اتهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أمس الثلاثاء «حزب الله» بعرقلة تشكيل الحكومة في لبنان، بعد فشل جهود بذلها على مدى أكثر من خمسة أشهر لتأليفها، داعيا الكتل السياسية كافة إلى تحمل مسؤولياتها. وقال الحريري في مؤتمر صحفي عقده في دارته في وسط بيروت: «من المؤسف جدا أن يضع حزب الله نفسه في موقع المسؤولية عن عرقلة الحكومة». وأضاف: «اصطدم تأليف الحكومة بحاجز كبير، البعض يحب أن يسميه (حاجز نواب سُنة 8 آذار)، وأنا أراه أكبر من ذلك ولا أستطيع أن أرى فيه الا قرارًا من قيادة حزب الله بتعليق تأليف الحكومة». ويشترط حزب الله تمثيل ستة نواب سنّة لا يتمتعون بحيثية شعبية كبيرة، مقربين منه ومعارضين للحريري، بوزير في الحكومة، الأمر الذي يرفض الحريري أن يتم ضمن حصته الوزارية. وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في كلمة ألقاها يوم السبت أنه لن يسير بأي تشكيلة حكومية ما لم تتضمن تمثيل النواب السنّة في الحكومة. وقال: «حيث إن هؤلاء النواب الإخوة يطالبون بحقهم وبتمثيلهم، وحيث إن من حقهم علينا أن نقف إلى جانبهم بما يمثلون ومن يمثلون، نحن وقفنا معهم ويسمع كل اللبنانيين كلهم وسنبقى معهم وسنبقى معهم سنة وسنتين وألف سنة وإلى قيام الساعة». واتهم الحريري الحزب بتحويله مسألة تمثيل هؤلاء إلى «حصان طروادة لعرقلة تأليف الحكومة». وأضاف: «قمت بما يجب عليَّ والحكومة جاهزة ليتفضل الجميع ويتحمل مسؤوليته لمصلحة البلد». وكلف الرئيس اللبناني ميشال عون الحريري، الذي يعد الزعيم السني الأبرز في البلاد، تشكيل الحكومة بعد انتخابات برلمانية جرت في مايو وكانت الأولى منذ تسع سنوات. وانتهت الانتخابات بتراجع عدد نواب كتلة الحريري للمرة الأولى منذ عام 2005، وأعاد البعض تدني شعبيته إلى التسويات والتنازلات السياسية التي قام بها. وواجه الحريري خلال الأشهر الأخيرة صعوبات كبيرة ناتجة بشكل أساسي عن خلافات حادة بين الأطراف السياسيين، ولا سيما المسيحيين منهم، على تقاسم الحصص الوزارية. وبعد حلها، اصطدم بمطلب تمثيل النواب السنة المعارضين له. وفي لبنان البلد الصغير ذي التركيبة الهشّة لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى الكبرى؛ إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والأحزاب. ولطالما كان تشكيل الحكومة مهمة صعبة في لبنان، إذ احتاج الحريري عام 2009 إلى خمسة أشهر لتأليف حكومته، مقابل عشرة أشهر لرئيس الوزراء السابق تمام سلام بين عامي 2013 و2014. ويثير التأخر في تشكيل الحكومة خشية من تدهور الوضع الاقتصادي المتردي أساسًا في البلاد. ومن شأن الاسراع في ولادة الحكومة أن يفتح الطريق أمام لبنان للحصول على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعمًا لاقتصاده المتهالك في مؤتمرات دولية، أبرزها مؤتمر سيدر الذي استضافته باريس في أبريل الماضي.
مشاركة :