نك كلايتون كاتب صحفي بدأ البطل الرياضي جيف تيمبل ارتداء جهاز رصد اللياقة البدنية منذ عامين عندما قدمته له شركته كهدية سنوية. كان بإمكان تيمبل أن يختار سترة من علامة تجارية مشهورة، أو حقيبة تُحمل على الظهر، لكنه، مثل 150 موظفا في شركة أبيريو للكمبيوتر، اختار جهاز رصد النشاط الحركي جاوبون، وعضوية في برنامج كلاودفيت الرياضي ذي الصلة، في محاولة لاستعادة لياقته البدنية. ويقول تيمبل، مدير التسويق الميداني بشركته والبالغ من العمر 33 عامًا: كنت نشطاً جدًا حتى أنني أكملت سباق ترايثلون الرجل الحديدي (وهو سباق ثلاثي يشبه الماراثون ومسجل بالألعاب الأولمبية)، لكن يبدو أنني أحرقت الكثير من السعرات حينها. وأضاف: ثم توقفت لمدة سنتين وأصبحت خاملا جدا. لكن جاء برنامج كلاودفيت وأعاد إلى النشاط، ووضعني على الطريق الصحيح مجددًا. ويشجع هذا النوع من التحفيز المزيد من الشركات على تقديم أجهزة رفع اللياقة البدنية كأداة لرفع المعنويات أيضا، وعلى كل حال، يكون الموظف الذي يتمتع بصحة جيدة منتجا أكثر من غيره. وتقدم شركتي نايكي وسامسونغ وغيرهما من الشركات منتجات مثل فيت بيت وجاوبون للموظفين الراغبين، وغير الراغبين أحيانًا على سبيل المرح، وأحيانا على سبيل رفع اللياقة البدنية وتحسين الأرباح. وكان لهذه الوسائل أثر جيد في بعض الشركات، لكنها لم تُجد مع غيرها، إذ تتيح هذه الأجهزة فرصة لصاحب العمل لتتبع ورصد كل خطوة من خطوات موظفيه، مما يمثل عامل إرباك ولو بشكل طفيف. والأكثر من ذلك أن التكنولوجيا ليست مثالية، وهناك مخاوف من انتهاكاها للخصوصية بالنظر في جميع البيانات التي تجمعها أجهزة تتبع اللياقة البدنية تلك. ومع ذلك، يجني جيف تمبل الفوائد من هذا الجهاز، إذ أنه يحدد الآن لنفسه هدفا كبيراً يتركز في السير لمسافة تبلغ 20 ألف خطوة يوميًا، وعادة ما يحقق نحو 15 ألف خطوة بشكل رائع. بالإضافة لذلك، يقدم البرنامج الرياضي لشركة أبيريو للكمبيوتر، والتي انتقلت من استخدام تطبيق جاوبون إلى تطبيق فيت بيت بناء على طلب موظفيها، خاصية تعقب التدريبات والدعم الغذائي، وتشجيع الموظفين على الدردشة على الإنترنت عن إنجازاتهم والدخول في مسابقات منتظمة. وقال تمبل إن المسابقات تضم موظفين من مكاتب عالمية من جميع المستويات والمواقع معا في فرق واحدة اختيرت بشكل عشوائي للتنافس على الانترنت. وأضاف لقد لاحظت تغييرًا محفزًا في سلوكي، ويمكن أن ترى ذلك عندما كنتُ أذهب بالسيارة لمحل البقالة، كنت أقف في مكان أبعد قليلا حتى أتمكن من السير لخطوات أكثر. الجانب السلبي ساعد عامل الشعور الجيد في تحقيق جهاز تتبع اللياقة البدنية شهرة وشعبية، على الرغم من أن 10 في المئة فقط ممن لديهم الجهاز يستخدمونه كل يوم، بحسب ما جاء في أحدث استقصاء أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز. وقال جوناثان كولينز، المحلل الرئيسي للأبحاث في شركة إيه بي آي: تُمَول برامج الرعاية الصحية للشركات بشكل جيد، وتحظى بقدر من الاحترام، كما أنها محبوبة، خاصة في الولايات المتحدة، على الرغم من عدم وجود أدلة دامغة على فعاليتها. ويرى كولينز أن نحو 13 مليون من أجهزة تتبع اللياقة ستدخل في برامج الشركات بالولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2018، مقارنة بحوالي 200 ألف جهاز فقط في عام 2012. والدافع وراء الكثير من هذا التوجه هو التكلفة العالية لشركات التأمين الصحي في الولايات المتحدة. وفي الوقت الحاضر، يمول مقدم الرعاية الصحية في شركة بيريو برنامج العناية الصحية للشركة، لكنه يبقى اختياريا كليًا للموظفين، ولا توجد مزايا مالية للموظفين الذين يختارونه أو تفرض عقوبات على أولئك الذين لا يختارونه، ومع ذلك انضم أكثر من نصف موظفي الشركة البالغ عددهم ألف عامل، للبرنامج. ونظرًا لازدياد شعبية أجهزة رصد اللياقة البدنية، تنخفض أسعارها، بل وتظهر المزيد من الشركات التي توفرها بالأسواق. معلومات أكثر من اللازم اعترف المصنعون بأن أجهزتهم لا يمكنها قياس كل ممارسة على نحو مثالي، خاصة إذا لم يمكن تقسيم العمل إلى خطوات، حتى أنها تسمح للمستخدمين باستكمال السجلات عبر الإنترنت مع بعض التفاصيل الخاصة بهم. ويمكن لمستخدمي هذه الأجهزة، على سبيل المثال، تضمين بيانات متعلقة بجوانب مثل الوزن، وممارسة التدريبات الأخرى، وتمارين اليوغا، أو حتى ما يحدث أثناء النوم في الفراش. وهذا لا بأس به إذا بقيت تلك البيانات خاصة بك وحدك، لكن ماذا يحدث لو جرى مشاركتها مع أصدقائك، أو رئيسك في العمل، أو على شبكة الانترنت؟ في عام 2011، اكتشف الفني والمدون أندي بايو أن بحثا بسيطا على محرك غوغل قد يعرض تفاصيل الحياة الجنسية لمستخدمي تطبيق فيت بيت، فقامت الشركة بسرعة بإزالة النشاط الجنسي كخيار للتبع، وأتاحت للمستخدمين اختيار الأنشطة التي يريدون مشاركته. كانت هذه الهفوة بمثابة درس مفيد لكبار المصنعين، التي تؤكد الآن على سياسات الخصوصية الخاصة بالعملاء. ويقول ممثل شركة فيت بيت لموقع بي بي سي كابيتال: إننا دائمًا ملتزمون بحماية خصوصية المستهلك، والحفاظ على البيانات آمنة. وأضاف: لقد أمضينا الأشهر القليلة الماضية في العمل على تحديث سياستنا بشأن الخصوصية لتوضيح ممارساتنا، وتوفير الشفافية لعملائنا. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف حول احتمال حدوث خروقات للبيانات، حيث تنقل أجهزة التتبع البيانات التي يمكن اعتراضها باستمرار، وغالبًا ما تكون هذه البيانات غير ضارة لأنها تدور على سبيل المثال حول عدد الخطوات التي مشاها الفرد. لكن تعتبر أحدث الأجهزة التي يمكن إرتداؤها بداية لجمع معلومات صحية أكثر تفصيلاً، والتي قد تقع بحوذة الشخص الخطأ، وقد يساء استخدامها، وفقًا لما جاء على لسان كانديد ويست، الباحث في مركز سيمانتيك للأبحاث الصحية. ويضيف ويست: قد يكون من المثير للاهتمام بشكل كبير عند الذهاب إلى اجتماع مع شركة منافسة معرفة معدلات النبض لدى مديريها التنفيذيين، لأنه يمكن أن يكون بمثابة نوع من أجهزة كشف الكذب أو على الأقل مؤشر للتوتر، وبالتأكيد سوف أسأل أعضاء مجلس الإدارة عما إذا كان ينبغي عليهم استخدامها أم لا. انتهاك الخصوصية في يوليو/تموز، نشرت شركة سيمانتيك تقريرا عن برنامج لتتبع النشاط بعنوان: كيف تُحسب حياتك آمنة؟ والتي وجدت أنه يمكن تتبع أي شخص يرتدي الجهاز باستخدام ماسح ضوئي بسيط، وهو ما قام به باحثون لديهم حاسوب صغير، ومحول بلوتوث، وحزمة بطارية، ووحدة تخيزين إس دي. ويفسر ويست، أحد معدي التقرير، ذلك قائلا: يمكن لصاحب العمل شراء مثل هذه الأجهزة ووضعها في نقاط استراتيجية، مثل الباب إلى غرفة التدخين، أو إلى الكافتيريا، ومن ثم يمكنه رصد مدة فترات استراحة القهوة، أو عدد المرات التي يذهب الناس فيها للتدخين. وقال ويست إن نحو 52 في المئة من التطبيقات المرتبطة بالمتتبع ليس لديها سياسة خصوصية، بمعنى أن الشركات لها الحرية في بيع بيانات المستخدمين، إذ يمكن لأصحاب العمل الحصول على هذه الإحصائيات مجهولة المصدر ليتمكنوا من معرفة الموظفين الكسالى، مثلا. ويمكن أن تكون البيانات المأخوذة من الهواتف الذكية وجهاز تتبع اللياقة البدنية بالفعل مكشوفة جدًا، حسبما أظهر باحثون من مختبر التعدين وبيانات الاستشعار اللاسلكية بجامعة فوردهام عند تطوير تطبيق مجاني لنظام أندرويد يسمى أكتي تراكر، والذي صدر في عام 2013. وقال وسيت إنه بالنسبة للنصيب الأكبر، فلا تزال فوائد أجهزة تتبع اللياقة البدنية تفوق التهديدات المحتملة. ويخطط تمبل إلى الاستمرار في استخدام ذلك الجهاز، مضيفًا أنه يتحكم بشكل كامل فيما يتشاركه مع صاحب العمل، حيث لا يكشف عن بيانات النوم، على سبيل المثال. كما أنه لم يُجبر على المشاركة في مشروع كلادفيت للشركة. ويقول تمبل: إذا قررتُ عدم المشاركة في البرنامج لمدة أسبوع، فسوف أخلع جهاز تتبع اللياقة، وأعود إليه عندما أكون مستعدًا. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.
مشاركة :