قراءة ممتعة

  • 1/16/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

اعتدت أن أرسل مقالاتي -التي تنشر في صحيفة «اليوم» الغراء- إلى الأصدقاء والزملاء والمعارف، بشكل أسبوعي، واعتدت أن أكتب عبارة قراءة ممتعة، أو قراءة واعية، أو قراءة ماتعة. بعد الإعلان عن اسم المقال، قبل أيام، هاتفني صديق وأخ عزيز جمعتني الظروف للعمل معه سنوات في بلد أوروبي، واليوم لا يزال يعمل في بلد أوروبي آخر، ولا يزال يستقبل مقالاتي، اتصل بي الأسبوع الماضي، وبعد العبارات المعتادة في الاتصالات بين الأحبة، قال لي استمع إليّ حتى انتهي، وأقول ما لديّ، وبعدها قل ما تريد. في الحقيقة، لم أتوقع أن يحدثني عن تلك العبارات الإضافية في رسائلي الإلكترونية، ولكنه كان يرصد، على مدى أسابيع وأشهر، ما يأتيه مني، وجامل وسكت حتى فاض به الكيل كما أخبرني، وقرر أن يصارحني بالتالي: أنه شكرني لمواصلة الكتابة عن الشأن الليبي من زوايا مختلفة، وهذا كما قال أتاح له مزيدا من المعرفة والدراية بما يحدث في بلد عربي مسلم شقيق، عن طريق شخص يثق برأيه ويركن إلى تحليله. وهذه ربما من باب المجاملات بين الأصدقاء القدامى. لكنه في ذات الوقت، كان يجد في كل المقالات التي تعرضت فيها لتحليل الأوضاع السياسية والعسكرية والأمنية في ليبيا، الألم والمرارة والمأساة، وهذه المعاني -كما أوضح لي- تتعارض مع المتعة والوعي في القراءة. في الحقيقة، أن لدي للصديق مكانة، وللصديق الصدوق الصريح مكانة أعظم، لذا استمعت بإنصات لأخي أبي أحمد، الذي قال لي: كيف تدعوني لقراءة ممتعة وفيها القتل والقصف والتدمير والخراب!، كيف تدعوني لقراءة ماتعة لا تخلو من الخراب والدمار والتهجير! كيف تدعوني لقراءة تطلب مني أن أكون واعيا، وأنا أو غيري قد نفهم أنك تقول إذا لم تفهم ما أقول فأنت متهم ومشكوك في وعيك؟ صديقي قارئ رائع، وشاعر، وصديق نادر، ورجل محب، لذا حملت كل تلك التساؤلات للمرة الأولى منذ أن أتاحت لي الظروف أن أكون أحد الكتاب في هذه المطبوعة، وراجعت معظم ما كتبت فيها، حول الشأن الليبي على نحوٍ خاص، وجدت انه فعلا لا يخلو مما قال صديقي المتابع والقارئ الناقد، وتذكرت المقولة الشهيرة: عندما تكون هناك أعمال مأساوية، فيجب أن يكون هناك من يحللها ويعلق عليها بهدف تقريبها للناس، وإجلاء شيء من الغموض واللغط، الذي غالبا ما يحيط بها؛ لاعتبارات كثيرة. ومن هذا المنطلق، أعود للتأكيد على أن ملاحظات صديقي لا تعني غياب المتعة عما يكتب من الناحيتين الفنية والأدبية؛ لأنهما مواهب وأُعطيت أنا وغيري من الكتاب كل على ما كتب له الرحمن، وهذا ما أكده الرجل. ولأني كنت مستعدا لمواصلة الكتابة حول تطورات الشأن الليبي، ولدي بعض النقاط المدونة عن بعض الموضوعات والتطورات، قلت في نفسي لعلي أعاود البحث في هذه الحصيلة، فربما أجد فيها ما يبهج أو يكون بعيدا عن أجواء الاحتراب والصراع على الثروة والسلطة في ليبيا. فكانت هذه الملاحظات: ثلاثة قتلى وأربعة جرحى في هجوم انتحاري بواسطة سيارة مفخخة، على بوابة أمنية في مدينة اجدابيا الواقعة في المنطقة الشرقية على بعد ١٦٠ كم من بنغازي. المفيد أنه لا تعرف الجهة المنفذة، وأن هذا العمل لم يكن الأول فقد سبقه حدث مشابه في ديسمبر ٢٠١٤. المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي يؤكد لوسائل الإعلام، أن العمليات العسكرية ما زالت مستمرة، وبضراوة، ضد الميليشيات المتطرفة في بعض أحياء مدينة بنغازي؛ للسيطرة على ميناء المريسة الذي تستميت الميليشيات في الدفاع عنه؛ كونه منفذها الوحيد على الخارج، وذكر الخبر أن الجيش يستعين بشباب الأحياء في خوض هذا الصراع الشرس. في تونس تعقد الجهات المختصة لقاءات بشأن تكوين لجنة أزمة؛ لمتابعة اختفاء ثلاثة صحفيين في ليبيا، ترددت أنباء عن اعتقالهم من قبل مليشيات متطرفة في اجدابيا، ولا يتوفر حول مصيرهم أي أنباء! المؤتمر الوطني الذي يسيطر على السلطة في المنطقة الغربية، يعلن أنه يؤجل مناقشة المشاركة في مؤتمر جنيف للحوار إلى الأحد القادم. مصادر تقول إن مثل هذا التصريح قد يعني اعتراض المؤتمر على الحوار وربما على المشاركة! ما يسمى بفرع داعش في ليبيا أعلن مؤخرا عن احتجاز ٢١ شخصا من الجنسية المصرية، جميعهم أقباط في مدينة طرابلس، كما أعلن أن أعضاء التنظيم بدأوا جولات ميدانية في أسواق العاصمة؛ لإزالة مظاهر المنكر كما يُقال. هذا غيض من فيض، يجعلني أعتذر للجميع إذا كان الواقع غير ممتع. مستشار وباحث في الشأن الدولي

مشاركة :