خطوة الحلم الأولى التي يترقبها العرب كافة خصوصاً الفلسطينيين، تبدأ اليوم (الإثنين) في ملعب «نيوكاسل ستاديوم»، الذي سيحتضن مباراة اليابان وفلسطين، التي تجمع الخبرة والمواهب بالعزيمة والتصميم، وذلك في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة لنهائيات كأس آسيا. ومن المؤكد أن المواجهة غير متوازنة على الإطلاق، كونها تجمع بين فريق يحمل الرقم القياسي بعدد الألقاب في مستهل حملة دفاعه عن تتويجه الرابع، وآخر يخوض غمار البطولة القارية للمرة الأولى في تاريخه نتيجة تتويجه بكأس التحدي. وتحمل مشاركة المنتخب الفلسطيني في نهائيات البطولة الآسيوية نكهة خاصة، خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، إذ يشعر الوسط الرياضي الفلسطيني بالفخر لوصول منتخبه للمرة الأولى في تاريخه إلى نهائيات كأس آسيا، ويأمل بأن يحقق نتائج مثمرة، ومن أهمها تجسيد التطور اللافت للكرة الفلسطينية خلال السنوات القليلة الماضية. وبحسب مسؤولين في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فإن الظروف والتعقيدات السياسية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية بسبب الاحتلال الإسرائيلي تحول دون خلق منتخب فلسطيني أكثر تطوراً، ومثلما تشهده أروقة السياسة في ما يخص الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فإن وصول المنتخب الفلسطيني إلى أستراليا جاء في خضم صراع مماثل يجري بين الاتحادين الفلسطيني والإسرائيلي في أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، إذ طالب رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب أكثر من مرة «فيفا» بمعاقبة الاتحاد الإسرائيلي بسبب القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على حرية حركة الرياضيين الفلسطينيين. وحصلت فلسطين بفضل تتويجها بكأس التحدي في المالديف على حساب الفيليبين (1-0) على جائزة أفضل منتخب في آسيا لعام 2014 من الاتحاد القاري، ما يشكل دافعاً قوياً للظهور بمستوى جيد خلال البطولة الآسيوية في أستراليا، إذ تدين فلسطين بوجودها في نهائيات البطولة القارية للاعب أشرف نعمان (الفيصلي السعودي)، أحد اللاعبين الستة المحترفين في الخارج، إذ كان صاحب هدف الفوز في المباراة النهائية لكأس التحدي. ويشرف على المنتخب الفلسطيني المدرب المحلي أحمد الحسن ومساعده صائب جندية، إذ تسلم الأول مهمته بعد استقالة الأردني جمال محمود الذي قاد فلسطين إلى لقب كأس التحدي في أيار (مايو) الماضي، وتخوض فلسطين التي تحضرت لمغامرتها القارية الأولى بهزيمتين أمام السعودية (0-2) وأوزبكستان (0-1)، في مقابل فوز على فيتنام (3-1) وتعادل مع الصين (0-0)، النهائيات بتشكيلة تعكس الواقع الفلسطيني الجغرافي والسياسي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني. ويعول المدرب الحسن بشكل أساسي على خبرة المحترفين في الخارج، وهم الحارس رمزي صالح (سموحة المصري)، الذي حافظ على نظافة شباكه في كأس التحدي، والمدافعان عبداللطيف البهداري (الوحدات الأردني) وأليكسيس نورامبوينا (بلخاتوف البولندي)، ولاعب الوسط جاكا حبيشة (كاراكا السلوفيني) ومحمود