيش وخذهم نصل بوقت يناسبني أني كطالب". وتمثل عودة الخدمة اليومية في يوليو/تموز، ضمن شبكة السكك الحديدية التي ترجع لعصر الإمبراطورية العثمانية مثالا حيا على محاولات العراق للتغلب على آثار الاضطرابات التي استمرت عشرات السنين. ويرى الركاب في الخط مثالا على حال البلاد، فقد تحسن الوضع الأمني بما يكفي للسماح بالمرور دون مشاكل عبر منطقة ريفية سيطر عليها لسنوات تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة، غير أن القطار في حالة متداعية ويرتج بشدة مع تزايد سرعته. وتتيح حالة القضبان السير بسرعة مستقرة تصل إلى نحو 100 كيلومتر في الساعة فقط لا أكثر. وقد تحطمت عشرات من نوافذ القطار بفعل الأطفال الذين يلعبون في الأوحال في أحياء بغداد الفقيرة ويرشقون عرباته بالحجارة أثناء مروره. وعبر ثامر محمد عن أمله في أن تظل الخدمة مستمرة، لكنه أضاف أنها شهدت تأخيرات في الأيام القليلة الماضية، ففي بعض الأحيان ينفد الوقود أثناء الرحلة أو يواجه القطار أعطالا تقنية. وأشار إلى سلسلة من الأعطاب كأن يتعطل القطار بسبب نفاد الوقود ما يؤخر وصوله في موعده، في الوقت الذي كان الركاب يأملون في التخلص من مشاكل التأخير. ركاب يشتكون من كثرة اعطال قطار الفلوجة الوحيد ركاب يشتكون من كثرة اعطال قطار الفلوجة الوحيد وقال راكب آخر عراقي من أهل الفلوجة يدعى طارق نايف "نريد شوية ضبط الوقت، يعني القطار بالثامنة، الثامنة وشوية يوصل وأكو مشكلة أخرى نعاني منها بالقطار. من يمر القطار في مناطق شعبية بأطراف بغداد يرمون القطار بحجر لهذا تشوف ناس انجرحت، أكثر الجام (الزجاج) تكسر، يعني هذه مو حضارية". وقال عبدالستار محسن المسؤول الإعلامي بالشركة العامة للسكك الحديد إن الشركة في حاجة ماسة لأموال لمواصلة تشغيل الخدمة. وأضاف "إحنا بالنسبة لنا شركة خاسرة ونبحث عن السبل الكفيلة للارتقاء بواقع شركتنا حتى تكون من جانب إنه تعظيم للموارد المالية للشركة. وفي الحقيقة قمنا نحن من ميزانية الشركة بتأهيل هذا الخط. ولم نعتمد على أية جهة معينة لكن بجهودنا الذاتية والخيرين بالشركة حاولنا إعادة هذا الخط". وعانت المدينة والريف الخصب على امتداد نهر الفرات من سلسلة من المعارك المضنية في أعقاب الاجتياح الأميركي للبلاد عام 2003 والإطاحة بصدام حسين. واشتهرت الفلوجة في 2004 عندما تعرض أربعة أميركيين من المتعاقدين الأمنيين للقتل وتعليق جثثهم على جسر في المدينة. وفي كل مكان تظهر علامات تذكر بالوضع الأمني الهش. ويجوب رجال شرطة مسلحون القطار الذي يشق طريقه وسط ساحة للسيارات تعرضت للتدمير خلال الاشتباكات وأنقاض جسر بري نسفه المتشددون. ويأمل مسؤولو السكك الحديدية إعادة كل الخدمات حتى الحدود السورية. وكانت شبكة القطارات أقيمت خلال الانتداب البريطاني على العراق. وفي عهد حكم حزب البعث خلال ستينات القرن الماضي امتدت إلى اسطنبول وإلى حلب في سوريا عن طريق الموصل في شمال العراق. وتعرضت الشبكة القديمة للدمار أثناء الحرب مع إيران في الثمانينات وفترة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق في التسعينات وما أعقبها من أعمال عنف باستثناء الخدمة المنتظمة إلى البصرة ثم إلى الفلوجة الآن. وربما تكون خطط مد الخدمة في ما يتجاوز الفلوجة شديدة الطموح إذ أن القضبان مطمورة في الرمال. وقد تم تعزيز القوات العراقية على الحدود بعد هجمات مضادة شنها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في الآونة الأخيرة. أما في الوقت الحاضر فخط الفلوجة يمثل خطوة كبيرة للأمام.
مشاركة :