“العيسى” يدعو إلى العناية بفحوى الخطاب الإسلامي والالتزام بحسن الظن

  • 11/12/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دعا الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، إلى العناية بفحوى الخطاب الإسلامي والالتزام بحسن الظن عند الحديث مع المختلف حضارياً ودينياً، مشيرا إلى أن سوء الفهم ينحصر في مَنْطِقة فراغ ناشدت مُنذُ زمنٍ حضوراً واعياً وكلمةً سواء تحفِلُ بالرصيد المعرفي والخطاب الرصين، مع رحمةٍ بالآخرين، تُدرك أن لو يشاءُ اللهُ لهدى الناس جميعاً، ولجعلهم أمة واحدة. جاء ذلك خلال تكريم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة لمعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والمشرف العام على مركز الحرب الفكرية الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الفائز بجائزة الاعتدال لهذا العام 2018م في الحفل الذي أقيم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. وقال في كلمته بالحفل: “نتشرّفُ جميعاً بأن نكونَ في رِحاب ركب الاعتدال في منظومة دولة العدالة والقِيم، والأُفُقِ الواسع، المُنفتح بإشراقةٍ مُضيئةٍ على الجميع وَفْقَ هدي كريم من شرعنا الحكيم، تِلك الخُطى الرشيدة تُمَثّل مَنْطِقةَ التوازن بين الإفراط والتفريط؛ فدين الله تعالى وسطٌ بين الغالي فيه والجافي عنه”. وأضاف: لقد تَرْجَمَتْ ذلك كلَّه سياسةُ خادمِ الحرمين الشريفين الملكِ سلمانَ بنِ عبد العزيز آل سعود، وسُمُوِّ وليِّ عهدِه الأمين – حفظهما الله -، فكان منهما القولُ والعمل في امتدادٍ مباركٍ لقاعدة التأسيس التي أرسى دعائمها الملكُ عبدُ العزيز – رحمه الله – ، وكلنا هذا المساءَ تثمينٌ وتقديرٌ لهذا الصرح الكبير المُسَخَّر لخدمة اعتدالنا الشرعيّ والوطنيّ، برؤيةٍ ورسالةٍ وأهدافٍ وبرامجَ، تستحق الثناء والدعاء، وقد رعى معهدَهُ الأكاديميَّ موسوعةُ الاعتدال ـ فكراً وسمتاً ـ سموُّ الأمير خالد الفيصل، أجزل اللهُ مثوبته. وأعرب عن سعادته بالجائزةِ، وبحيثيات المنح، عندما ربطتْ الأمرَ بإبراز منهج الاعتدال السعوديّ في المحافل الدوليّة، وقال:” نعم ليس المتشرّفُ بكم سوى ناقلٍ للاعتدال السعوديّ إلى عددٍ من المنصّات والمحافل الدوليّة عبر حِوَاراتٍ ومبادراتٍ وبرامجَ عمليّةٍ، امتدت بحمد الله لأكثرَ من عَقْدٍ من الزمن شَمِلت محاورَ: دينيّةً، وفكريّةً، وحقوقيّةً، أفدتُ منها أن مكمن التوجُّسِ والصِّراعِ الحَضَاريّ ينحصِرُ في الخطاب، وفي فهم واستيعاب الآخر، وينحصر أيضاً في غياب حُسن الظن بطاقته المُشعة والآسرة، مع ضمانات الاحتياط في إطارها المعقول. وقال: “إذن فَلِمَ الصراع الحضاريّ في بُعده الديني وغيره، حيث احتل في بعض المشاهد التاريخية وهو يُطل بشؤم.. السطو والكراهيّة.. احتل قيم العدالة والتفاهم والتعايُش والتعاون، ساعياً في غمرة مجازفاته لأَن يواجِهَ سنةَ الخالق في كونه، نعم؛ لا نُنكر أن هناك شبهاتٍ في منتهى الهشاشة والضعف، تولَّد عن عدم تفكيكها سلبيّاتٌ تراكمت مع الزمن، وكُلُّنا نُدرك أبعادَها على الإسلام بوجه عام، وعلى سمعة مفاهيمنا الدينيّة والفكريّة بشكل خاصّ، فَرُفِعَتْ على إثرها شعاراتُ الإسلاموفوبيا يقودها في الغرب من يُسَمَّون بأقصى اليمين، وعليهم من عقلاء الغرب أنفسهم رادٌّ وعاتبٌ”. وأكد الأمين العام للرابطة، أنه لا يكفي في هذه المُسَاجلة أن أُخطط أو أُرسل البَعَثَاتِ المجردة، فهذا الميدانُ يتطلب قبل الهيكلةِ ميكنةً على مستوى الكفاءة والمسؤوليّة، وهي بحمد الله كثيرة متوافرة تتطلب التنقيب والدعم، ونعلم جميعاً أن الفجوة بين الشرق والغرب متى نُفخ فيها ولو بإظهار المخالفة الثقافيّة في صورة التمايز والاستفزاز في مناطق السيادة الثقافيّة الخاصة، فإنها أولُّ شرارةٍ تُضْرِمُ الصراع الحضاريّ، وهي مع الأسف باعثةُ صِدَامِهِ بامتياز، ولا نقصِدُ بهذا ممارسةَ الخصوصيّةِ الدينيّة المشروعة. يتلو ذلك ـ من بعض الطرفين ـ استدعاءُ ما يسمى بفكرة المؤامرة الدينية المبالَغِ في كثير منها. وأوضح أن عظة التاريخ أفادتنا بأن ذلك الصدامَ والصراعَ لم يُنتج سوى المزيد من المعاناة والتبعات مع الصدِّ عن الإسلام