عيد (نايكوبينغس السويدي)، إضافة إلى أشرف نعمان، بينما لم يتمكن اللاعب هيثم ذيب الذي يعمل في إحدى المدارس العربية داخل إسرائيل من الالتحاق بصفوف المنتخب الفلسطيني في أستراليا خوفاً من خسارة وظيفته. ولم يلتق المنتخب الفلسطيني مع نظيره الياباني سوى مرة واحدة في دورة الألعاب الآسيوية في العام 2002، التي انتهت لمصلحة اليابان بهدفين من دون رد، ثم التقيا على المستوى الأولمبي هذا العام وفازت اليابان بثلاثية نظيفة. وعلى رغم عزيمة واندفاع المنتخب الفلسطيني، إلا أن نقاط المباراة الثلاث مرشحة بقوة للذهاب إلى خزانة منتخب اليابان بقيادة مدربها المكسيكي خافيير أغويري الذي تسبب بجدل كبير بسبب ورود اسمه في فضيحة تلاعب بالنتائج في إسبانيا، وعلى رغم شبح تلاعب أغويري، تبقى اليابان مرشحة فوق العادة للدفاع عن لقبها الذي أحرزته في قطر 2011 بشق النفس على حساب أستراليا (1-0)، رافعة عدد ألقابها إلى أربعة ومنفردة بالرقم القياسي الذي كانت تتقاسمه مع السعودية وإيران. ويخوض منتخب «السامواري» النهائيات بعد خروجه من الباب الضيق في مونديال 2014، ما تسبب في استقالة مدربه الإيطالي ألبرتو زاكيروني، لكن الفوز الساحق على هندوراس (6-0)، ثم على أستراليا (2-1) في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي منح المدرب أغويري الثقة، وذلك بعدما أعاد استدعاء لاعب الوسط المخضرم ياسوهيتو أندو (صاحب الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية). كما عاد نجم الفريق كيسوكي هوندا إلى مستوياته المعروفة، فيما ينتظر شينجي كاغاوا العائد إلى بوروسيا دورتموند الألماني من مانشستر يونايتد الإنكليزي إعادة اكتشاف موهبته الضائعة مع الشياطين الحمر، غير أن اليابان تحتاج إلى تعزيز خطها الدفاعي الذي دمره نيمار ورفاقه برباعية نظيفة أمام البرازيل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كما تبرز أيضاً في تشكيلة «الساموراي الأزرق» أسماء عدة، مثل يوتو ناغاتومو (انتر ميلان الإيطالي)، وشينجي أواكازاكي (ماينتس الألماني)، والقائد ماكوتو هاسيبي (إينتراخت فرانكفورت الألماني). لكن اليابان تعرضت لضربة قاسية قبيل انطلاق البطولة الآسيوية بإصابة في الركبة لمدافع شالكه الألماني أتسوتو أوتشيدا (26 عاماً)، الذي حمل ألوان بلاده 71 مرة، فاستدعى أغويري بدلاً منه مدافع كاشيما أنتلرز ناوميتشي أويدا. العراق والأردن في مواجهة «العودة» و «تكرار المحاولة» يدشن الجاران العراق والأردن مشاركتهما في كأس آسيا 2015 اليوم (الإثنين) في بريزبين، وذلك ضمن مواجهات الجولة الأولى من تصفيات المجموعة الرابعة. ويراهن المنتخب العراقي وجهازه التدريبي بقيادة المدرب راضي شنيشل على فترة انتقالية، بعد أن طوى صفحة أسوأ مشاركة خارجية قريبة ماضية له كانت في دورة «خليجي 22» الأخيرة في السعودية. وعلى رغم قصر فترة الإعداد التي أمضاها العراق بعد تكليف المدرب شنيشل، المعار من نادي قطر القطري لتدريب منتخب بلاده خلفاً لحكيم شاكر المقال بسبب تداعي النتائج بعهدته، فإن البرنامج التدريبي المنتخب اختلف عن سابقه نتيجة التركيز على قائمة محددة من