عبثا تحاول ايران تحميل المملكة وزر انخفاض أسعار البترول، والمملكة نفسها متضررة منها، لكن ايران - التي أهدرت ثرواتها على دعم التنظيمات المتطرفة في كل مكان ، وعلى التسلح ، وحرمت المواطن الايراني من فرص التنمية - تستشعر اليوم ثقل أخطائها التاريخية بحق مواطنيها، المواطنين الذين ولدوا منذ الثورة، وهم يحلمون بالدولة، دولة التنمية والاستقرار ، عوضا عن السعار الطائفي ، السعار الذي يحمل الشعب الإيراني الى حدود التاريخ ، لا الى مشارف المستقبل . وبدلا من دولة الرفاه ، وبدلا من أن يسعد المواطن الايراني باستغلال ثروات بلاده تنمويا وايجابيا ، يرى بعينه اليوم ، كيف تبدد هذه الثروة ، وكيف ابتلع الحرس الثوري الدولة ، الدولة التي يجب ان تكون لجميع مواطنيها ، لا للفرس حصرا . بالأمس كانت صرخات مسئولي وزارة الخارجية الايرانية وتحذيراتهم غير الموفقة والمدروسة ، بحق المملكة ، جراء انخفاض أسعار النفط ، كانت هذه التصريحات تبحث عمن تعلق عليه السبب والمشكلة ، كي تقنع الشارع الايراني المحبط ، بأن ما يجري مؤامرة على ايران ، وان الاقتصاد الايراني قادر على تحمل هذه الظروف، وان الاستثمار في ايران قد يصل الى مائة مليار دولار . كل ذلك ذر للرماد في العيون ، كل ذلك تجاوز للواقع والحقيقة، الحقيقة التي لا يجهلها المواطن الايراني نفسه ، فكيف تساهم المملكة في تخفيض الأسعار وهي أول المتضررين ، لكن الاختلاف ، اختلاف في السياسات الاقتصادية . فسلعة النفط تعلو وتنخفض نتيجة لظروف ومعطيات ، ومن أراد السلامة والأمن لمواطنيه ، فعليه ان يحتاط لمثل هذه الظروف، فحجم التبذير الايراني على الخارج كتنظيمات ودول تقتل مواطنيها يصل الى 60 مليارا ، هي من ثروات المجتمع الايراني وهي السبب في انحدار العملة والاقتصاد الايراني . بالأمس شاهدنا كيف ان الرئيس الايراني حسن روحاني لم يجد ما يداري فيه عجز حكومته أمام فقر مواطنيه ، سوى الادعاء بان المملكة ودولة الكويت مساهمون في انحدار أسعار النفط ، وان ايران لن ترضخ ، والسؤال الذي يوجه للايرانيين ، وأهل العلم والاختصاص فيهم : كيف تكون المملكة والكويت مسئولتين عن التراجع الاقتصادي الايراني، أليس السياسات الايرانية هي السبب ؟ كيف تكذب صحف ايران بأن المملكة تعيش على قلق ، وان الفقر في السعودية يتكاثر ، في حين يلمس المواطنون من ايران نفسها أثر التنمية في المملكة بزياراتهم الدينية ، يرون بأعينهم التنمية في الانسان والعمران، فيما يرى العالمون الميزانية السعودية وأبوابها ، وهي معلنة على الملأ الاكبر . على قادة ايران ان يكونوا أكثر مصداقية مع شعوبهم، ان يعترفوا بالفشل السياسي والاقتصادي، ان يعترفوا بأن عسكرة الدولة واختطافها من قبل الحرس الثوري هو المشكلة ، وان طموحات ايران الخارجية التي لا يقتنع بها المواطن الايراني باتت كمن يبتلع السكين . فالخوف الحالي من انهيارات الاعمدة الخارجية ، حال عدم استمرار التمويل الايراني ، وخشية من التداعيات الداخلية بعدما رصد دبلوماسيون وجود بوادر ثورة في ايران ، ثورة الجوع والخبز والحرية والآفاق المستقبلية . في المملكة كنا دائما مع تعزيز التعاون مع دول الجوار ، دول الجوار التي تحترم السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، التي تتشارك قولا وفعلا في صناعة الأمن والاستقرار الاقليمي . وكانت قيادتنا في المملكة السباقة دوما في الصفح وفتح الابواب على مصراعيها إن كانت النوايا صادقة ، لكن من نكث العهود وتراجع عن الاتفاقيات وسمم الأجواء وتدخل في الأمن العربي هم من يلقي أخطاءه على الآخرين ، طمعا في إعادة تعبئة المجتمع الايراني ، الذي ظل طيلة عمر الثورة يعيش تعبئة دائمة ، لم يذق طعم الأمن والاستقرار ، وظلت طهران تحمل على كتفها دعاية تصدير الثورة ، والمؤامرة الدولية ، حتى انكشفت للايرانيين أنفسهم . فالشيطان الأكبر باتت تفتح له الابواب المغلقة ، والمقاومة أصبحت ضد آمال وطموحات الشعوب ، مقاومة طائفية ، أصبحت مرفوضة من الجميع لانكشاف خديعتها . من الأولى لايران الاهتمام بمواطنيها ، ومعالجة مشكلاتها الداخلية أولا ، مع قومياتها التي تناضل للحصول على حقوقها الوطنية المشروعة داخل الدولة ، قبل ان تفكر في الانفصال ، بسبب الدستور الايراني الذي يصنف هذه القوميات من الدرجة الثالثة ، وربما الخامسة.
مشاركة :