بهذا الجواب الملهم الذي سمعته من أحد المحاضرين الأجانب، حينما سألته عن "كبسولة النجاح للشباب"، وهو نفس عنوان ورشته الشيقة التي ذكر فيها 10 أسرار (مفاتيح لنجاح الشباب) في أي مجتمع. لا أعرف، لماذا استحضرتُ ذلك الجواب، بل وتلك الورشة الرائعة التي ركزت على أهمية توفير الظروف والمناخات والإمكانات للشباب، لكي تكون منصات انطلاق لتميزهم ونجاحهم. نعم، لكل مجتمع تفاصيله المختلفة التي تميزه عن بقية المجتمعات الأخرى، ولكن شريحة الشباب، وهي الفئة العمرية التي تقع بين عمر 15-30، هي الأكثر تشابهاً وطموحاً وعنفواناً في كل المجتمعات، القريبة والبعيدة. الشباب في كل المجتمعات، يحملون نفس التطلعات والرغبات والقناعات، ويرفعون رايات التحدي والإصرار والتمرد. 10 أسباب لنجاح الشباب، والتي عددها بدقة وذكاء وتفصيل ذلك المحاضر السبعيني الذي طاف بقائمته (كبسولته الملهمة) الكثير من دول العالم، تحتاج لأن تُفرد لها عدة مقالات ودراسات، لأنها تُمثل وصفة سحرية لنجاح الشباب، بل لنجاح الشعوب والمجتمعات والأمم. سأحاول أن أقف عند خمسة فقط من تلك الأسرار، لأنها الأكثر ملاءمة لطبيعة وحاجة شبابنا. السر الأول: هو الحب. ويُقصد بالحب هنا، هو هذه القيمة الضرورية التي تُمثل القاعدة الصلبة لبناء المجتمع. الحب، بكل معانيه ومضامينه الجميلة، كحب الإنسان والخير والمساعدة والبيئة والفن والأدب والثقافة والقراءة والحيوان، وكل تفاصيل ومكونات الحياة المختلفة. حب الحياة، بكل ما تحمله من تعدد وتنوع وتمايز، هو السر الأعظم لنجاح الشباب. السر الثاني: هو التسامح، فالمجتمعات التي تُنشئ أجيالها الصغيرة والشابة على مبدأ التسامح، تُحقق الموازنة الرائعة للتميز والإنجاز والإلهام في مسيرتها الإنسانية والحضارية. حرية الاختيار، هو السر الرابع لنجاح الشباب. للأسف الشديد، لا تجد هذه القيمة المهمة طريقها وسط شريحة الشباب، وذلك لأسباب في أغلبها غير مبررة، كاتهام الشباب بالتهور والتسرع والانسياق وراء العواطف والرغبات والملذات. شبابنا، بحاجة ماسة لممارسة الحرية في اختيار الحياة التي تُشبههم وتتناسب مع طبيعة المرحلة التي يعيشونها، بعيداً عن تلك الوصاية الشديدة التي يمتهنها الكبار. السر الخامس، هو المشاركة في صنع القرار. هناك ثمة شكوى وتذمر يحمله الكثير ضد فئة الشباب، وهي حالة اللامبالاة التي تظهر في تصرفات وسلوكيات الكثير من شبابنا ضد بعض القرارات والمكتسبات والمقدرات التي يتمتع بها المجتمع. نعم، قد يكون الأمر كذلك، ولكن السؤال: لماذا؟ الجواب بكل بساطة: لأنهم لم يشاركوا في صناعة تلك القرارات والمكتسبات، ولكنها فُرضت عليهم. إن الأخطار المحدقة بشبابنا من كل حدب وصوب، والتي قد تُسقطهم في براثن العنف والتطرف والتشدد والتوحش والانقياد والتبعية وغيرها من المظاهر الخطيرة، لابد أن تدق ناقوس خطر، لتعلن حالة استنفار قصوى، يُشارك فيها المجتمع بكل أفراده ونخبه ومكوناته وتعبيراته، ضد كل من يستهدف مستقبل هذه الأمة المتمثل في شبابها، سواء بالتأثير أو التحريض أو التغرير. يبدو أن الوقت قد حان، لعمل مراجعات وإصلاحات شاملة لطرق وأساليب واستراتيجيات التعامل مع الشباب، لأن ظروف وطبيعة المرحلة الصعبة التي يمر بها العالم، تقتضي إعادة النظر في الكثير من أفكارنا ومتبنياتنا وقناعاتنا. "علموا أولادكم حب الحياة"، ليست مجرد نصيحة أو وصفة، ولكنها بحاجة لأن تُفعّل وتُطبق كرؤية ذكية لتمكين الشباب بما يحملونه من طاقات وقدرات وطموحات، كشركاء حقيقيين في صناعة وتنمية وازدهار وطنهم الذي يُمثلون فيه الأغلبية الساحقة.
مشاركة :