كانت احتفالية الاثنينية أمس احتفالية اكايديمية بكل ما تحمل من معنى فضيف الاثنينية الثقافية هو الدكتور محمد خير البقاعي احد كبار المترجمين العرب والذي ترجم بحوثا من الفرنسية الى العربية. حضور الاثنينية في تلك الليلة هم خليط من الاكاديميين والدبلوماسيين والقناصل المعتمدين في مدينة جدة مع كوكبة من رواد الاثنينية والاساسيين معالي الدكتور رضا عبيد ومعالي الدكتور مدني علاقي وعدد من المثقفين والاعلاميين الذين جاءوا لتكريم المحاضر بكلية اللغة العربية الدكتور محمد خير البقاعي.وتحدث في الامسية صاحبها الاستاذ عبدالمقصود خوجة وقال:نسعد اليلة بتكريم الاكاديمي والباحث والمترجم الذي اتخذ اللغة جسر تواصل ممتداً بين الثقافات تحقيقاً وتحليلاً ودراسة الدكتور محمد خير البقاعي المحاضر بكلية اللغة العربية بجامعة الملك سعود فأهلا وسهلا ومرحباً به. اهتم ضيفنا الكريم بمتون النصوص الادبية يحلل دلالاتها ويفسر اشاراتها ويقرؤها قراءة نقدية ما بين السطور بعيداً عن الصورة النقدية التقليدية التي تجنح في معظم الاحيان الى السطحية والانطباعية جاعلاً من القارئ ناقداً يبحث ويؤول ويكتشف المعاني بل ومشاركاً في تحليل النصوص وهو بهذا - اي ضيفنا الكريم - يحزو آثار الغربيين الذين سبقوه في التعامل مع الاثر الادبي عبر تنشيط فهم التراكيب اللغوية وسد فراغات الغموض المعرفي معززاً ذلك بترجمة كتاب "آفاق التناصية" التي تعني بتداخل النصوص وتفاعلها فقد اخضع في ترجمته مسلمات الكتابة التقليدية الى النقد الادبي بابعاد تتجاوز حدود الكلمات لتستقر في جذور المعاني ودلالات اللفظ مهتماً بمراعاة ثقافة النص المترجم فالنصوص لديه ليست قوالب جامدة صلدة بل كائنات حية تتجدد بتعاقب الزمان واختلاف المفاهيم والنسق الحضاري وتتطور تبعاً لحركة المجتمع وتبدل التطورات الحضارية مستصحبا النقد الفني لاسناد البناء المعرفي والتذوق الجمالي لقيمة الاثر الكتابي. اهتم ضيفنا الكريم بترجمة صفحات من تاريخنا الاجتماعي وتفاعلنا الحضاري ونظامنا الاقتصادي من خلال كتاب (تاريخ الوهابيين من نشأتهم الى عام 1809م) وكتاب (جزيرة العرب : ارض الاسلام المقدسة وموطن العروبة وامبراطورية البترول) وغيرها فاتحاً امام قارئه بوابة للتواصل مع الآخر وكوة يطل منها الى ماضينا بالصورة التي استوعبها الرحالة دون ان يخل بروح الافكار او يتدخل في صياغة المعاني التي قد تكون مناقضة للواقع في بعض مظاهرها او مجافية للحال في زوايا اخرى ملتزما الاخلاص المعرفي والحقيقة الادبية التي تملي على ناقل النص اعمال امانته العلمية ليعرج الى روح النص في كتاب "رحلة فتح الله ولد أنطون الصايغ الحلبي الى بادية الشام وصحاري العراق والعجم والجزيرة العربية" وهو سفر - وان اختلفت حوله الآراء - ظل يأخذ لنفسه حيزا في ذهن المثقف الغربي تجاه الواقع العربي مما يبرز ترجمته ونقله مرة اخرى الى لغته العربية اعمالاً للفكر معززا اتجاهه في الترجمة التاريخية بكتاب (الباقيات قراءات تراثية) الذي تناول فيه تراث الفيروز أبادي وقضايا التدليس وسرقة النصوص دفاعاً عن اصالتنا التراثية وتراثنا المعرفي الذي اصبح مصدر الهام لكثير من النصوص العالمية كما في كتاب "ألف ليلة وليلة" الذي جعل منه الادب الغربي مرجعاً لكثير من فلسفاته ومواعظه التاريخية، مما يعزز تلاقح الحضارات الانسانية ويؤكد في ذات الوقت - فضل حضارتنا على حاضر الثقافة العالمية. وضيف الاثنينية الدكتور محمد خير البقاعي حاصل على الدكتوراه في علوم اللغة من جامعة ليون الثانية من فرنسا بتقدير شرف عام 1992م. وعمل مدرسا في اكاديمية مرسيليا اكس ان بروفا نس عام 1989 وعمل مدرسا مؤقتا للتعليم والبحث في جامعة ستاندال بفرنسا واستاذ الدراسات اللغوية والنقد الادبي في جامعة الملك سعود من عام 1996م وحتى الآن. وحقق كثير من الدواوين منها ديوان دريد بن الصمة وديوان محمد بن حازم الباهلي وديوان محمد بن بشر الخارجي وديوان وضاح اليمن وترجم العديد من الكتب من الفرنسية الى العربية منها الرواية في القرن العشرين والقرآن والعلم المعاصر وآفاق التناصية المفهوم والمنظور ولذة النص ورحلة الحجاز في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
مشاركة :