لم تسجل كرة السلة السعودية حضورا مميزا على المستوى القاري أو العربي خلال مشاركاتها المختلفة في السنوات الأخيرة، وعقب نهاية أي بطولة تشارك فيها المنتخبات أو الأندية يكون ترتيبها دون الطموح وغالبا تأتي في مراكز متأخرة وظلت تبريرات المسؤولين متكررة ومحفوظة بأن المشاركة من أجل اكتساب الخبرات، ولم يقتصر الفشل في النتائج فقط، وتعداه ببروز ظاهرة الانسحاب من البطولات، ولم تكن هذه الظاهرة محدودة بل أصبحت متكررة رغم أن السلة أصبحت اللعبة صاحبت الشعبية الثانية في السعودية خلف كرة القدم، هذا الفشل جعل جمهورها يتخلى عنها بعد أن وصلت الهزائم لأرقام قياسية، بجانب تحكم بعض الإداريين بمزاجهم بخصوص اتخاذهم قرارات الانسحاب من المنافسات دون الرجوع للجهات المختصة وهو ما يؤكد عدم وجود من يحاسبهم، لذلك تتكرر قراراتهم الفردية والعشوائية. "الرياضية" رصدت واقع كرة السلة السعودية خلال السنوات الأخيرة والنتائج التي حققتها خلال مشاركاتها الخارجية والدوافع التي أدت للانسحاب من المنافسات هل هي مقنعة أم ارتجالية، كما استطلعت عددا من الخبراء والمختصين عن سبب هذا التراجع المخيف. أعذار واهية أصبح خبر انسحاب المنتخب السعودي لكرة السلة بفئاته أو أحد الأندية السعودية من البطولات أو التهديد بالانسحاب طبيعيا وتكرر خلال السنوات الأخيرة وهو ما وضع الأخضر السعودي في مراكز متأخرة في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة السلة، فكان الاعتذار عن المشاركة في أربع نسخ متتالية من بطولة كأس آسيا بدون عذر مقنع سببا في ذلك التراجع المخيف للسلة السعودية، ووضعت نتائج الأندية خارجياً خلال الأربع سنوات الماضية العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل اللعبة، ومن أبرز الانسحابات من المنافسة ما حدث عام 2009 في بطولة الأمير فيصل بن فهد عندما انسحب فريق النهضة من مواجهة الأنصار اللبناني، وتم اعتباره خاسرا (0-20) وبعض الأندية تتعلل بظروف الطيران للتهرب من أداء مبارياتها الخارجية، وبعضها يتحدث عن عدم وجود ميزانيات كافية وتضطر للانسحاب، وخاصة في المنافسات العربية والخليجية، وأقرب مثال لذلك انسحاب فريق الأنصار عن المشاركة في البطولة العربية، وفي البطولة الخليجية للأندية التي أقيمت قبل ستة أشهر في العاصمة العمانية مسقط خسر الفريق الأول لكرة السلة بنادي أحد من فريق ظفار العماني (0-20) بخطأ إداري. أخطاء كارثية ومن الأخطاء التي وقع فيها الإداريون في عدم قيامهم بأدوارهم المنوطة بهم ما حدث للمنتخب الأول ضمن دورة الألعاب الخليجية الأولى التي أقيمت في البحرين عام 2011 خلال مباراته أمام نظيره القطري، حيث اعتبر الأخضر مهزوما بنتيجة (0-20) وذلك بسبب عدم الالتزام بالشعار الذي تم الاتفاق عليه في الاجتماع الفني، ورغم مطالبة نائب رئيس البعثة السعودية في هذه الدورة الأمير نواف بن محمد حينها بعدم تهويل الخطأ الإداري واعتبار ما حدث درسا يمكن الاستفادة منه حتى لا يتكرر، ولكن لم يتعظ المسؤولون ولم يستفيدوا من أخطائهم وظهر ذلك خلال المشاركة الحالية في بطولة التضامن الإسلامي التي تحتضنها إندونيسيا عندما انسحب المنتخب السعودي الأول لكرة السلة في الثواني الأخيرة أمام إندونيسيا في(آخر 13 ثانية) احتجاجا على قرارات الحكم، واتخذ قرار الانسحاب أحد الإداريين دون الرجوع للجهات المختصة ، وكان هناك عدة وسائل للاحتجاج على قرارات الحكام، لأن الانسحاب يعتبر سمة غير حضارية. نتائج ضعيفة الخروج المبكر للمنتخب الأخضر من كافة البطولات بات من المسلمات، فأصبح يودع المنافسات من أدوارها التمهيدية بهزائم كبيرة رغم الفارق الكبير في الإعداد والإمكانيات بين الأخضر والمنتخبات المشاركة في هذه البطولات، ومن أقسى الهزائم كانت أمام الصين في البطولة الآسيوية قبل سنوات عندما خسر الأخضر بنتيجة 10مقابل 98، وحتى الأندية لم تكن أفضل حالا ومثل ذلك مشاركة الأنصار في البطولة الخليجية وحلوله في المركز السادس، وتعرض الهلال لأربع هزائم في