تكريس المصالحة بين «المردة» و «القوات»

  • 11/15/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

طويت أمس، صفحة دامية من صفحات الحرب الأهلية والعلاقات بين المسيحيين بتكريس المصالحة بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. فبعد 40 سنة من مجزرة إهدن التي ارتكبتها مجموعة من حزب «الكتائب» عام 1978 في إهدن بحق النائب طوني فرنجية وعائلته وعشرات المحازبين والمدنيين وكان سمير جعجع في عدادها، احتضنت البطريركية المارونية في بكركي لقاء مصالحة رتبت تفاصيله بدقة. وهكذا انتهى رسمياً أمس، الصراع السياسي والدموي والشخصي داخل البيت الماروني بعد شهور من الإتصالات واللقاءات والمساعي للجنة المشتركة بين الحزبَين المشكلة قبل 3 سنوات. وانتظر البطريرك بشارة الراعي في القاعة الأساسية للصرح جعجع على رأس وفد نيابي ضم: ستريدا جعجع، جوزيف إسحق، شوقي الدكاش، وأنطوان حبشي. وشارك أيضاً كل من النائب السابق أنطوان زهرا وفادي كرم ومدير مكتب حزب «القوات» طوني الشدياق. وبعد دقائق وصل فرنجية إلى صالون الصرح على رأس وفد ضم الوزير يوسف فنيانوس، الوزيرين السابقين يوسف سعادة وروني عريجي، والنواب: فايز غصن، طوني فرنجية والنائب والوزير السابق اسطفان الدويهي. وصافح فرنجية الراعي ثم صافح جعجع وتبادلا القبلات وأخذت لهما صورة تذكارية ثم حصلت مصافحة ثانية بين جعجع وفرنجية يتوسّطهما الراعي. وعقد لقاء موسع صافح خلاله أعضاء الوفدين بعضهما بعضاً قبل أن تعقد خلوة بين جعجع وفرنجية في حضور الراعي. وبعد اللحظة التاريخية التي جمعت جعجع وفرنجية نشر جعجع صورة عبر «تويتر»، وأرفقها بوسم «صفحة جديدة» وذكر فرنجية بها. وقال الرعي بعد اللقاء: «اللقاء مصدر خير للبنان وللدولة ومؤسساتها ونطلب من الله مباركة المسعى لخير لبنان». وأضاف: «ما أجمل أن يجلس الأخوة معاً. كثر فرحون في لبنان وخارجه، هم يحبون السلام والمصالحة والتعاون والتلاقي في سبيل الوطن وشعبه وفي سبيل قيام الدولة ومؤسساتها»، مشيراً إلى أن «الرب أب، ولأنه أب نحن أبناؤه، ولأننا أبناء لأب واحد فنحن أخوة مهما كان الدين أو الرأي أو اللون، لذلك ما أجمل وما أطيب أن يجلس الأخوة معا». ولفت إلى أن «الفرح والسعادة خلال اللقاء هي لأن الرب حاضر، لأنه يريدنا أن نلتقي ونتصالح، وهذا اللقاء ليس فقط لاستكمال مصالحة بدأت وحصلت في أيار (مايو) 2011 شملت قطبين آخرين هما رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ عندما كان رئيسا لـ»التيار الوطني الحر» والرئيس السابق ​أمين الجميل​، هكذا انطلقنا وطوينا الصفحة واليوم مع القطبين الحاضرين نؤكد المصالحة ونواصل الطريق». وأكد أن «الاجتماع اليوم هو انطلاقة لوحدتنا الوطنية الجامعة، في بكركي نحن ضد الثنائيات والثلاثيات نحن مع الشعب ومؤسسات الدولة وهناك ثنائية واحدة هي لبنان ذو جناحين متساويين متكاملين هما ​الاسلام​ و​المسيحية​، وهذا هو سر لبنان بخصوصيته ودوره ورسالته»، مشيراً إلى أن «هذه هي أبعاد اللقاء التاريخي العظيم بين المرجعيتين سليمان فرنجية وسمير جعجع، ومن خلالهما كل أعضاء وأنصار الحزبين ونرفع صلاتنا الله ليبارك هذا اللقاء». واعتبر أن «الشتاء اليوم هو علامة أن هذا اللقاء مصدر خير للبنان ومصدر نعم للدولة وللمؤسسات والشعب». وقال: «حيثما اجتمع 2 او 3 أكون هناك معهم والرب حاضر اليوم في هذا اللقاء». وفي المواقف، أكد الرئيس أمين الجميل أن «اللقاء هو خبر مفرح على كل الصعد، لكونه يمثل حقيقة الروح الوطنية والمسيحية التي نفتقدها في الوقت الحاضر، وهي التي كان يفترض أن تكون منذ زمن طويل بوصلة إلتزامنا المسيحي والوطني». وأمل بـ»أن يشكل هذا الحدث الوجداني والوطني نمطا جديدا في مسار حياتنا الوطنية ويؤسس لنهج جديد من العمل السياسي المجرد الذي يتجاوز المشاعر السلبية، أيا كان عمقها وسببها، من أجل التطلع إلى الأسمى والأجدى لخلاصنا، لا سيما في هذه الظروف الوجودية التي تمر بها البلاد». وقال: «الصديق فرنجية الذي فاجأنا في الماضي بمبادرات إنسانية شجاعة متجاوزا جرحه العميق ومتمثلا بجده المرحوم فخامة الرئيس سليمان فرنجية - وأنا شاهد على ذلك - يؤكد اليوم هذا النهج، نهج الترفع والتسامح والمواطنة». ورحب فنيانوس «بكلّ ما يخدم مصلحة لبنان»، فيما لفت النائب طوني فرنجية إلى أن «الدور الأهم في المصالحة هو الدور الوجداني لجميع أهالي الشهداء». واعتبرت النائب جعجع أن «الكبار هم الذين يعرفون كيفية طي الصفحة»، مشددة على أن «توقيت المصالحة ليس موجها ضد أحد، والحمدلله أن ليس هناك إنتخابات رئاسية». وأكد الوزير السابق سعادة (كان مكلفاً من فرنجية​ الوساطة لهذه المصالحة) أن «حصول المصالحة مع القوات في هذا التوقيت يؤكد أن النوايا الصافية». وكان فرنجية التقى جعجع في بكركي حين جمع الراعي الأقطاب المسيحيين، تلاه أكثر من لقاء خلال جلسات الحوار في القصر الجمهوري في عهد الرئيس ميشال سليمان وعهد الرئيس ميشال عون. وفي السابق، حصل لقاء بين فرنجية والرئيس أمين الجميل حين كان رئيساً للجمهورية في الثمانينات في سمار جبيل. وعقد لقاء أيضاً بين المسؤول السابق في «القوات» الراحل ايلي حبيقة بصفته كان أحد المعنيين بالمجزرة والوزير فرنجية. وأكد البيان الختامي الذي تلاه المطران جوزيف نفاع أن «جعجع وفرنجية أكدا أن التلاقي بين المسيحيين والإبتعاد عن منطق الإلغاء يشكلان عامل قوة للبنان وزمن العداوات بينهما قد ولى وجاء زمن التفاهم». وشدد البيان على أن «تيار المردة والقوات يعلنان إرادتهما المشتركة في طي صفحة الماضي الأليم مع التأكيد على ضرورة حل الخلافات والتوجه إلى أفق جديد». واعتبر أن «المصالحة تأتي اليوم بين فرنجية وجعجع استكمالا لتاريخ من المصالحات المسيحية ووفاء لتضحيات الشهداء تم اللقاء اليوم». وقال جعجع بعد اللقاء: «هذا يوم مصالحة أبيض وحلو وتاريخي». أما فرنجية فلفت إلى أنه «لم يتم التطرق إلى للأمور اليومية بل الأمور الوجدانية وصفحة جديدة نفتحها اليوم».

مشاركة :