اتحدت أوروبا وتضامن معها العالم بعد الهجوم الإرهابي على صحيفة (شارلي ايبدو) الفرنسية في مسيرة مساء يوم الأحد الماضي حوالي (3,3) مليون متظاهر للتنديد بالإرهاب الذي بدأ يهدد أوروبا، ووسط هذه التظاهرة العالمية برز سؤال: لماذا لا تعترف فرنسا بالدين الإسلامي كدين على أراضيها مثل اعترافها بالدين المسيحي واليهودي؟. إذا اعترفت فرنسا بالدين الإسلامي كدين على أراضيها الفرنسية ضمن الأديان الأخرى ستضطر الدولة على حمايته والمحافظة على حقوق الأشخاص معتنقي الديانة الإسلامية بالأنظمة والقوانين، والدعم الحكومي: بناء المساجد وحماية المعتقد والأشخاص والفكر والثقافة الإسلامية. ولا تتيح لمعتنقي الديانات الأخرى التهكم والسخرية كما هو حاصل مع الدين الإسلامي الآن من التعرض للرسول محمد صلى الله عليه وسلم والفكر والمعتنق. هذا الاعتراف ليس في فرنسا وإنما يجب أن يتم في معظم أوروبا ذات الكثافة الإسلامية، فلا أحد يبرر الإرهاب والقتل، أيضا لا أحد يبرر مضايقة المسلمين في فرنسا ممن هم من حملة الجنسية الفرنسية وأبناء المهاجرين الأوائل والجاليات الإسلامية, وتعريضهم للإيذاء والعدوان بسبب الدين لجالية ومواطنين تعدادهم تجاوز (10) مليون نسمة في فرنسا. مثل هذه الحوادث المؤلمة لابد أن تقودنا إلى التصالح ليس فقط من الجانب الإسلامي بل من الجانب الأوروبي الذي تجمعت قياداته متشابكة الأيدي ضد الإرهاب، فالدين الإسلامي في الغرب أصبح واقعا، وأصبح الشمال الإفريقي بدوله العربية هو حزام أوروبا الجنوبي، وهو أيضا سياجه الحديدي ضد زحف دول وشعوب القارة السمراء، فالصراع لن ينتهي وسيطول حتى وإن أجرى الاتحاد الأوروبي تعديلات على (شنقن) خاصية التنقلات بين دول الاتحاد بدون إجراءات داخلية والاكتفاء بإجراءات الدخول الخارجي، وأيضا إذا زادت بالخطوات الأمنية على المشتبه بهم، فلابد من إعادة النظر في واقع الإسلام في أوروبا والاعتراف به من أجل حمايته من استفزاز جميع الأطراف، ففي مظاهرات يوم الأحد الماضي تم رفع نسخ من صحيفة شارلي ايبدو التي تتضمن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم، مما حدا بغياب دول وشخصيات إسلامية وعربية عن المشاركة في التظاهرة تعبيرا عن رفضها لاستمرار نهج الإهانة الموجهة للرسول العظيم والدين الإسلامي. بلا شك أن أوروبا تدرك جيدا أنها أصبحت في محيط إسلامي كبير من الدول والسكان فلابد من مصالحة هذا المحيط والمدخل للمصالحة هو احترام وحماية الدين الإسلامي ومشاعر المنتسبين له.
مشاركة :