لندن ـ منيت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الخميس بانتكاسة إثر استقالة الوزير المكلف بريكست دومينيك راب وثلاثة وزراء آخرين احتجاجا على مشروع الاتفاق على الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي. وبدأت ماي كلمتها أمام البرلمان بالدفاع عن مشروع الاتفاق بعد الإعلان في بروكسل عن الإعداد لقمة قريباً للتوقيع على الاتفاق خلال عشرة أيام. لكن يبدو أن الأمور ازدادت تعقيداً مع استقالة راب الذي قال في رسالته التي نشر نصها في حسابه على تويتر "لا يمكنني أن ارى أن شروط الاتفاق تتماشى مع الوعود التي قطعناها للبلاد في بيان حزبنا". وقال راب في رسالة استقالته التي نشر نصها في حسابه على تويتر "لا يمكنني التوفيق بين شروط الاتفاق والوعود التي قطعناها للبلاد في بيان حزبنا"، مضيفا "أعتقد أن نظام التسوية المقترح لإيرلندا الشمالية يشكل تهديدا حقيقيا لسلامة أراضي المملكة المتحدة". وأعلن وزير الدولة البريطاني المكلف شؤون إيرلندا الشمالية الخميس على خلفية اتفاق بريكست قائلا إنه لا يجعل من المملكة المتحدة "دولة مستقلة ذات سيادة". وكتب الوزير شايليش فارا على حسابه على تويتر إن الاتفاق "يترك المملكة المتحدة بين خروج ولا خروج دون تحديد مهلة زمنية لنصبح فيها أخيرا دولة مستقلة". كما استقالت إيستر مكفي وزيرة العمل والمعاشات، وكتبت في رسالة استقالتها التي قدمتها لماي أن "الاتفاق الذي عرضته أمام الحكومة أمس لا يحترم نتيجة الاستفتاء" مضيفة أن النص يقدم الكثير من التنازلات للاتحاد الأوروبي و"يهدد سيادة المملكة المتحدة". وتبعتها وزيرة الدولة لشؤون بريكست سويلا بريفرمان التي قالت إن "التنازلات" المقدمة لبروكسل في مسودة الاتفاق "لا تحترم إرادة الشعب". وعلى إثر استقالة راب تراجع الجنيه الاسترليني بنسبة 1,5% إلى 1,2802 دولار قرابة الساعة 9,40 ت غ مقابل 1,2992 دولار مساء الأربعاء. ولا يزال يتعين أن يخضع الاتفاق إلى مراجعة الجانبين، كما يتعين على ماي مواجهة المهمة الصعبة المتمثلة في إقناع البرلمان البريطاني بالتصويت لصالح مشروع الاتفاق. واتهم مؤيدو بريكست المتشددون ماي بالخيانة نظراً لأن مشروع الاتفاق ينص على علاقات وثيقة مستقبلا مع الاتحاد الأوروبي. وأصرت ماي على أنه "يعيد إلينا السيطرة على أموالنا وقوانينا وحدودنا وينهي حرية تنقل (الأشخاص) ويحمي الوظائف والأمن ووحدتنا". ولكنها أقرت بأن "الأيام القادمة" ستكون صعبة. وفي بروكسل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الخميس عن عقد قمة في 25 نوفمبر لتوقيع الاتفاق "إذا سار كل شيء على ما يرام". وقال توسك إن كل الدول الأعضاء في الاتحاد تدرس الاتفاق ولديها حتى يوم الثلاثاء المقبل لإعطاء موافقتها على بيان سياسي يحدد أهداف الاتحاد في العلاقات المستقبلية مع لندن. وخلص توسك الى القول "رغم أنني أشعر بالحزن لرحيلكم، إنما سأقوم بكل شيء بوسعي لكي يكون هذا الوداع أقل إيلاما قدر الامكان بالنسبة اليكم والينا". ومن المقرر أن تلقي ماي الخميس خطابا أمام البرلمان بشأن الاتفاق الذي تم التوصل له والذي وصفته بأنه "أفضل ما يمكن التفاوض من أجله". ودون وجود اتفاقية انتقالية، لن تكون قوانين الاتحاد الأوروبي سارية في بريطانيا بعد التاسع والعشرين من مارس القادم، وهو ما سيقود على الأرجح إلى حالة من الفوضى والمشكلات الاقتصادية للجانبين. ونص مشروع الاتفاق الواقع في نحو 600 صفحة ونشر مساء الاربعاء على "شبكة أمنية" بهدف تفادي حدود مادية في الجزيرة الايرلندية والحفاظ بذلك على اتفاقيات السلام لعام 1998. وهذا الاتفاق بشأن ايرلندا المقرر اللجوء اليه اذا تعذر حل آخر، نص على بقاء مجمل المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الاوروبي وارتباط اكبر بالقواعد الأوروبية لايرلندا الشمالية خلال فترة انتقالية حتى انتهاء المباحثات بشأن علاقة مستقبلية تجارية بين الطرفين. مشروع الاتفاق يقع في نحو 600 صفحةمشروع الاتفاق يقع في نحو 600 صفحة ورغم تصديق الحكومة عليه فان مشروع الاتفاق لا يحظى بإجماع. ويخشى أنصار بريكست ومعارضوه ان يجبر بريطانيا على الخضوع لقواعد الاتحاد الاوروبي لسنوات دون ان يكون لها أي رأي في الموضوع كونها ستكون قد أصبحت خارج الاتحاد. واعتبر بوريس جونسون وزير الخارجية السابق انه "بهذا الاتفاق سنبقى ضمن الاتحاد الجمركي وسنبقى عمليا في السوق المشتركة"، معتبرا ان ذلك يجعل من المملكة المتحدة "دولة تابعة" للاتحاد الأوروبي. اما نايجل فاراج المدافع عن بريكست بلا تنازلات فرأى أنه "أسوا اتفاق في التاريخ"، مضيفا أنّ "على كل عضو في الحكومة مناصر فعليّ لبريكست أن يستقيل وإلا فانه سيبقى الى الابد غير جدير بالثقة". ووصف جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال المعارض الذي يسعى لانتخابات مبكرة، عملية المفاوضات برمتها بأنها "مخزية". وقال "هذه الحكومة أمضت سنتين في التفاوض على اتفاق سيء سيترك البلاد بين انسحاب ولا انسحاب إلى ما لا نهاية". من جانبه انتقد النائب المحافظ بيتر بون، المؤيّد البارز لبريكست، رئيسة الوزراء. وقال مخاطبا ماي "أنت لا تحترمين ما صوّت عليه مؤيدو بريكست، واليوم ستخسرين دعم العديد من النواب المحافظين وملايين الناخبين". واعتبرت لوسي هاريس التي أسّست تجمّع "ليفرز أوف لندن" المؤيّد لبريكست أن الاتفاق "يبيع البلاد تماما. سنتحول إلى دولة تابعة للاتحاد الأوروبي".
مشاركة :