تحديداً، ولقد كتب غربيون وهم قِلة عن حتميّة ذلك الصدام مع الإسلام، وقبل أن نحاكمهم على ما كتبوا، يَلزمنا البحثُ عن حيثيات أطروحاتهم، نقول ذلك لأنه بالاستقراء والتتبع وجدنا أن لبعض الداخل الإسلامي تأثيراً على تصعيد شيءٍ من فصول هذه الأطروحة، يقول الحق سبحانه: “وإذا قُلتم فاعدِلوا ولو كان ذا قُربى”، إن أكثر كِتَاب تُرجم للعربيّة في هذا الخصوص هو كتاب الصدام الحضاريّ لصموئيل هنتنجتون، على حين ربما لا يَعْرف بعضنا الكتبَ والمقالاتِ المخالفةَ لنظريته، بل إن هذا الكتابَ جاء أصلاً رداً من مؤلفه على كتاب لأحد تلامذته يخالف أُطروحته. وشدد على أهمية التذكّر بأن مجافاةِ الاعتدال في بعض الداخل الإسلامي ترتكزُ على منطلقاتٍ خاطئةٍ أدت إلى نتائجَ فادحةٍ، قادت أصحابَها بعد أن استحكم عليهم الانغلاق إلى كيل الاتهامات لكل من حاول إنارةَ الطريق، وذلك بدافع من سوء الظن بهم من جهة، ومن عدم الدراية بتفاصيل وأبعاد السياقات اللازمة ذاتِ الصلة بالتدابير العامة، وأساليبِ معالجتها من جهة أخرى. وقال: من هنا نجد المجازفة في طلب حمل حالاتِ الشأن العام على حالات الشأن الخاص، مع أن لكل منهما قواعدَ تختلفُ عن الأخرى، فالاحتياط في أمر الجماعة يختلف عن أمر الأفراد ومثل ذلك في باب سد الذرائع، وقواعد الترجيح بين المصالح والمفاسد وغيرها، وكلما ضاق الأُفُق اتسع الجهلُ وامتد الخَطَل، والعكس صحيح، وما كلُّ حاملِ فقهٍ بفقيه، وإنْ تكلَّف في الاستدلال وأسهب؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “نضر الله امرأً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يُبَلِّغَهُ، فرُب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورُب حامل فقه ليس بفقيه”. وتابع: ما كل من احتاط وتنسك أصاب الحق، حتى يُحسن القولَ والعمل، وقد عاد بالسلب على الدين بعض خلق وهم يَحْسَبُون أنهم يُحسنون صنعاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (وهو مُغْضَبٌ ذات يوم) مخاطباً داخلَ الشجرة الطيبة حيث لا عصمة إلا له صلى الله عليه وســـــــلم فيما يُبلغ عن ربـــه، قال: “يا أيها الناس إنَّ منكم مُنَفِّرين”، ولذا ما أحوج الأمةَ إلى مَرْجعيّة علميّة واحدة، تَصْدُر عنها في الشأن الديني العام، وعندما نقول “العام”، حتى لا نصادر الاجتهاد والتَّمَذْهُبَ في الإطار الشرعي، وكذلك أيضاً لا نصادر حريةَ اختيار الأفراد الأرفقَ بهم في المسائل الشرعيّة الفرعيّة، على هدي الإسلام في التسديد والمقاربة، واختلافِ الفتوى والحكمِ باختلاف الزمان والمكان والعاداتِ والأحوال. واستعرض الحفل، سيرة الفائز وجهوده الداعية لمكافحة التطرف الفكري وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال المنبثق من تعاليمنا الدينية السمحة فقد أحدث حراكاً إيجابياً في الخطاب الإسلامي، معتمداً أصالته وثابت هويته، منطلقاً منهما إلى مرونة الطرح والاستيعاب الحاضن للجميع، المرتكز على عالمية الشريعة ورحمتها بالإضافة إلى محاربته الأفكار المتطرفة بخلفيته العلمية وخطابه الإسلامي المعتدل، واعتراض رسائل تلك الأفكار عبر كثير من المواقع التي تبوّأها. ومنحت الجائزة للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والمشرف العام على مركز الحرب الفكرية، نظير جهوده في نشر الاعتدال والوسطية وقيم الإسلام الحقيقة ومحاربة التطرف عبر مختلف المناصب التي تولاها وبعد مسيرة طويلة في عمله بالسلك القضائي وتدرجه في العديد من المناصب التي أدارها بحنكة وقدرة، وأسهمت في اختياره أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي في منتصف العام 2016، ومنذ توليه رابطة العالم الإسلامي حرص على نشر القيم الإسلامية الحقيقة دون تحريف أو زيادة، وبشكلها الوسطي المعتدل، ليحقق الكثير من النجاحات على مستوى العالم الإسلامي والدولي في رحلاته المتواصلة لكل دول العالم خلال فترة لم تتجاوز العامين. وأسهم العيسى في محاربة أصحاب الأفكار المروجة للفكر المنحرف والمضلل للشباب السعودي والعربي والمسلم على خط سواء، وهو ما أهله ليكون مشرفاً عاماً على مركز الحرب الفكرية في وزارة الدفاع العام الماضي 2017م.

مشاركة :