رهان حزب الله على سجال الطائفية عرقل تشكيل الحكومة اللبنانية

  • 11/14/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في تتمة للأزمة السياسية الخانقة التي تعصف بلبنان منذ أشهر، تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين رئيس الحكومة المكلف سعيد الحريري وحزب الله، خاصة بعد أن حمّل الحريري الحزب الشيعي مسؤولية عرقلة الحكومة في مشهد اعتبره متابعون أنه مبني على رغبة حزب الله في احياء السجال بين السنية السياسية والشيعية السياسية وبين رغبة الحريري في توظيف أزمة العقوبات الأميركية على إيران حليف حزب الله. بيروت - توقف المراقبون عند التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري والتي حمّل فيها حزب الله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة في لبنان. واعتبر مراقبون أن الحريري أراد بشكل رسمي إبلاغ اللبنانيين كما المجتمع الدولي أن موقف الحزب بات مانعا وحيدا أمام ولادة الحكومة اللبنانية بعد أن تم تذليل كافة العقد الداخلية قبل ذلك. وقال الحريري، الثلاثاء، إنه لن يقبل بأن يملي فريق لبناني أو أيّ طائفة لبنانية إرادته على بقية المكونات اللبنانية، مستغربا اللهجة التصعيدية التي لجأ إليها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله السبت الماضي. ورأت مصادر سياسية لبنانية أن موقف الحريري يعيد مسألة تشكيل الحكومة إلى المربع الأول، وأن الأمر قد لا يكون متعلقا بحسابات داخلية بل هو مرتبط بأخرى خارجية تتعلق بمواقف إيران من القضايا الإقليمية بعد إطلاق حزمة العقوبات الأميركية الجديدة في 4 من الشهر الحالي. ولفت المراقبون إلى أن ارتفاع لهجة التصعيد الكلامي في لغة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله استهدفت كل النظام السياسي اللبناني وليس الرئيس المكلف فقط. ورأى هؤلاء إلى أن التصويت على الحريري وكفاءته في تشكيل الحكومة، هدفه تكبير حجم المشكلة وإعادتها إلى مربع السجال بين السنية السياسية والشيعية السياسية على المستوى الداخلي، وإلى مستوى السجال بين السعودية وإيران على المستوى الإقليمي. وقالت بعض المصادر إن حزب الله أطلق رسالة سلبية أخرى من خلال تصريحات الوزير الأسبق وئام وهاب، الاثنين، والذي اتهم الحريري بأنّه “العقدة الوحيدة برفضه التفاهم مع الآخرين ورفضه لنتائج الانتخابات اللبنانية، وبرفضه أن يحصل على الساحة السُنّية ما حصل في كلّ الساحات”. وجاءت تصريحات وهاب بعد لقائه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بما أعطى لهذه التصريحات بعدا يتعلق بالأجواء التي يعيشها الحزب في تواصله مع حلفائه. موقف الحريري من حزب الله يعيد الأزمة إلى المربع الأول، فالأمر يتعلق بالعقوبات الأميركية على إيران وحزب الله وقال وهاب إنه “لا مشكلة إذا اعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة، بل اعتذاره يمكن أن يكون حلًّا”، موضحًا أنّ “التهديد بالاعتذار أو عدم تشكيل الحكومة لا يوصل إلى مكان، بل على العكس ما يوصل إلى مكان هو أن يتواضع الحريري قليلًا ويتحاور مع فريق أساسي داخل طائفته، وأن يُقلع عن سياسة الإلغاء الّتي انتهت في كلّ الطوائف، وليس في طائفة واحدة”. ورأت مراجع سياسية لبنانية أن موقف الحريري يمثل ردا تقليديا منتظرا على موقف نصرالله، إلا أن الفعل ورد الفعل لا يعنيان الانسداد الكامل، وأن هناك جهودا تجري خلف الكواليس لإيجاد التسوية المناسبة. وقالت المصادر إن أجواء التفاؤل التي أشاعها وزير الخارجية جبران باسيل الاثنين تعكس طبيعة هذه الجهود. وفي هذا الإطار أعلن النائب إبراهيم كنعان عقب اجتماع لـ”كتلة لبنان القوي” الذي يترأسه باسيل، دعم التكتل لـ”مبادرة باسيل وكل موقف إيجابي يصدر عنها، وتهمنا الحكومة اليوم قبل الغد، والنجاح