إحدى البطولات العربية، ورغم هذه الهزائم نجد أن تبريرات المسؤولين أن المشاركة بقصد الاحتكاك واكتساب الخبرات. خلل إداري عزا اللاعب الدولي السابق في كرة السلة عبد العزيز الشرقي تواضع نتائج السلة خلال مشاركاتها الخارجية للخلل الإداري في الاتحاد لأنه لايحاسب المقصرين حتى لاتتكرر الأخطاء لأن قرار الانسحاب من أي بطولة مسؤولية لجنة المنتخبات الوطنية أو اتحاد اللعبة فيما يخص المنتخبات، أما الأندية فالقرار يجب أن يتخذه مجلس الإدارة، ولكن أن يتم اتخاذ القرار من إداري وفي لحظة غضب فهذا يعتبر فضيحة كبيرة لأن الانسحاب تترتب عليه أشياء أخرى بجانب أنه أسلوب غير حضاري ويجعل الآخرين ينظروا إلينا بأننا عشوائيين، وتساءل الشرقي عن إصرار المسؤولين على اتخاذ قرارات كبيرة ومهمة حسب أهوائهم ورغباتهم الشخصية وعدم النظرة لما يترتب على ذلك. ضعف الإعداد أوضح إداري فريق الوحدة لكرة السلة خالد الزيادي أن ضعف الإعداد سبب مباشر في ضعف نتائج السلة السعودية خارجيا سواء كانت عن طريق المنتخبات أو الأندية، مبينا أن هناك خللاً كبيراً جدا لأن اللاعب يلعب 18 مباراة فقط في البطولة وهو عدد غير كاف لتجهيزه وجعله في قمة جاهزيته عندما يشارك في بطولة خارجية وقتها يظهر الفارق الكبير بينه وبقية المنافسين وبالتالي أصبحت المنتخبات والفرق تتعرض لهزائم ثقيلة جدا رغم الفارق الكبير في الإمكانيات والذي يعطي الأفضلية لكل منتخب أو فريق سعودي، مؤكدا أن ما حدث للمنتخب خلال مشاركته الأخيرة في بطولة التضامن الإسلامي بإندونيسيا سبب عدم جاهزية اللاعبين بالشكل المطلوب مما جعلهم يكثروا من الاحتجاج على قرارات الحكم وفقدوا تركيزهم وظلوا يعتقدوا أن الحكم يترصدهم وهو ما جعل إداري المنتخب منصور السويلم يطالبهم بالانسحاب بعد أن شعر بكثرة احتجاجهم، وكان من المفترض أن يعمل على تهدئتهم دون أن يتخذ مثل هذا القرار الغريب والعشوائي وغير المبرر، وحتى إن كان الجهاز الفني طالب بسحبهم كان يجب عليه أن يعترض لأنه صاحب الكلمة في تلك اللحظة. اعتذار اللاعبين من المشاكل التي تواجه كرة السلة السعودية اعتذار بعض اللاعبين عن الدخول للمعسكرات الإعدادية للبطولات متعللين بضعف المكافآت المالية التي تمنح لهم، والتي لا تتجاوز 40 ريالا في اليوم في المعسكرات الداخلية، و80 ريالاً للخارجية وفق أنظمة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لذا يقدم بعض اللاعبين اعتذارهم عن الانضمام للمنتخبات وخصوصا المنتخب الأول، وأكبر دليل على ذلك المشاركة الأخيرة للمنتخب السعودي في إندونيسيا والتي واجه فيها اتحاد السلة صعوبة كبيرة في عملية اختيار الأسماء للمنتخب بسبب اعتذارات اللاعبين لقلة المكافآت والمصروف اليومي. تساؤلات مهمة هناك العديد من التساؤلات التي تفرض نفسها بخصوص الأزمة التي تواجهها كرة السلة السعودية والتي أدت لتكرار الفشل خلال جميع المشاركات، وأهم هذه التساؤلات لماذا أصبحت المبررات التي يسوقها إداريو المنتخبات والأندية عن الفشل مكررة ويرددونها عقب الإخفاق في كل منافسة، خاصة أنها مبررات غير منطقية؟ ولماذا لم يتحرك اتحاد اللعبة لتغيير روزنامة بطولاته لتصبح عدد مباراتها أكثر مثل بقية الدول حتى يكون اللاعبون في وضع بدني وفني أفضل عندما يشاركوا خارجيا؟ ولماذا تصر الرئاسة العامة لرعاية الشباب على عدم زيادة قيمة الحوافز التي تمنح للاعبين رغم قناعتهم على أنها ضعيفة جدا ولاتمكن أي لاعب من شراء احتياجاته ليضطر للصرف من حسابه الشخصي، ولماذا لاتتجه الأندية وتبحث عن المواهب الحقيقية التي يمكن أن تشكل إضافة كبيرة بدلا من الاعتماد على لاعبين لايمتلكون الموهبة التي يجب أن تتوفر في لاعب السلة؟ وإلى متى يظل رئيس اتحاد السلة الأمير طلال بن بدر وهو الرجل المهم في اللجة الأولمبية صامتا دون أن يتحرك لمعالجة الخلل الموجود ويقوم برسم منهجية واضحة حتى تتوقف هذه المهازل؟ ولماذا لايبحث اتحاد اللعبة عن شركات راعية حتى تصبح معينا لهم وتتحمل معهم الصرف المالي؟
مشاركة :