يظل التعليم هو حصان (طروادة) الذي تراهن عليه الشعوب للتقدم في مصاف الأمم، ويظل هو هاجس الناس، فغاية منى الكثيرين هو حصول أبنائهم على تعليم وتغطية صحية مميزة. برز التعليم الصحي السعودي في العقود السابقة، وتميز بجودة المخرجات مقارنة مع التخصصات الأخرى التي تدرس بالمملكة، وأصبح من الواضح جدا أن الشباب السعودي على مدار السنوات السابقة أبدعو في مجالين واضحين، وهما الطب وتقنية المعلومات. ما زال التعليم الطبي السعودي يعاني بعض (المشاكل المزمنة) بما يتعلق بمراكز التدريب (المستشفيات)، وقد يؤدي هذا إلى التناقض التدريجي بجودة المخرجات، ومن أهمها: -1 غياب المحفز لدى الاستشاريين للتدريس وتدريب الأطباء المقيمين، فأغلب مستشفيات (العالم) تدار أكاديميا من قبل الجامعات، والترقية الأكاديمية هي الدافع والمحفز الرئيس لتطوير العملية التعليمية. -2 أيضا بالمراكز العالمية المرموقة يتبارى الاستشاريون للحصول على تقييم عال من الأطباء المقيمين للحفاظ على وظائفهم، حيث يكون للأطباء المتدربين دور كبير في تقييم أساتذتهم. -3 الحوافز المالية التي تعطى للأساتذة والاستشاريين المسؤولين عن سير العملية التعليمية لتحفيز وتعويض المشاركين بهذه البرامج عالية الأهمية. -4 عدم وجود دور فعال وصلاحيات كبيرة للأقسام الأكاديمية بالمستشفيات لتطوير التدريب والمدربين. حاليا بالمملكة يوجد عدد كبير من المراكز الطبية التدريبية، وقد تتجاوز خمسين بالمئة، منها دون ارتباط أو تقييم أكاديمي لمنسوبيها، ناهيك عن عدم وجود أي حوافز مالية بكل المراكز التدريبية، وعدم وجود أي دور لتقييم الأطباء المتدربين في تجديد عقود الأساتذة والاستشاريين الذين أخذوا صكا (دائما) ووظائف (أبدية) بغض النظر عما يقدمونه للأجيال المقبلة. وتعيش أقسام الشؤون الأكاديمية في أغلب المستشفيات حالة من السكون والهدوء بميزانيات ضعيفة، وعدم وجود سلطات تنفيذية تمكنهم من تأدية دورهم بـ(توريث) العلم وتأهيل الأجيال المقبلة. شخصيا أرى أننا وصلنا إلى مستوى جيد من التعليم الطبي، وعلينا التحرك والنظر فعليا بمشروع جديد (يحل) المشاكل المزمنة، وقد يكون عبر: -1 ارتباط المراكز التدريبية بالجامعات والانخراط بالترقيات الأكاديمية لتحفيز الأطباء الاستشاريين. -2 وجود ميزانيات واضحة تضخ من المستشفيات للتدريب الطبي. -3 قيام المجلس الصحي السعودي بجعل التدريب الطبي أحد مقومات التقييم السنوي لإدارة المستشفيات. -4 ربط متطلبات التدريب الطبي بالرخص الطبية للمستثمرين بالقطاع الخاص مع تقديم تسهيلات للمستثمرين في مقابل تميز مراكزهم بالتعليم الطبي. وأرجو ألا نتعذر بنقص ميزانية المستشفيات، فأغلب مراكزنا الطبية يرصد لها أموال تكفي لتدريس سكان (الصين)، لكنه غزارة بالميزانيات وسوء بالصرف وتهميش للتدريب الطبي. وأتمنى أن نرى اهتماما أكبر بهذا الموضوع الحيوي، وعلينا بالبحث عن (الأفضل) لقيادة وتفعيل الأنشطة الأكاديمية بالمستشفيات (بدلا) من أن تكون (هدايا) أو عطايا للأصحاب والأحباب ومناصب شرفية للذين يكررون (حاضر وأبشر) صباحا ومساء (ويمجدون) لسعادة مدير المنشأة المختار.
مشاركة :