الأسماء، والانتظام في معسكر تحضيري مستقر في الإمارات استمر أسبوعين قبل الذهاب إلى أستراليا. وتحضر «أسود الرافدين» في الإمارات عبر معسكر خاض خلاله ثلاث مباريات تجريبية مع الكويت (1-1)، ومباراتين أمام أوزبكستان (0-1) و (0-0) على التوالي، بينما خسر أخيراً في مباراة رابعة أمام نظيره الإيراني بهدف وحيد في أستراليا. وهذه المشاركة الثامنة للمنتخب العراقي في النهائيات الآسيوية، إذ حل رابعاً في نسخة عام 1976، ثم غاب من أربع دورات قبل أن يعود في الإمارات عام 1996، عندما خسر أمام المنتخب الإماراتي بالهدف الذهبي، وبعد خروجه باكراً في نهائيات لبنان عام 2000، عاد إلى ربع النهائي في نسخة الصين عام 2004، قبل أن يودع البطولة أمام منتخب البلد المضيف (0-1). ذروة المشاركات العراقية القارية كانت في نسخة عام 2007، حينما تغلب على أستراليا (3-1) وتعادل مع تايلاند (1-1) ومع عُمان من دون أهداف، ثم اجتاز فيتنام في ربع النهائي بهدفين من دون رد، وكوريا الجنوبية في نصف النهائي بركلات الترجيح، بعد تعادلهما سلباً في الوقتين الأصلي والإضافي، ليحسم لقاء «القمة» مع السعودية في النهائي بهدف لمهاجمه يونس محمود، لكنه تخلى عن اللقب في النسخة الماضية عام 2011 في قطر عندما اكتفى بوصوله إلى ربع النهائي، الذي ودعه بعد خسارته أمام نظيره الأسترالي بالهدف الذهبي. أما منتخب الأردن، فيشارك للمرة الثالثة بعد تجربتين مشرفتين، في الصين عام 2004، وفي نسخة الدوحة عام 2011، وفي المناسبتين السابقتين احتفل «النشامى» بإنجاز التأهل إلى دور الثمانية، في 2004 بقيادة المدرب المصري الراحل محمود الجوهري، وفي عام 2011 بقيادة المدرب العراقي عدنان حمد، فإنجازا الجوهري وحمد وضعا الأردن في الظهور الثالث تحت الضغط، ورفع سقف توقعات وتمنيات الجماهير الأردنية إلى حدود الرغبة في المنافسة على لقب كأس آسيا أو على الأقل تجاوز حدود دور الثمانية. في النسخة الحالية (أستراليا 2015)، منتخب الأردن في عهدة المدرب الإنكليزي راي ويلكنز الذي أكد في أكثر من مناسبة ثقته بقدرة النشامى على تحقيق الهدف المنشود، على رغم اعترافه بصعوبة المهمة، وتخلى ويلكنز عن أسماء لامعة برزت في المشاركتين السابقتين، في مقدمهم عامر ذيب، فضلاً على المحترف في الملاعب الرومانية ثائر البواب، الذي كان يبحث عن فرصة المشاركة الأولى في نهائيات كأس آسيا، والمحترف في قطر حسن عبدالفتاح، الذي كان أصاب شباك اليابان في افتتاحية نسخة الدوحة 2011. لكن الشارع الأردني يبدو قلقاً من مسلسل الخسائر التي تلقاها «النشامى» في المباريات الودية التي خاضها خلال 2014 المنصرم، إذ افتقد منذ آذار (مارس) الماضي طعم ونكهة الفوز، إذ خسر ودياً أمام كولومبيا (0-3) وأوزبكستان (0-2) و(0-1)، وأمام الكويت وكوريا الجنوبية وأستونيا والإمارات (0-1)، مكتفياً بتعادلين مع الصين والكويت (1-1). وفي مجموع مباريات المنتخبين، فاز العراق 21 مرة، والأردن سبع مرات، وتعادلا في مثلها، فيما سيقود مباراة اليوم طاقم حكام سعودي، يتكون من حكم الساحة الدولي فهد المرداسي، ومساعديه الدوليين بدر الشمراني وعبدالله الشلوي.
مشاركة :