بعد أقل من أربعة أشهر من الآن يحتفل وزير الصحة بعيد ميلاده الستين وفي ذات الوقت إكماله خمس سنوات في سلطة الوزارة. ومع تمنياتنا -لمعاليه- بطول العمر والعافية لا يمكننا أن يمر ذلك «الاحتفال» إلا بتذكيره وهو المؤتمن على سلامتنا وأرواحنا أن العافية التي يتمتع بها -ولله الحمد- سُلبت من كثير من مواطنيه بسبب أخطاء أطباء وزارته وخدماتها، فمن «هيا الشهري» التي سبق الموتُ تباطؤ مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام بالموافقة على علاجها وهي لم تتجاوز الـ 45 عاماً بعد أن التحمت أحشاؤها نتيجة خطأ طبي لأحد المستشفيات الخاصة، التي نشرت «الشرق» معاناتها، مروراً بـ«أمل المطيري» ذات العشرين ربيعاً التي وافتها المنية بسبب نقل دم ملوث مصاب بالملاريا ما أدى إلى ارتفاع إنزيمات الكبد وتعطل الكلى، أما الطفلة «سلاف العمري» (12 عاما) فكانت ضحية لإبرة مخفضة للحرارة، كان الموت أسرع لها من إنهاء استغاثتها لأبيها وإكمالها لعبارة «الحقني يابويا رايحة أموت»!! وانتهاء بـ«رازن» التي لم تكمل الثامنة، التي هي أيضا ذهبت ضحية لأخطاء إحدى المدن الطبية عقب أن وقعت ضحية لخطأين طبيين في مستشفى الملك فهد المركزي بمنطقة جازان عند نسيان الأطباء قطعة شاش في داخل بطنها مدة شهر إلى جانب استئصال القولون، ولم تكن «عروس الحكمي» بأحسن حال رغم صغر عمرها الذي لم يتجاوز 19 عاماً، حيث اكتشفت -رحمها الله- وفاة جنينها في شهره السابع الذي استدعاها لزيارة أحد المستشفيات الحكومية الذي احتج بعدم استقبالها بسبب عدم وجود سرير في بادئ الأمر رغم آلامها -كما ذكر زوجها- وبعد انتظار تم تخصيص أحد الأسرة ولكن ظل الجنين في بطنها أسبوعاً ليتم بعد ذلك إعطاؤها 22 «طلقة» وإدخالها إلى غرفة العمليات من أجل عملية قسطرة فتح رحم دون علم ولي أمرها، لتسلم بعدها جثة هامدة لأسرتها. تلك الأخطاء الطبية التي سلبت حياة كثير منا جعلت الآخرين يعانون من جحيمها طوال حياتهم كما حدث مع طفل «ماضي السبيعي» البالغ من العمر أربعة أعوام من العمر، حيث تسبب خطأ طبي ارتكبه مستشفى رنية العام عند ولادة زوجته، من موت خلايا الدماغ واعتلال في الإبصار، وإدانة المستشفى بنسبة 70%، والطبيب 20%، والممرضة 10% بقرار من المحكمة العامة في الطائف. أما مأساة الطفلة «جوزاء الشمري» ذات الخمسة أعوام فتضيف فصلاً جديداً في مسلسل الإهمال الطبي، فتلك الطفلة ولدت معاقة بخطأ طبي وإصابتها بغيبوبة جعلتها تعيش جثة بلا حراك على أجهزة التنفس الصناعي بعد أن لقيت إجحافا في الخدمة الصحية وتجاهلاً من قبل أحد الأطباء في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام حيث رفض الموافقة على إجراء عملية جراحية لها بعد تحويلها من مستشفى رفحاء المركزي حسب صحيفة الوئام. و«آمنة بلعوص» التي لم تبلغ من العمر الثمانية أعوام -لا تزال حتى كتابة هذا المقال- تئن من آلامها التي أثقلت جسدها الصغير في مستشفى الملك فهد بجيزان منذ عام وتسعة أشهر تنتظر «رحمة» الواسطة لنقلها إلى أحد المستشفيات المتخصصة في الرياض بعد أن عجز أطباء ذلك المستشفى عن انتشال أوجاعها. ولم يكن حال «نسرين الراجحي» ببعيد وهي ابنة الثلاثين عاماً بعد أن تسبب أحد الأطباء في تغيير مجرى خروج الفضلات عقب ولادة جنينها بشكل طبيعي، لتدخل بعد ذلك في معاناة دائمة. في عامك الستين يا معالي الوزير كم نتمنى أن تفرح قلوبنا بأن تكون وزارتك كما نتمناها، أن نجد أسرة لنا عند مرضنا، ودواء لعلاجنا وأطباء أكفاء يحسنون التعامل معنا مع فريقهم الطبي، أن نجد كل الخدمات الطبية دون البحث عن واسطة أو «مرمطة» لطلب إخلاء طبي لنا. كم نتمنى أن تشمل جميع مدننا وقرانا الصغيرة والكبيرة كافة الخدمات الطبية دون تمييز أو «هجولة» سفر إلى المدن الطبية والمستشفيات التخصصية التي لا تفتح أبوابها وملفاتها إلا لعلية القوم وكبار رجال الأعمال.
مشاركة :