(القدم السكري) هو تعبير يطلق على تلوث او تقرح القدم الناتج عن مضاعفات مرض السكري. ان مرض السكري هو احد الامراض الشائعة جدا في العالم وفي مجتمعنا على وجه الخصوص وذلك نتيجة لعوامل بيئية مثل طبيعة الطعام ونظام الحياة وعوامل وراثية ويؤدي هذا المرض الى معاناة ومضاعفات تبتلع جزء هام من وقت وموارد وميزانية النظام الصحي حيث ان عدد المصابين به على مستوى العالم يبلغ حوالي 400 مليون نسمة ويتسبب هذا المرض في وفاة حوالي مليوني شخص سنويا. لايمكن تلخيص هذا المرض بأنه مجرد ارتفاع في نسبة السكر بل ان هذا الخلل يصاحبه عدم تمكن حوالي ثلثي خلايا الجسم من الاستفادة من السكر الموجود كما يؤدي الى تغيرات في العمليات الكيميائية بالجسم ويؤدي ذلك على المدى الطويل الى حدوث مضاعفات على عدد كبير من اجهزة واعضاء الجسم تشمل الاعصاب والاوعية الدموية والكلى والعيون والقلب وجهاز المناعة. و لعل اشد المضاعفات شيوعا في مجتمعنا هي القدم السكري والتي تبدأ عادة بجرح او اصابة او حرق بالقدم وتتفاقم المشكلة بالقدم بدون ان يحس المريض بها نتيجة لخلل الاعصاب الناتج عن مرض السكري. العامل الاساسي الذي يحدد مسار المريض بعد ذلك هو المرحلة التي وصلت اليها حالة القدم عند حضور المريض للطبيب فاذا كان المريض وعائلته واعين للمرض فان المريض يحضر في مرحلة مبكرة قبل انتشار الالتهاب واستفحاله وفي هذه الحالة فان التحكم بهذا الالتهاب يكون نسبيا اسهل وقد يستجيب المريض للادوية فقط بدون الحاجة الى تدخل جراحي او قد يحتاج الى تدخل جراحي بسيط لتنظيف الجرح. على العكس من ذلك فان بعض المرضى يحضر في حالة متاخرة جدا وفي وضع سيئ بل وفي حالة تسمم و تكون العلامات الحيوية متدهورة وفي هذه الحالة لا يكون لدى الطبيب مفر من عمل بتر تحت او فوق الركبة حسب المدى الذي وصل اليه الالتهاب. غالبية حالات القدم السكري تحضر الى الطبيب في وضع متوسط بين الوضعين السابقين وفي هذه الحالة يقوم الطبيب باعطاء المريض مضادات حيوية مناسبة وادوية الانسولين كما يقوم بالاجراء الجراحي المناسب لذلك الوقت. * ما هي العقبات التي يواجهها الطبيب المعالج في هذه الحالة ؟ - اول عقبة يواجهها الطبيب هي التحكم بنسبة السكر والامراض الاخرى مثل ارتفاع الضغط او امراض القلب والتي يعانيها كثير من المرضى وذلك لتحضير المريض للاجراء الجراحي المناسب بدون اضافة خطورة اضافية على وضعه العام. العقبة الاخرى هي وجود امراض مصاحبة احيانا قد تؤثر بشكل مباشر على وضع القدم واهم هذه الامراض هو وجود نقص في التروية الدموية للقدم بسبب تصلب الشرايين مما يؤدي الى عدم استجابة القدم لغالبية الاجراءات الجراحية علما بان مرض السكر يتسبب اساسا في خلل الشعيرات الدموية الصغرى. العقبة الثالثة هي انه وبعد الاجراء الجراحي الاول فانه من الصعب التنبؤ بشكل جازم بالوضع النهائي للقدم حيث ان الجراح يقوم بعمل التنظيف وازالة الانسجة الميتة من القدم الى ان يصل الى انسجة حية ظاهرياً، هذه الانسجة لايمكن ضمان انها سوف تبقى على نفس الوضع بعد عدة ايام ولذلك فان الجراح يبقي الجرح مفتوحا ويقوم بعمل فحص وغيار يومي للمريض مع مراقبة لوضع هذه الانسجة وفي حال مرور عدة ايام بدون تدهور وضع هذه الانسجة وبقاءها بشكل جيد فان الجراح يقوم بعد ذلك باغلاق الجراح سواء بالخياطة او بعمل رقعة جلدية اما في حال ملاحظة تدهور وضع هذه الانسجة فان الجراح يقوم بعمل تنظيف اخر ثم مراقبتها لايام اخرى. مما سبق يتضح انه ليس جميع المرضى يتم علاجهم بنفس الطريقة وان الصورة لاتكون واضحة او نهائية عند غالبية المرضى بصورة مبكرة ولذلك فان كثيراً من المرضى يبقى بالمستشفى لفترة غير قصيرة قبل ان تتوضح الصورة النهائية. من العقبات الاخرى هي ان بعض المرضى تكون الجراثيم قد وصلت واستقرت داخل عظام القدم وفي تلك الحالة فان الجراثيم تبقى كامنة فترة طويلة من الوقت حتى لو كانت الانسجة الخارجية تبدو بشكل جيد والصعوبة هنا ان المضادات الحيوية لاتتمكن من اختراق العظم بشكل جيد ويكون الخيار هنا اما بمحاولة اعطاء مضادات حيوية معينة لفترة طويلة او ببتر ذلك العظم. ما يهم الجراح في نهاية المطاف هو اولا انقاذ حياة المريض في الحالات الشديدة وثانيا انقاذ مايمكن انقاذه من انسجة واعضاء المريض وثالثا ان يكون المريض في افضل وضع ممكن معه ان يمارس حياته الطبيعية بعد ذلك ورابعا ان يتم توعية المريض بكيفية تجنب حدوث مضاعفات القدم بشكل خاص ومضاعفات السكري بشكل عام. اهم التوصيات التي يجب ان توجه للمريض وعائلته لتجنب حدوث هذه المضاعفات هي ان يكون هناك وباستمرار عناية بتنظيف وفحص القدم ومراعاة نسبة السكر بالدم وان يتجنب المريض لبس احذية ضيقة ويتجنب ايضاً المشي بدون حماية للقدمين كما يجب مراجعة الطبيب عند ملاحظة وجود أي جرح بالقدم حتى لوكان بسيطا كما يجب الالتزام بنصائح الطبيب المعالج وسؤاله عند وجود أي استفسار وعدم الاستماع الى اراء اشخاص غير متخصصين مع التمنيات للجميع بالصحة والعافية. * استشاري جراحة عامة مدينة الملك سعود الطبية