عقلنا الجمعي بين "الشعراوي" و"جهيمان"!!

  • 1/15/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حين أنتج الفنان الراحل العظيم/ مصطفى العقاد فيلم (الرسالة)، بتمويل غربي (يهودي ونصراني)! كان يعرف وضع الفكر والوعي في شعوبنا الشرقية، ويدرك أنه لن يستقبل بالورد في أمةٍ تحرِّم حتى الورد! فأقام عرضاً حصرياً قبل بدء العروض الجماهيرية، دعا إليه بعض العلماء، كان في مقدمتهم الإمام الأعظم/ محمد متولي الشعراوي، الذي لم يكن وقتها مجرد فقيهٍ، بل وزيراً للأوقاف في حكومة السادات، إضافةً إلى أنه من رجال الأعمال المرموقين، وهو صاحب فكرة (المصرفية الإسلامية)، التي تبناها صالح كامل! فكان جديراً بأن يفكر ألف مرة، قبل أن يستفز الجماهير التي تغلب عليها الأُمِّيةُ، وتحركها العاطفة الجاهزة للانفجار بيد أول من يهيجها ضده، بدعوى أنه أشعري عقلاني اسم الله علينا! أو متساهل في الفتوى! بل بغلة سلطانٍ قاد الانفتاح الاقتصادي في مصر!! مع كل هذا لم يعلن خلوَّ الفيلم من المحظورات والمحذورات الشرعية وحسب، بل ودعا إلى مزيد من هذه الأفلام، وحضَّ الدول على دعم هذا التوجه الثقافي الجاد؛ لرفعة الأمة الإسلامية وتقدمها! ولكن (عقلنا الجمعي) لم يعبأ به؛ لأنه يقترح خطة صعبة، تحتاج للصبر والتأني، لا تنسجم مع انقيادنا السريع السهل، للمنع والتحريم، عملاً بـ(درء المفاسد)، وأخذاً (بالأحوط)؛ لتجنب السخط الشعبوي، الذي أثارته فتاوى لم يشاهد أصحابها الفيلم، بل اكتفوا (بالسماع) مِمَّن يثقون في صلاحه وتقواه! واضطر العقاد فيما يملك، لتعديل سيناريو الفيلم حتى أصبح فيلم (ديكو دراما) وترجمتها: دراما وثائقية! فعل ذلك رضوخاً لغوغائية كاسحة، وهو الفنان العظيم الذي ظل يفخر بأنه رفض تدخل بعض رجال السلطة، (كالقذافي)، في عمله!! أما العقل الجمعي (ثقافة القطيع إن شئت بعد الاعتذار لأي قطيع) فلم يكتفِ بتسليم نفسه لبعض الفقهاء الرسميين هنا وهناك، وإنما بلغ ذروة الهياط، على يد السعودي جهيمان، بحركته التي كانت ستمرُّ مرور الكرام وأمن الطرق، لولا أن العقل الجمعي تبنى أفكاره بعد موته، بتحريم الفن والتلفزيون والموسيقى! فأُلغيت دُور السينما، والمسرح، وفُرِّغ التلفزيون من محتواه الفني والفكري! وما زال العقل الجمعي مخلصاً لتلك الأفكار؛ رغم تكشَّف ما جرَّته على الأمة من دعشنة بائسة!! نقلا عن مكة

مشاركة :