أكد المدير العام لـ«صندوق النقد العربي» عبدالرحمن الحميدي، أن أخطاراً متزايدة تحيط بالنظام المالي العالمي، ترتبط بالتأثير المحتمل لارتفاع معدلات الديون العامة والخاصة، واحتمالات فقدان بعض الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة زخم النمو المُحقق خلال السنوات السابقة. وحذر أيضاً من الأخطار الناتجة عن تراكم مواطن الهشاشة المالية في هذه الأسواق، إذ شهد العام الحالي اتساع نطاق التوترات الناتجة عن القيود المفروضة على حركة التجارة الدولية من قبل الاقتصادات الرئيسة. وقال الحميدي في كلمة خلال افتتاح «المؤتمر المصرفي العربي» السنوي لعام 2018 الذي عقد في بيروت أمس حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص: «إن الديون العامة والخاصة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، ما بات يمثل سمة من أبرز سمات الاقتصاد العالمي حالياً، قد تؤثر في التعافي الاقتصادي العالمي والاستقرار المالي في ظل وصول مستويات الدين العام والخاص إلى مستويات قياسية مقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية العالمية». وأشار إلى أن «نسبة ديون المؤسسات غير المالية إلى الناتج المحلي في الدول النامية واقتصادات الأسوق الناشئة ارتفعت من 139 في المئة عام 2010 إلى نحو من 200 في المئة عام 2017، لاسيما في الصين، حيث ارتفعت نسبة ديون القطاع غير المالي من 180 إلى أكثر من 250 في المئة من الناتج المحلي». أكد الحميدي أن «الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة تواجه أخطاراً ناتجة عن عدد من العوامل الخارجية والداخلية، من شأنها في حال حدوث أي صدمة أن تؤثر في الأسواق وتُضعف مستويات ثقة المستثمرين، وأن تنعكس بشكل كبير على أداء هذه الأسواق». ولفت إلى أن «الفترة السابقة، التي اتسمت بانخفاض أسعار الفائدة، شهدت تراكم الديون العامة والخاصة في عدد من هذه الدول، ومع بدء العودة إلى المسارات التقليدية للسياسة النقدية وجولات الرفع المتتالية في الولايات المتحدة، يقدر أن يواجه بعضها تحديات كبيرة، لاسيما تلك التي تتسم بهشاشة معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع العجوزات الداخلية والخارجية ومحدودية الحيز المالي، ما قد يؤثر في أسعار الفائدة والصرف لديها». وشدد الحميدي على ضرورة «رفع الدول العربية معدلات النمو إلى مستويات تتجاور 5 في المئة لتحقيق خفض ملموس في معدلات البطالة المُتصاعدة، والتي بلغت 15 في المئة عام 2017، ما يزيد على ضعف المعدل العالمي البالغ 5.7 في المئة، كما أن بطالة الشباب العربي التي تبلغ 27.3 في المئة، تعتبر الأعلى في العالم». وأكد على أهمية «الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية بهدف تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية للدول العربية، وتهيئة بيئة مواتية لنمو أنشطة القطاع الخاص لخفض تكاليف المعاملات، وتبسيط إجراءات البدء في المشاريع وتسهيلها، وحماية حقوق الملكية، وإنفاذ العقود، وحماية المنافسة». ودعا إلى «مواصلة جهود دعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تعزيز توظيف التقنيات المالية الحديثة، بما يساهم في تطوير خدمات ومنتجات المؤسسات المالية والمصرفية الموجهة لهذا القطاع». واستلم الحميدي جائزة «الرؤية القيادية لعام 2018» لاتحاد المصارف العربية في حفلة خاصة بحضور رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري ورئيس مجلس اتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح، وذلك تقديراً لإنجازاته وعطاءاته ودوره في تعزيز التنسيق والتعاون بين السلطات الاقتصادية والمالية والنقدية في الدول العربية.
مشاركة :