توصيات الشوريات 2-4 تنظيم الأسرة والأرقام المخيفة! - فاطمة العتيبي

  • 1/14/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

«تبلغ نسبة المواليد في السعودية بحسب إحصاءات الأمم المتحدة 24.9 لكل ألف نسمة، متفوقين بذلك على نسب المواليد في الهند 23.00 ومصر 24.2. ووصل عدد المواليد في السعودية حسب مانشرته مصلحة الإحصاءات 254,750 ألف مولود في عام 2013. ويبلغ إجمالي عدد المواليد في السعودية على مدى الخمس سنوات الماضية قرابة 1.8 مليون مولود سعودي». السعوديون وغير السعوديين على هذه الأرض المباركة يحتاجون أن يؤيدوا ماطرحته شجاعة الشوريات المثقفة الدكتورة لطيفة الشعلان من وجهة نظر قوية جدا دوى لها المجلس تصفيقا وهي تتلو بيانا عن أهمية قبول ماورد في الوثيقة السكانية حول ضرورة تنظيم الإنجاب، وأبلت معها الدكتورة خولة الكريع بلاء حسنا ودعمت هذه التوصية. وحيث إن أمر التوصية لم يحسم بعد لكن يشكر للشوريتين وقفتهما في وجه من سعى لإسقاط هذه التوصية التي اشتملت عليها الوثيقة السكانية. ولمزيد من إثارة النقاش حول تنطيم الإنجاب أتحدث اليوم عن بعض الجوانب: أولا-الآثار السلبية للانفجار السكاني ليس لها علاقة بالغنى والفقر في الدول والمساحة والعدد بل هي مرتبطة بتدافع جيل في عمر معين على خدمات بعينها مما يؤدي إلى قلة العرض وكثرة الطلب ومن ثم تدن فادح في الخدمات. ثانيا - الزواج هو عقد بين طرفين يقوم على تحقيق السكينة والمودة بين الزوجين والتراضي في تسيير حياتهما بما يكفل دوام هاتين السمتين وهما لن يتحققا إلا بتنظيم وتقنين عدد الأطفال والولادات والمدد بينها فالسكينة هي أحد مقاصد الزواج على نحو ما يوضح القرآن الكريم، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. ثالثا - الذرية هي هدف من منظومة أهداف بناء وتكوين الأسرة لكنها ليست الهدف الوحيد {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]. رابعا - أرى استبدال مصطلح تنظيم الإنجاب بمصطلح يقبل اجتماعيا وثقافيا وهو تنظيم الأسرة ويشتمل على عدة جوانب من أهمها تنظيم الأسرة اقتصاديا وثقافيا وصحيا ويدخل معها كلها تنظيم الولادات للأطفال {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة 233]، ثم تأتي مدة الحمل تسعة أشهر فمعنى هذا أنه سيكون بين الولد السابق والولد التالي ثلاثة أعوام تقريباً، وهي مدة تستريح فيها الأم، وتعاون على تنظيم الأسرة بطريق غير مباشر.وهذا هو الحد الأدنى ولاتثريب في الاجتهاد فيما لانص فيه. لأن كثرة الإنجاب مرتبطة بالتغير والتبدل في الأحوال و الوعي الصحي والثقافي والاقتصادي لدى الزوجين. خامسا - إن زيارة واحدة لعيادات أمراض النساء في المملكة تكفي لإعطاء مؤشر خطير عن حجم الاستهلاك الصحي للنساء في أواخر الأربعينيات وكيف يبدين كنساء في السبعين بدون مبالغة نتيجة تدهور صحتهن العامة بسبب كثرة الإنجاب وقلة المدة بين الولادة والأخرى ممايؤدي إلى هشاشة في العظام وارتخاء في عصب المثانة وتهتك ونزول في الرحم إضافة إلى الاكتئاب الحاد نتيجة الشعور بتسرب أيام العمر وسأم الزوج ونفوره من بكاء الصغار وشقاق الكبار. وكثير من البيوت السعودية الضيقة تضج بالأطفال المتحاشرين مع أم استهلكها الزمن وأب فرّ من كل هذا لقلة حيلته ونفاذ صبره! سادسا - لابد من تجديد الخطاب الديني وطرقه لمثل هذا الموضوع الحساس برؤى واقعية تعيد للاجتهاد وزنه في الفكر الإسلامي المعاصر كما يلزم على العلماء الإفراج عن النصوص التي يمكنها مزاحمة الموروث الآحادي الذي جعلنا نعرف من الأحاديث وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته الكرام وسيرة فقهاء الأمة مايتوافق مع القول الآحادي وغيب عنا ماعداه مع الثراء المعرفي الهائل في تنوع الحياة الفكرية الإسلامية ومدارسها المختلفة. فمن حقنا أن نتساءل عن عدد الذين سمعوا عن قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «جهد البلاء: كثرة العيال مع قلة الشيء» وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: «تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء « لاحظ أن محمد عليه الصلاة والسلام تعوذ من كثرة الأولاد مع وجود الحالة المادية المتدنية!!!. أنا لن أقول مثل ماقالت الزميلة خفيفة الظل سمر المقرن في حديث لها للعربية: «يجب ألا يترك الأمر هكذا بدون مساءلة للمنجبين». لكني أقول الموضوع ثري جدا ومهم، ويتطلب تعاضد كافة مؤسسات المجتمع لتوعية الأسرة بضرورة التنظيم ليس خوفا من الإملاق بل سعيا للهدوء والسكينة والمودة والرحمة والصحة النفسية والبدنية فالأسر الصغيرة عادة تمتلك الوقت كي تحب أفرادها وكي يحب الفرد نفسه ويحب وطنه على الوجه المطلوب. تنويه: سلسلة توصيات الشوريات سيكون موعد نشرها في هذه الزاوية هو الأربعاء بإذن الله.

مشاركة :