جون ستونز جندي مجهول وصمام أمان في مانشستر سيتي

  • 11/15/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

كثيراً ما تعرض مدافع المنتخب الإنجليزي للانتقادات بسبب أخطائه فيما مضى. ومع هذا، فإن الأنظار عادة لا تلتفت إليه عندما يكون في ذروة تألقه. لم يثر انطباعاً يذكر خلال ديربي مانشستر؛ ذلك أن اسمه لم يرد في الإحصاءات الكبيرة والعناوين الرئيسية، ولم يتلق إشادات خاصة في إطار التغطية الإعلامية التي جرت بعد المباراة. وفي أثناء المباراة، لم يظهر ذات مرة منطلقاً بقوة باتجاه المرمى في محاولة بطولية لتسجيل هدف، أو أنقذ مرماه من هدف بدا شبه محقق. وعادة ما يكون هذا مؤشراً جيداً فيما يتعلق بجون ستونز مدافع مانشستر سيتي؛ وذلك باعتباره لاعباً يبدو وكأنه لا يلفت إليه الأنظار إلا عندما يقع في خطأ. ويمكن النظر إلى أداء ستونز المتألق خلال الفترة الأخيرة في خط الدفاع باعتباره مؤشراً جديداً على أن مانشستر سيتي ربما يكون على استعداد لتحقيق إنجاز أكبر هذا الموسم. في الفترات التي لا تلحظ خلالها وجود ستونز داخل الملعب، عادة ما يكون اللاعب في أوج تألقه. ورغم أن ستونز قادر بالفعل على خطف الأنظار بأدائه الرفيع، فإن الأداء الأفضل لديه يظهر عندما يختلط باللاعبين من حوله ويذوب في وسطهم. وكان ثمة مثال واضح على هذا الأمر، الأحد الماضي، عندما ضغط مانشستر يونايتد لفترة وجيزة وبدا أن مسار المباراة على وشك التحول. كان مانشستر سيتي قد هيمن على المباراة منذ البداية، وسجل هدفين أقرب إلى الأحلام، وقضى لاعبوه الساعة الأخيرة في الانطلاق حول أصحاب القمصان الحمراء الذين بدوا جامدين في أماكنهم، وبدا لاعبو مانشستر سيتي أشبه بسيل متدفق من السماء باتجاه الأرض. وجاء الدفع بروميلو لوكاكو حاملاً وراءه تحدياً جديداً. وبفضل غزواته خلف صفوف دفاع مانشستر سيتي، نال مانشستر يونايتد ركلة جزاء. ووجد لوكاكو مساحة أمامه خلف ستونز بينما أن الأخير يتحرك نحو الأمام، وتحول خطأ صغير إلى آخر فادح مع اتخاذ إدرسون قراراً بمهاجمة كاحل اللاعب البلجيكي. بعد لحظات، تمكن لوكاكو من اقتحام العمق ورفع كرة عالية خلف ستونز. إلا أن هذه المرة كان هناك غطاء، ذلك أن فيرناندينيو ارتد عائداً ودفع الكرة معه حتى دائرة منتصف الملعب. هذه المرة، جاء ستونز بقوة وظل ملاصقاً للاعب الذي تولى مسؤولية مراقبته بدرجة جعلت المشهد يبدو أشبه بمباراة رغبي. وبمرور الوقت، هدأت وتيرة المباراة، ونجح مانشستر سيتي في التأقلم مع الشكل الجديد للمباراة، وعمل ستونز وفيرناندينيو وإميريك لابورتي خلال الدقائق المتبقية من المباراة على نحو جعلهم أشبه بقطار واحد، وبدّلوا مراكزهم وشدّدوا من جهود المراقبة، مع التركيز على لوكاكو. ونجح ستونز في تجنب التسبب في مخالفة عن إمساكه بكامل جسد لوكاكو داخل دائرة منتصف الملعب، في واحدة من اللحظات البارزة في المباراة. ومن بين