هو للجميع والانتصار لا يتحقق إلا بالتضامن”. واعتبر المراقبون أن جهود الوصول إلى حلحلة العقد لم تتوقف وأن المؤتمر الصحافي الذي عقده الحريري كان ضروريا للرد على موقف نصرالله المتعلق برفض حزب الله تسليم رئيس الحكومة المكلف أسماء وزرائه في الحكومة الجديدة قبل أن تتم الموافقة على تمثيل “سنة 8 آذار” داخل هذه الحكومة. وأضاف هؤلاء أن مواقف الحريري كانت ضرورية لوضع النقاط على الحروف قبل الشروع في أي تسويات محتملة. وقال الحريري إنه “كلما حاولنا فتح باب ضوء للبلد يأتي من يغلقه، وربما هناك جهات لا تريد إعطاء البلد فرصة وربما لا يريدون أن تكون هناك حكومة". واعتبر أن موقفه من هذا الأمر كان واضحا، حتى في النقاش مع الحزب، وهذا الأمر غير وارد وغير مقبول وأن بعض النواب السنة الستة ينتمون إلى كتل برلمانية تم التفاوض معها وأن بعضهم الآخرين خاضوا الانتخابات بشكل مستقل وأنهم لم يتقدموا إلى المجلس النيابي بصفتهم كتلة واحدة. ورأى الحريري أن “هذا الإشكال تم افتعاله خصوصا أنني كنت واضحا بموقفي منذ البداية، وأنا رئيس مكلف ولي صلاحياتي وليس حزب الله من يشير إليّ بتمثيل هذا أو ذاك”. وشدّد على أنه لا يقبل بتعطيل البلد والدستور وشلّ المؤسسات، مضيفا “ليس سعد الحريري من يقبل بالتعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف”. وعبر الحريري عن أسفه لوضع حزب الله نفسه في موقع المؤخر لتأليف الحكومة، مستهجنا تهديدات نصرالله. مواقف الحريري ضرورية لوضع النقاط على الحروف قبل الشروع في أي تسويات محتملة مواقف الحريري ضرورية لوضع النقاط على الحروف قبل الشروع في أي تسويات محتملة ورفض اتهامه بالتحريض الطائفي والمذهبي، مؤكّداً بنبرة عالية “أنا بيّ السنة (أبو السنة) في لبنان، وأعرف أين مصلحتهم وكيف أحميهم وأدافع عن قضاياهم، ولا يمكن أن تكون طائفة ملحقة بمحور”. وأضاف أنه “ليس صحيحا أنني أريد أن أحتكر تمثيل السنّة بدليل وجود سني يسميه رئيس الجمهورية وسنّي اتفقت عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي”. وتمسك الحريري باتفاق الطائف بصفته دستور لبنان وسبب استقراره. واعتبر المراقبون أن هذا الموقف يأتي ردا على أجواء أشاعها حزب الله حول انتهاء صلاحية الطائف والعودة للبحث في عقد مؤتمر تأسيسي. واعتبر أنّ “تأليف الحكومة سهل إذا عدنا للأصول، وهذه مهمتي أنا ورئيس الجمهورية”. وأعاد الحريري التأكيد أن “الحكومة جاهزة وليتحمل الجميع مسؤولياتهم”. ورغم تأكيدات أوساط تيار المستقبل عشية أن الحريري لن يعتذر عن مهمة تشكيل الحكومة، إلا أن الحريري لم يكن قاطعا في هذه المسألة. فردّاً على سؤال حول متى يمكن أن يعتذر عن تشكيل الحكومة قال الحريري: “كل شي بوقتو حلو!”. وحول ارتباط الأزمة بالعقوبات الأميركية ضد إيران وحزب الله، قال الحريري “إن هناك واقعا حقيقيا سيواجهه لبنان في ظل العقوبات الأميركية، ولا نقول إننا نريد عزل أي فريق سياسي وحزب الله يمثل جزءاً من الشعب اللبناني ونحترم هذا الأمر”. وأكد الحريري أنه لا يملك حلا ولو كان يملك هذا الحل لكان توجه للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون. وأنهى كلامه مؤكّداً أن “سعد الحريري لا ينكسر فقد حاولوا كسره طوال 13 سنة ولم ينكسر”. ورأى محللون أن الحريري شدد على اعتبار أن موقف نصرالله وحزب الله يستهدف رئيس الجمهورية ميشال عون أيضا، خصوصا بعد أن أيد عون الحريري في موقفه بشأن عقدة “سنة 8 آذار” وأيد عدم اعتبارهم كتلة مستقلة وجب تمثيلها. وفيما تجمع القيادات السياسية على دقة الوضع الاقتصادي بسبب التأخر بتشكيل الحكومة، وصف عون، الثلاثاء، الأوضاع الاقتصادية بالبلاد بالدقيقة والصعبة، و تتطلب جهداً لإيجاد الحلول لها، وأكّد أنها ستكون من أولويات الحكومة فور تشكيلها.

مشاركة :