براءة مدير مظلوم

  • 11/16/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: إيهاب عطا لم يصدق مدير أحد فروع بنك داخل الدولة يحمل جنسية آسيوية نفسه عندما نطق قاضي محكمة الاستئناف بحكم براءته من تهمة الاشتراك في جريمة غسل أموال بمبلغ 40 مليون درهم رغم أنه حصل على الحكم نفسه بالبراءة من محكمة أول درجة، لكن أعادت النيابة العامة وضعه في دائرة الاتهام والخطر عندما استأنفت على الحكم الصادر بالبراءة بسبب عدم اقتناعها بأن المدير البريء لم يشترك في التخطيط للجريمة، وأن اسمه زج به في القضية لكونه مديرًا لفرع البنك الذي تم تحويل المبلغ إليه.عاش مدير البنك مع أسرته أيامًا وصفها بالسوداء طوال فترة تداول القضية على مدى شهور تم إيقافه خلالها عن العمل، وتردد اسمه في المجالس كونه متهمًا بتسهيل الاستيلاء على ذلك المبلغ الضخم، فشوهت صورته وابتعد عنه الناس خاصة بعض أصدقائه المقربين، وعانت أسرته العزلة بسبب زج اسمه في القضية، ورغم أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته بحسب نص القانون فإن المجتمع والواقع يقولان شيئًا آخر، فالأبناء عانوا همز ولمز زملائهم في الفصل والمدرسة، وزوجته أصبحت تتحرك في دائرة صغيرة ضيقة بعد أن تهرب منها معظم صديقاتها.كانت الصحف ومواقع الأخبار المحلية تشير إلى شخص المتهم بالتلميح دونما تصريح واشتراكه في الجريمة بناء على تحقيقات النيابة العامة في دبي، والتي انتهت إلى أن المتهم شارك في الواقعة لكونه سهل للمتهمين الثلاثة الأساسيين في القضية الاستيلاء على المبلغ من حساب إحدى الشركات الكبرى، وتعود تفاصيل الواقعة إلى العام 2008 عندما خطط مدير شركة عقارية هو نفسه «المتهم الأول» خليجي الجنسية بمساعدة شخصين أوروبيين «المتهمين الثاني والثالث» في القضية للتزوير والاحتيال على مجلس الشركة التي يعمل فيها لتفويضه والمتهم الثاني في التصرف في المبلغ المستولى عليه، وتسليمه إلى شركة عقارية أخرى تم عقد صفقة بينهما لشراء قطعة أرض بمبلغ 50 مليون درهم.أقنع المتهم الأول مجلس الإدارة بأن المتهم الثاني يعمل محاميًا ولديه مكتب، وسيتم إنهاء كامل الإجراءات المتعلقة بين الشركتين بخصوص تلك الصفقة وتسديد باقي المبلغ، واستطاع أن يحصل على شيك بالمبلغ من إدارة الشركة، وكان في الوقت نفسه بمساعدة المتهمين الثاني والثالث قد أسس شركة أخرى باسم قريب لاسم الشركة المستحقة للشيك حتى يتمكنوا من إيداع الشيك على الحساب الخاص بالشركة الجديدة التابعة لهم، وتم توجيه تهمة المشاركة في الاستيلاء على المبلغ من قبل نيابة دبي العامة للمتهم الرابع باعتباره مديرًا في البنك الذي تم صرف الشيك عليه، وتمكن محامي مدير البنك المتهم من الحصول على البراءة له في القضية في حكم محكمة أول درجة، وكذلك أمام محكمة الاستئناف في دبي والتي أيدت الحكم بالبراءة بعد أن مرت القضية بمراحل عدة بدأت بدعاوى تجارية نظرتها محاكم دبي في عام 2009، وصدرت فيها أحكام ببراءة البنك المشكو في حقه والذي كان المتهم الرابع يعمل فيه، واستند محامي المدير، والذي وصفه بالعبقري، إلى هذا الحكم ودفع بأن أوراق القضية تخلو من أية دلائل تدين المدير المتهم باستثناء رأي مرسل لخبير انتدبته محكمة أول درجة على عكس ما ذهبت إليه لجنة ثلاثية نظرت الموضوع، وأكدت عدم تورط المتهم الرابع «المدير»، وأن التقصير حدث من الشركة المجني عليها، حيث أهملت متابعة مبلغ كبير بحجم 40 مليون درهم، وأن المتهم الرابع أودع قيمة الشيك في حساب الشركة الجديدة التي أنشأها المتهم الأول بمساعدة آخرين كان قانونيًا، ولا يتحمل نتيجة خطأ ارتكبته الشركة، وربما كانت العقوبة بالسجن والإبعاد من نصيب المتهمين الأساسيين في القضية.مرت أيام أخرى عصيبة على المدير الذي تم فصله من عمله ووجد صعوبة في إيجاد عمل جديد بعيد عن البنوك لأنه أصبح من المنبوذين من قبل إدارة البنوك، فلا يقبلون تعيينه لمجرد أن اسمه زج في قضية تمت تبرئته منها، وأصبح السؤال الصعب لا يفارق خياله: من الذي يعوضني عن تلك الخسائر في سمعتي وعملي؟ كل هذا لمجرد أن الرجل وقع على ورقة قيمتها 40 مليون درهم.

مشاركة :