تلقت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الخميس، نكسة شديدة بعد استقالة 4 وزراء من حكومة الأقلية التي تترأسها احتجاجا على مشروع الاتفاق على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ما يقلص حظوظ المصادقة عليه داخل البرلمان، فيما يناقش المجلس الأوروبي مشروع الاتفاق الذي من المتوقع أن توافق عليه كل الدول الأعضاء بحلول الثلاثاء القادم. لندن - تكافح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لإنقاذ مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي وذلك بعد استقالة وزير شؤون الانسحاب و3 وزراء آخرين احتجاجا على المسودة التي يقولون إنها ستحبس بريطانيا في فلك التكتل لسنوات، فيما دعا محافظون إلى سحب الثقة من رئيسة الحكومة وإقالتها. وبعد مرور 12 ساعة فقط على إعلان ماي موافقة فريقها المؤلف من كبار الوزراء على بنود مسودة الاتفاق، استقال دومينيك راب وزير شؤون بريكست وإيستر مكفي وزيرة العمل والمعاشات، والوزير المكلف بشؤون أيرلندا الشمالية شايليش فارا، إضافة إلى وزيرة الدولة لشؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي سويلا بريفرمان. ويهز رحيل هؤلاء الوزراء حكومة ماي المقسمة واستراتيجيتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، ما يرفع من احتمال انفصال بريطانيا عن الاتحاد دون اتفاق، حيث شكك بعض النواب في لندن صراحة في ما إذا كانت حكومة ماي ستستمر. وراب هو ثاني وزير لشؤون الانسحاب يستقيل بسبب خطط ماي الخاصة بالخروج من التكتل الذي يعد أكبر تحول في السياسة البريطانية منذ 40 عاما، لكن رئيسة الوزراء لم تبد تراجعا يذكر في البرلمان حيث حذرت النواب من أنهم يواجهون الآن قرارا واضحا. وقالت “الخيار واضح، يمكننا اختيار الخروج دون اتفاق، ويمكننا المخاطرة بعدم الخروج، أو يمكننا اختيار أن نتحد وندعم أفضل اتفاق يمكن التفاوض عليه”. وفي البرلمان، تناوب الخميس، نواب من حزبها المحافظ وأحزاب المعارضة على انتقاد مسودة الاتفاق، وهو مؤشر على أن ماي تواجه مهمة تكاد تكون مستحيلة في إقرار الاتفاق في مجلس العموم. وانتقد الكثيرون مسودة الاتفاق، التي تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الأوروبي الثلاثاء، لأنها تجعل من بريطانيا دولة “تابعة” لديها التزام نحو قواعد التكتل حتى بعد الانسحاب منه في مارس المقبل. وقال راب “لا يمكنني التوفيق بين شروط الاتفاق المقترح وبين الوعود التي قطعناها للبلاد في بياننا في الانتخابات الأخيرة”. جاكوب ريس موغ: الاتفاق أسوأ من المتوقع وأخفق في الإيفاء بالوعود التي قطعتها ماي للدولةجاكوب ريس موغ: الاتفاق أسوأ من المتوقع وأخفق في الإيفاء بالوعود التي قطعتها ماي للدولة وأضاف أن خطة ماي تهدد وحدة المملكة المتحدة وسلامة أراضيها وإنه لا يمكنه تأييد وضع خاص للحدود الأيرلندية غير محدد المدة.وتابع في خطاب استقالته “لم توافق دولة ديمقراطية على الإطلاق على الالتزام بمثل هذا النظام الشامل الذي يُفرض بشكل كامل دون أي سيطرة ديمقراطية على القوانين المطبقة أو القدرة على اتخاذ قرار بشأن الخروج من هذا الترتيب”. وقالت إحدى عضوات البرلمان البريطاني من المحافظين إن عددا متزايدا من زملائها إما يقدمون خطابات لطلب إجراء اقتراع على سحب الثقة من رئيسة الوزراء وإما يميلون إلى ذلك. ويمكن تحقيق ذلك بأن يكتب 48 نائبا من المحافظين هذه الخطابات، حيث يمكن الإطاحة بماي إذا صوت 158 من إجمالي نوابها الذين يبلغ عددهم 315 ضدها. وطالب جاكوب ريس موغ، العضو البارز في حزب المحافظين والمعروف بتشككه تجاه الاتحاد الأوروبي، الحزب بإجراء تصويت على الثقة، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى تغيير في قيادته. وأرسل ريس موغ خطابه للجنة “1922” النافذة بحزب المحافظين، التي يجب أن تجري تصويتا على من يتولى قيادة الحزب في حال طلب 48 نائبا هذا الإجراء، فيما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” أن لجنة 1922 لم تتلق بعد الــ48 خطابا التي تعتبر العدد المطلوب لكي تصدر قرارا بإجراء تصويت. وكتب موغ أن اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي توصلت إليه ماي “اتضح أنه أسوأ من المتوقع، وأخفق في الإيفاء بالوعود التي قطعتها رئيسة الوزراء للدولة”. وقال المتحدث باسم ماي الخميس، إنها ستحارب من أجل منصبها إذا تسبب نواب في حزب المحافظين الذي تنتمي إليه في إجراء اقتراع على الثقة فيها بسبب اتفاق مع الاتحاد الأوروبي على مسودة اتفاق الخروج من التكتل. وقال جون تريكيت عضو فريق جيرمي كوربين زعيم الحزب “لم يعد لتيريزا ماي أي سلطة متبقية، وهي بوضوح غير قادرة على تقديم اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي يحظى حتى بتأييد حكومتها، ناهيك على البرلمان أو الشعب”. وقبل أقل من خمسة أشهر على الموعد المقرر لخروج بريطانيا من التكتل وهو في 29 مارس المقبل، تثير الاستقالات الشكوك في استراتيجية ماي، فيما يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في 25 نوفمبر الحالي للموافقة على اتفاق خروج بريطانيا، حيث يسود زعماء الاتحاد ترحيب حذر. ويعقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة استثنائية لبحث بريكست في 25 نوفمبر، وفي حال وافقوا على الاتفاق فمن المقرر أن يصوت البرلمان البريطاني على الاتفاق مطلع ديسمبر المقبل. و في بروكسل، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن كل الدول الأعضاء في الاتحاد تدرس الاتفاق ولديها الوقت حتى الثلاثاء المقبل لإعطاء موافقتها على بيان سياسي يحدد أهداف الاتحاد في العلاقات المستقبلية مع لندن. ويشمل الاتفاق حقوق المواطنين وتسوية المستحقات المالية على بريطانيا وخُطط للفترة الانتقالية بعد خروج بريطانيا ويأمل الجانبان في أن يتوصلا خلالها إلى اتفاق تجاري جديد. وتمثل “شبكة الامان” العنصر الأكثر إثارة للجدل وهي خطة تبقي بريطانيا في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي حتى يتم التوصل إلى اتفاق تجاري يتجنب الحاجة إلى إجراءات تدقيق على الحدود مع أيرلندا.
مشاركة :