«الحر» يعاني ضعف التمويل وتعدد الولاءات وسط تنامي نفوذ الإسلاميين

  • 9/25/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت: «الشرق الأوسط» على الرغم من إصرار المعارضة السورية على تنظيم عمل الجيش السوري الحر وضبط قرار كتائبه، تمهيدا لتحويله إلى مؤسسة عسكرية تضمن الأمن في مرحلة ما بعد سقوط النظام، فإن الواقع الميداني يشير إلى عراقيل كثيرة تحول دون تحقيق ذلك. إذ يشير قياديون عسكريون إلى ضعف التمويل الذي يصل إلى هيئة الأركان ما يدفع قادة الكتائب التي تقاتل على الأرض إلى تبديل ولاءاتهم وفق الجهة التي تدعمهم بالمال والسلاح. وتصل نسبة الكتائب التي تتلقى الدعم من خارج قيادة «الحر» إلى نحو 50 في المائة من مجمل تعداده، بحسب ما يؤكد المقدم المنشق خالد الحمود، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه الكتائب هي الأكثر فعالية في قتال القوات النظامية إذ تتصدر أبرز المعارك وتحقق مكاسب كبيرة». ويوضح الحمود أن «هذا الواقع خلق حالة من تعدد الولاءات داخل صفوف الجيش الحر فقرار بعض الكتائب يعود إلى من يزودها بالسلاح ويدفع لها الأموال، وليس إلى هيئة الأركان». وفي حين، أكد الحمود أن «هيئة الأركان لا تسيطر سوى على 20 في المائة من الكتائب التي تقاتل على الأرض»، لفت إلى أن «أعضاءها يعيشون على الحدود، لا يدخلون سوريا ما يجعلهم بعيدين عن مجريات التفاصيل الميدانية». وشرح الحمود الآلية التي تعتمدها الكتائب المقاتلة للحصول على الدعم من تجار ورجال أعمال متعاطفين مع «الثورة السورية»، مشيرا إلى «تصوير المقاتلين شريط فيديو حول عملية نفذوها ضد القوات النظامية ليرسلوه إلى الجهة الممولة ليحصلوا من خلاله على المال والسلاح». مضيفا: «لقد درجت مقولة بين قادة الكتائب في سوريا (صور واحصل على المال والسلاح)». وكشف الحمود أن «بعض التشكيلات تعمد إلى الخداع والحيلة للحصول على أكبر تمويل ممكن، فعلى سبيل المثال تحصل إحدى الكتائب من جهة ما على 10 صواريخ غراد فتستخدم نصفها وتقول إنها غنمت النصف الثاني من النظام كي تأخذ من جديد دعما ماديا وعسكريا من الطرف الممول». وبحسب الحمود فإن «الكتائب الإسلامية المتشددة التي تشكل 30 في المائة من مقاتلي المعارضة، لا تعاني من مشكلة في التمويل على العكس إذ تدفع رواتب دورية لمقاتليها وتؤمن حياة جيدة لعائلاتهم». مشيرا إلى أن «عددا من المقاتلين المعتدلين يتركون كتائبهم وينخرطون في الكتائب الإسلامية للحصول على الامتيازات التي تقدمها». محملا مسؤولية هذا الواقع إلى هيئة أركان الجيش الحر التي تعمل وفق «أجندة غربية» على حد تعبيره. وتضم هيئة أركان الجيش الحر 30 عضوا، مدنيين وعسكريين يعملون تحت قيادة اللواء سليم إدريس الذي انتخب في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2012 بعد اجتماعات مطولة عقدها في مدينة أنطاليا التركية وحضرها ممثلون عن مختلف فصائل المعارضة السورية المقاتلة في الداخل. جاء ذلك بعد عام تقريبا على تأسيس الجيش الحر على يد العقيد المنشق رياض الأسعد الذي استبعد مع معاونيه من تركيبة هيئة الأركان الجديد. وفي ظل التعقيدات الميدانية التي تواجه الجيش الحر باتت كتائبه في الآونة الأخيرة أمام مواجهة جديدة مع الكتائب الإسلامية المتشددة، لا سيما «دولة العراق والشام الإسلامية» القريبة من تنظيم القاعدة إذ وقعت عدة اشتباكات بين الطرفين، آخرها في قرية حزانو بريف إدلب. وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء الألمانية أمس، عن اللواء سليم إدريس، رئيس هيئة أركان الجيش الحر، قوله إن «القتال مع الإسلاميين المتشددين يفرض على مقاتليه إذ تستهدف مقراتهم وقوافل إمدادهم». وقال إدريس: «لم نكن الطرف المبادر أو الساعي للصدام، وأنا أناشد الجميع وأقول من يتق الله فعليه أن يوجه بندقيته نحو هدف واحد فقط وهو إسقاط النظام». وأوضح أن «الإسلاميين المتشددين لا يعترفون لا بالجيش الحر ولا بغيره ويكفرونه ويكفرون الناس». وتابع: «هل من الحكمة اليوم أن أنظر للناس والقوى التي تقاتل النظام وأن أصنفها هذا مرتد وهذا كافر؟». وأضاف: «نحن نتعرض للكثير من الضغوط حتى على صعيد العمل اليومي من قوى مختلفة.. ولكن نحن حريصون على ضبط النفس وعدم إثارة أي جهة على الرغم من أنه يتم الاعتداء علينا». ولفت إدريس إلى أن «(الحر) يريد أن يكون الجميع يدا واحدة وصفا واحدا حتى إسقاط النظام السوري». ويضع المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش الحر، لؤي المقداد «جميع المشكلات التي تواجه المعارضة على الصعيد العسكري في سياق ضعف التمويل المقدم من قبل الدول الداعمة للشعب السوري»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «المساعدات غير كافية من قبل المجتمع الدولي تؤثر على نفسية المقاتلين وتدفعهم إلى الذهاب نحو كتائب وتشكيلات لا تنسجم مع مبادئ الثورة». وعن إمكانية توحيد قيادة الجيش الحر، قال المقداد: « تعمل هيئة الأركان منذ نشأتها على خلق بنية تنظيمية منضبطة للجيش الحر إذ أخذ اللواء سليم إدريس رئيس الهيئة على عاتقه، مسؤولية مأسسة (الحر) عبر توحيد اللباس وتطوير الخطط، ودراسة جبهات القتال، لكن ما يحول دون تحقيق ذلك ضعف التمويل»، على حد قوله. وأوضح المقداد أن «هناك الكثير من الخطوات عمل بها لتحقيق هدف المأسسة، إذ شكلت غرف عمليات مشتركة للتنسيق بين الكتائب المقاتلة، إضافة إلى ضبط القتال مع النظام بخمس جبهات تحصل على السلاح عبر مجالس عسكرية تؤمن احتياجاتها من الذخائر وفق الحاجة». ويشار إلى أن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وضع على جدول أعمال اجتماعاته الأخيرة مسألة إنشاء جيش وطني ما آثار انتقادات لاذعة من قبل القيادة العسكرية العليا للجيش الحر التابعة لهيئة الأركان إذ اعتبرت القيادة أن «الجهة المخولة بتشكيل الجيش الوطني في سوريا المستقبل هي القيادة العسكرية العليا»، داعية «الائتلاف إلى التنسيق معها».

مشاركة :