الإحصاءات الإيجابية المتعلقة بستونز، أنه خاض خمس مباريات بالدوري الممتاز على التوالي دون ارتكاب مخالفة واحدة. ومن بين الإحصاءات الإيجابية الأخرى بالنسبة له، أنه منذ عودته إلى التشكيل الأساسي لفريقه أمام ليفربول في مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، لم يدخل شباك مانشستر سيتي أي أهداف من لعب مفتوح. وثمة إحصائية أخرى تشير إلى أن ستونز حقق أعلى معدل إنجاز تمريرات من الخلف على مستوى مدافعي الدوري الممتاز بأكمله - إنجاز ليس بالهين بالنظر إلى المخاطر التي يخوضها مانشستر سيتي بالنظر إلى أنه يبدأ هجماته من خط الدفاع. وهناك إحصائية أخرى مبهرة بخصوص ستونز تشير إلى أنه حتى مباراة الديربي الساحقة التي خاضها على أرضه وبعد عامين من انضمامه إلى مانشستر سيتي، لم يخسر ستونز قط - وأكرر، قط - مباراة بالدوري الممتاز عندما يشارك في المباراة بأكملها على أرض استاد الاتحاد. إذن، ماذا يعني ذلك؟ وهل يحمل أي دلالة؟ بطبيعة الحال، هناك عوامل جانبية يجب أخذها في الاعتبار. لقد أصبح مانشستر سيتي قوة محلية جبارة، وهو فريق متألق وقوي أمامه فرصة كبيرة لأن يفوز بلقب الفريق الأفضل على مستوى بطولة الدوري الممتاز؛ استناداً إلى الإحصاءات والأرقام فحسب. ورغم هذا، تظل الحقيقة أن ستونز قدم أداءً مبهراً أمام مانشستر يونايتد تميز بالثقة والقوة عندما تطلب الأمر، مع تحليه في الوقت بالهدوء لدى التعامل مع الكرة. ونجح مرتين في الشوط الثاني من دفع الكرة بعيداً عن منطقة الدفاع وتجاوز ثلاثة من لاعبي مانشستر يونايتد، وتعامل بهدوء وثقة مع استحواذه على الكرة؛ الأمر الذي أسهم على الفور في تغيير شكل المباراة وسمح لفريقه بإعادة تحفيز صفوفه والتقاط الأنفاس وإعادة السيطرة على المراكز التي بدأ منها. ويبدو ذلك تحولاً لافتاً في الأداء بالنسبة للاعب اتسمت مسيرته المهنية بفترات من الاضطراب ويتسم أسلوب لعبه بطبيعته بالإقدام على المخاطر. جدير بالذكر، أنه منذ عامين تعرض ستونز لانتقادات قاسية من المحللين الرياضيين بالتلفزيون جراء الأخطاء الكثيرة التي اقترفها أثناء مباراة لفريقه أمام إيفرتون انتهت بهزيمة ساحقة بنتيجة 4 - 0. وفي يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، تعرض لانتقادات شديدة بسبب أدائه في مباراة قبل النهائية ببطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. حتى في نهاية بطولة كأس العالم التي قدم خلالها أداءً طيباً، ألقي عليه اللوم عن هدف الفوز الذي سجلته كرواتيا في دور قبل النهائي، بعدما أخفق في اللحاق بماريو ماندغوكيتش لدى انطلاقه باتجاه المرمى في وقت بدل الضائع. وهنا تحديداً تكمن المعادلة المميزة لمسيرة ستونز: توازن ما بين انتصارات هامشية وانتكاسات كبيرة من وقت إلى آخر. ويبدو اللاعب متأرجحاً ما بين قدرته على لعب الكرة بالأسلوب المميز لغوارديولا، وحقيقة أنه أبعد ما يكون عن