يوم الأحد الماضي 22سبتمبر سلكت طريق الملك في طريقي إلى بيتي، قاصدة أكثر من مشوار ( في طريقي ) كما نعزي أنفسنا عندما نحاول قضاء بعض الأمور غير الهامة. كانت العاشرة مساء تقريباً، قلت مازال هناك وقت لقضاء بعض الأمور، لكني فوجئت بالازدحام الشديد على طريق الملك، والشباب يملؤون الشارع متسكعين، اكتشفت أن وصولي للمنزل بأمان أهم من كل تلك الأمور التي فكرت في قضائها " على طريقي" نزّت الذاكرة الممتلئة بأحداث كثيرة عقب مباراة، أو مناسبات وطنية مختلفة، لكن حوادث العام الماضي كانت الأقرب خصوصاً الحوادث المرورية المروعة، خفق قلبي وأنا أرى الشباب خوفاً من خروجهم من نوافذ السيارات، بطريقة استعراضية، وربما تتذكرون سقوط شاب من أعلى كوبري صاري كان يخرج جسمه من النافذة ولا أعلم ماذا حل به أو بأسرته فالصحف تنقل الخبر بالصورة ثم تبحث عن الحوادث " الطازه " وتتركنا نفكر في مصائر خلق الله دون أن يرف لها جفن! بعد أحداث اليوم الوطني تعاضد الجميع على إلقاء اللائمة على الشباب، وكأن المجتمع ليس مسئولاً عن هذا الذي وصل إليه الشباب! هؤلاء الشباب هل هم نبت شيطاني، أم أنه تربية مجتمع لم يتمكن من توفير الوسائل التي تهذب سلوكه وتعلمه كيفية التعبير عن مشاعره بطريقة حضارية لا تضر به ولا بغيره، أو بمنجزات الوطن. بالتأكيد، هؤلاء الشباب الذين يملؤون الشوارع ويسببون الذعر للمارة؛ التجمهر بالسيارات والاستعراض بإخراج الأجساد خارج السيارات بشكل بهلواني، والرقص والغناء بين السيارات وسط الشارع، لو وجدوا أماكن تستوعبهم وتوفر لهم وسائل التعبير السليمة عن مشاعرهم الجياشة للوطن لخلت الشوارع منهم لأنهم وجدوا ما يشغلهم ويستوعب طاقاتهم، ولم تعد المناسبات والاحتفالات عبئاً على المجتمع وعلى الجهاز الأمني. المشاركة في الفرح نزعة إنسانية، وسلوك اجتماعي تمارسه الانسانية منذ الأزل والقصص والحكايات كثيرة لكن ليس هنا مجال سردها، لأن الفرح يختلف باختلاف المناسبة، والمقدار يتناسب مع نسبة القرب والبعد عن المناسبة والأشخاص المعنيين بها، لذلك تختلف مناسبة اليوم الوطني عن كل المناسبات السعيدة بما فيها عيدا الأضحى والفطر، لأنها مناسبة ليست فقط تشاركية بل تؤسس معاني وممارسات وسلوكيات يمكن أن تقدم وجهاً حضارياً مشرقاً بتكرار المناسبة كل عام، كما أنها ترسخ عظمة هذا الكيان " الوطن " في وعي الأجيال. ماذا فعلنا بعد انتهاء احتفالية العام الماضي كي لا تتكرر الأحداث هذا العام؟ مصادرة الأقنعة، ورفع الطاقة الأمنية في الشوارع فقط ، هي هذه وسائلنا الأسهل للردع! شباب لا يجد مكاناً يفرغ فيه طاقاته الابداعية والبدنية والوجدانية ونلومه على بعض النزق إن بدر منه كيف يؤسس وعياً سلوكيا وحضاريا وهو لا يعرف كيف يستثمر هذه المشاعر التي تكتنز في وجدانه؟ المسرح أبو الفنون ليس له وجود على خارطة الوطن، ودور السينما حرام، والأندية الاجتماعية لم نفكر فيها إطلاقاً، والملاعب والحدائق والشواطئ المفتوحة والمهرجانات التي تستوعب كل هذه الطاقات محدودة ولا تلبي احتياجات الشباب، ولا نريد أن نصدق أن الفنون البصرية والحركية والصوتية تربي الوجدان وتهذب السلوك وتوسع دائرة المشترك بين أفراد المجتمع. هناك مبادرات كثيرة ظهرت للشباب، ولكن كل مبادرة تستقطب المميزين من الشباب والشابات لا توجد مبادرة واحدة مهمتها تدريب الشباب على كيفية التعبير عن الفرح، عن الانتماء، ماذا يعني له اليوم الوطني، ولماذا هو يحتفل، أو لماذا نحتفل؟ صحيح كل المؤسسات التربوية تحتفل باليوم الوطني ولكنه أصبح احتفالاً روتينياً يقتصر على الأعلام وإحضار أطباق وإذاعة النشيد الوطني ويفرغ اليوم للفوضى! واجب المؤسسات التربوية التخطيط لاحتفالية تواكب قيمة المناسبة، وتفعل طاقات الطلبة الابداعية والوجدانية والجسدية من خلال الأعمال الفنية التي يساهم فيها كل طالب، لا مشاهد فقط. لكن هي ذات المشكلة لا أحد يريد أن يبذل جهداً ليكتشف موهبة أو يحفز إبداعاً كامناً في شخصية طالب منطوٍ أو ضعيف أو حتى مشاغب بل الجميع يريد قدرات جاهزة ليقدمها بصفته مكتشفها. إذن ماذا يفعل هؤلاء المستبعدون ، وهم الأغلبية، يفرغون طاقاتهم في حركات بهلوانية ربما ليثبتوا لأساتذتهم أو للمجتمع أن لديهم إمكانيات خارقة. همسة: في المناسبات السعيدة؛ ندفع كل الأحزان والقضايا والمنغصات إلى قاع مظلم ليشرق الفرح على كل المساحات المعدة لاستقباله بوَلهٍ، كل عام وأنت أجمل أيها الوطن. nabilamahjoob@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :