ارتباط زيادة الوزن بالكثير من الأمراض الخطرة صار عالقا بالأذهان وصار الجميع يدركون أن للسمنة مخاطر قد تصل إلى الموت. لكن أغلب الناس يتصورون أن زوال المشكلة يشترط فقدان الكثير من الدهون وهو ما يصعب مهمتهم ويزيد الأمر سوءًا، والحال أن الباحثين أكدوا أن خسارة بضعة كيلوغرامات، في مرحلة انقطاع الطمث، كفيلة بإبعاد خطر السرطانات الشرسة وشبح الاكتئاب المميت. واشنطن – أشارت دراسة أميركية، أجريت على عدد كبير من النساء لفترة طويلة، إلى أن فقدان الوزن لدى النساء الأكبر سنا قد يقلل من احتمالات إصابتهن بنوع خطير من سرطان الثدي مقارنة باللاتي يحتفظن بالوزن ذاته وباللاتي تزيد أوزانهن. وفيما ارتبطت السمنة لفترة طويلة بزيادة احتمالات الإصابة بسرطان الثدي قدمت الأبحاث السابقة صورة مشوشة عن إمكانية مساهمة فقدان الوزن في تقليل ذلك الاحتمال. ولإجراء الدراسة الحالية قام الباحثون باحتساب مؤشر كتلة الجسم لأكثر من 61 ألف امرأة مرتين تفصل بينهما ثلاثة أعوام ثم تابعوا حالاتهن لأكثر من 11 عاما أصيبت خلالها أكثر من ثلاثة آلاف منهن بسرطان الثدي. ومقارنة بالنساء اللاتي كانت أوزانهن مستقرة خلال السنوات الثلاث الأولى من الدراسة قلت احتمالات إصابة اللاتي فقدن خمسة بالمئة على الأقل من أوزانهن خلال تلك السنوات الثلاث بالمرض على مدى العقد المقبل من أعمارهن بنسبة 12 بالمئة. وقال روان تشلبوسكي من مركز سيتي أوف هوب الطبي الوطني في دوارتي بولاية كاليفورنيا -وهو كبير باحثي الدراسة التي نشرت في دورية “كانسر”- “النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أنه بإمكان النساء تقليل خطر إصابتهن بالسرطان حتى وإن بقين بدينات بعد فقدان بعض الوزن… يجب أن يكون ذلك مشجعا للنساء إذ من الممكن للكثيرات تحقيق خفض متواضع في الوزن والحفاظ عليه”. ووصلت كل النساء المشاركات في الدراسة إلى مرحلة انقطاع الطمث التي يقل بعدها إنتاج هرمون الأستروجين ويصبح المصدر الرئيسي لهذا الهرمون هو الأنسجة الدهنية وبالتالي فالسمنة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان بسبب أن هذا الهرمون يساعد الأورام على النمو. يساعد فقدان الوزن ولو كان بسيطا في رفع معنويات النساء اللاتي يعشن مرحلة انقطاع الطمث بكل تقلباتها واضطراباتها النفسية والبدنية. فالشعور بالقدرة على تحقيق ما يبتغينه أو استعادتهن للثقة والاعتداد بالنفس والأنوثة كلها عوامل بالغة الأهمية في مساعدة النساء على الحفاظ على التوازن النفسي. والحقيقة أن الكثير من الباحثين أكدوا أن السرطان ينتشر بسرعة أكبر لدى المصابين الذين يفقدون الأمل أو ينهارون بمجرد اكتشاف إصابتهم بالمرض، فتضعف بذلك عزيمتهم على مقاومته والتصدي له. زيادة الوزن مرتبطة جينيا بارتفاع مستويات الاكتئاب، حتى في ظل عدم إصابة الأشخاص بأمراض أخرى مرتبطة بالسمنة وتجدر الإشارة إلى أن الشخص الذي يشهد زيادة في وزنه يظل معرضا للإصابة بالاكتئاب حتى وإن كان لا يشكو من أي مرض آخر، حيث كشفت دراسة دولية حديثة أن الوزن الزائد يمكن أن يتسبب في زيادة خطر إصابة الأشخاص بالاكتئاب، بغض النظر عن الأمراض الأخرى التي تسببها السمنة. قاد الدراسة باحثون بكلية الطب في جامعة “إكسيتر” البريطانية، بالتعاون مع باحثين من جامعة جنوب أستراليا، ونشروا نتائجها في “المجلة الدولية لعلم الأوبئة” العلمية. وأوضح الباحثون أنه من المعروف منذ فترة طويلة أن الاكتئاب شائع بين الأشخاص المصابين بالسمنة، إلا أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تكشف أن الوزن الزائد بحد ذاته يمكن أن يسبب الاكتئاب، حتى بالنسبة إلى هؤلاء الذين لا يعانون من مشاكل صحية أخرى مرتبطة بالسمنة. وللوصول إلى نتائج الدراسة، راجع الفريق بيانات البنك الحيوي البريطاني، المأخوذة من أكثر من 48 ألف شخص مصاب بالاكتئاب. وقارن أعضاء الفريق بياناتهم مع بيانات أكثر من 290 ألف شخص آخر غير مصاب بالاكتئاب، وولدت المجموعتان بين عامي 1938 و1971. واستخدم الفريق منهجًا بحثيًا جينيًا لاستكشاف العلاقة السببية بين الوزن الزائد والاكتئاب، باستخدام الجينات المرتبطة بالوزن الزائد والأمراض المتعلقة به مثل السكري. واكتشف الفريق أن زيادة الوزن مرتبطة جينيًا بارتفاع مستويات الاكتئاب، حتى في ظل عدم إصابة الأشخاص بأمراض أخرى مرتبطة بالسمنة مثل السكري على سبيل المثال. ونقلت الدراسة عن الدكتور جيس تايرريل، قائد فريق البحث، قوله إن “السمنة والاكتئاب من المشاكل الصحية العالمية، ولهما تأثير كبير على الحياة، بالإضافة إلى تكلفتهما الباهظة على الخدمات الصحية”. وأضاف تايرريل أنه “لم يكن من الواضح ما إذا كانت السمنة في حد ذاتها تسبب الاكتئاب أم أن المشاكل الصحية المرتبطة بها هي التي يمكن أن تسبب الاكتئاب”. وأوضح أن “التحليل الجيني الذي أجراه الفريق يخلص إلى أن التأثير النفسي للسمنة من المحتمل أن يتسبب في الاكتئاب، وهي نتيجة ستساعد العلماء في جهودهم المبذولة للحد من الاكتئاب”. وسبق لمنظمة الصحة العالمية أن كشفت، في أحدث تقاريرها، أن أكثر من 300 مليون شخص في العالم يتعايشون حالياً مع الاكتئاب. وحذرت المنظمة من أن معدلات الإصابة بهذا المرض ارتفعت بأكثر من 18 بالمئة بين 2005 و2015.
مشاركة :