مسّاك صريح، وهو دور دفاعي تقليدي بمقدور مثل هذه الأخطاء بالنسبة له التغطية على أي مزايا أخرى يسهم بها في صفوف الفريق. الحقيقة أن ثمة سبباً منطقياً وراء عقد بيب غوارديولا ذلك المؤتمر الصحافي الشهير الذي أثنى خلاله على ستونز، وشدد على أن اللاعب سيظل يلعب دونما خوف بأسلوب الاستحواذ. ومن الواضح أن أسلوب اللعب الذي ينتهجه غوارديولا يستلزم ذلك، حتى وإن صاحب هذا وقوع بعض الأخطاء من وقت إلى آخر في خط الدفاع. ويبدو أن تفكير غوارديولا يقوم على فكرة أنه لا مانع في حدوث هدف بسبب خطأ، لكن في المقابل يقدم اللاعب إسهامات تفوق هذا الخطأ بأربعة أضعاف في الطرف الثاني من الملعب من خلال اجتذاب لاعبي الخصم نحوه ومنع الهجمات المضادة. وهنا تكمن صيغة المكسب والخسارة، وهي صيغة تسير على نحو جيد عندما يكون أداء ستونز على المستوى الذي أظهره خلال الأسابيع القليلة الماضية. وبطبيعة الحال، يتعلق الأمر بأكثر عن مجرد شخص؛ ذلك أن الصمود والصلابة التي تميز بها مانشستر سيتي خلال المباريات القليلة الماضية تعتبر ثمرة جهود اللاعبين الثلاثة المتمركزين في قلب الملعب، والذين استقر عليهم غوارديولا في ظل غياب نيكولاس أوتيمندي. وكزوج دفاعي، يبدو ستونز ولابورتي مناسبين تماماً: فأحدهما يلعب بقدمه اليسرى والآخر باليمنى، وكلاهما يتميز بجسد طويل ورياضي، وكلاهما سريع بما يكفي للتقدم نحو الأمام والاضطلاع بمهام هجومية، وكلاهما جيد بما يكفي في التعامل مع الكرة للمشاركة في قلب الملعب. وجاء التفاعل الذي حدث مع فيرناندينيو، الأحد، ليؤكد على هذا الشعور بالوحدة والتضامن وسلاسة اللعب على نحو يميز أسلوب لعب الفرق التي يتولى غوارديولا تدريبها. من جهته، يشعر غوارديولا بالإعجاب تجاه أوتامندي؛ لأنه قادر على الفوز في المواجهات الثنائية، وكذلك تجاه فنسنت كومباني لبراعته المعروفة. إلا أنه إذا افترضنا أن مانشستر سيتي قادر على الفوز ببطولة الدوري بغض النظر عمن يلعب في الدفاع، فإنه من السهل الشعور بحماس تجاه إمكانات الشراكة القائمة بين ستونز ولابورتي، وهي شراكة يمكن أن تخلق فارقاً كبيراً لدى المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا. ومن هنا، سينتقل ستونز ورحيم سترلينغ إلى المنتخب الإنجليزي، ويبدوان أشبه بهدية يقدمها غوارديولا للفريق الوطني. ويعتبر اللاعبان بجانب هاري كين وهاري ماغواير أفضل اللاعبين الذين تطور أداؤهم على مستوى الجيل الجديد للمنتخب الإنجليزي. بعد ذلك، يخوض مانشستر سيتي عشرة مباريات متتالية من السهل الفوز بها، مع وجود مباراة أمام تشيلسي على أرض الأخير في قلب هذه السلسلة. وسيعتمد أداء مانشستر سيتي خلال تلك المباريات في جزء منه على مستوى أداء لابورتي، وكذلك على قدرة ستونز على الحفاظ على مستواه الحالي ولمسته الخفيفة للكرة، ليبقى نجماً في خط الدفاع يبلغ ذروة تألقه عندما تكاد لا تلحظ وجوده.

مشاركة :