شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعا ملحوظا لأول مرة من ثمانية أسابيع وهو ما اعتبره المحللون بداية تماسك وتحسن في أسعار الخام وهو ما أشاع أجواء تفاؤلية في السوق في ضوء تقارير اقتصادية تؤكد أن الأسعار لقيت دعما قويا وهناك بوادر على أن هذه الأسعار المنخفضة بدأت تقيد الإنتاج في بعض المناطق. وقال مختصون نفطيون في تصريحات لـ"الاقتصادية"، إن أسعار النفط بدأت تقترب من مرحلة التعافي بالرغم من استمرار مشكلة الفائض في التأثير على الأسواق، لكنهم توقعوا حدوث ذلك مع بداية النصف الثاني من العام الجاري. ويقول لـ"الاقتصادية"، رجل الأعمال أحمد الصادي، إن السوق لم تصل بعد إلى مرحلة القاع السعري ولكن من الإيجابي للسوق كسر موجات الهبوط المتواصل وتحسين مستوى الأسعار حتى لو كان مؤقتا، لافتا إلى توقعات متشائمة صدرت عن مؤسسة "ميريل لينش" المصرفية تشير إلى احتمال تراجع سعر برميل النفط إلى 31 دولارا قبل الأول من نيسان (أبريل) المقبل، إضافة إلى توقعات أخرى صدرت عن شركة "لوك أويل" النفطية الروسية بتراجع أسعار النفط إلى مستوى 25 دولارا للبرميل. وأشار الصادي إلى حسن تعامل أوبك مع المتغيرات في السوق والسعي بشكل حثيث لضمان استقرار السوق وحماية الحصص السوقية، مشيرا إلى أن "أوبك" تتوقع استمرار تنامى فائض إنتاج الدول الأعضاء من النفط مع استمرار تراجع الطلب العالمي خلال العام الحالي وهو ما يتطلب التمسك بالحصص السوقية وعدم خفض الإنتاج لمصلحة المنتجين من خارج "أوبك". وذكر الصادي أن مشكلة ضعف الطلب ستظل تؤرق سوق النفط في العالم إلى حين تنامى الطلب بشكل جيد في دول الاستهلاك، بعدما توقع تقرير "أوبك" أن الطلب على النفط سيتراجع خلال 2015 مع تراجع الفجوة بين الحاجة العالمية لنفط "أوبك" ونفط الدول غير الأعضاء في المنظمة. ويرى الصادي أن قناعة "أوبك" تزداد يوما بعد يوم باستبعاد فكرة خفض الإنتاج لما تحمله من ضرر اقتصادي أكبر من الوضع الحالي على الدول المنتجة، مشددا على ضرورة أن تتصدى "أوبك" لزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الذى وصل إلى أعلى مستوياته منذ 3 عقود خلال عام 2014. ومن جانبه، أشار لـ"الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن سوق النفط الخام يقترب من مرحلة التعافي والاستقرار بعد موجة طويلة من الانخفاضات بدأت فى حزيران (يونيو) الماضى، لافتا إلى تقرير وكالة الطاقة الذي يؤكد أن السوق قد تواصل نزولها قبل تعافيها لكن توجد علامات بالفعل على أن انخفاض الأسعار بدأ في الحد من الإنتاج في بعض المناطق ومن بينها أمريكا الشمالية. وأضاف ديبيش أن تقلص بعض المنتجين الجدد سيكون إيجابيا دون شك على مستوى الأسعار والطلب على النفط في العالم، مشيرا إلى أهمية استعادة السوق توازنه وانسحاب المنتجين ذوى التكلفة المرتفعة وهو ما حدث بالفعل، حيث تم تجميد بعض الإنتاج وبعض الاستثمارات في الولايات المتحدة بعدما انخفض سعر البرميل إلى أقل كثيرا من تكلفة الإنتاج. وذكر ديبيش أنه لا توجد معلومات دقيقة عن الحد الأدنى الذي ستصل إليه السوق مشيرا إلى أن تقارير اقتصادية أكدت أنه ربما لا يكون هناك تعافٍ وشيك للأسعار، وأن أغلب التوقعات تصب في اتجاه استعادة التوازن في السوق الذي قد يبدأ في النصف الثاني من العام الجاري. وتقول لـ "الاقتصادية"، بيتيا ايشيفا المحللة البلغارية، إن الفترة الحالية تشهد اتصالات مكثفة بين المنتجين في محاولة للتنسيق وحماية سوق النفط من مزيد من الانهيارات السعرية وإنقاذ اقتصاديات الكثير من المنتجين التي تئن في ضوء مستوى الأسعار الحالي. وأشارت ايشيفا إلى بعض التقارير الصحافية التي تحدثت عن لقاء مرتقب بين الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو و نظيره المكسيكي انريكي بينا نييتو لبحث ألهبوط الذي تشهده أسعار النفط ألخام على هامش مشاركتهما في قمة كوستاريكا في نهأية الشهر الجاري. وترى المحللة البلغارية أن فنزويلا قادت عديدا من الاتصالات الناجحة على مدار الأيام الماضية من خلال جولة رئاسية في الصين وروسيا وإيران وقطر والسعودية والجزائر، لافتة إلى أن بعض الدوائر الاقتصادية اعتبرتها حملة دبلوماسية من قبل كراكاس وطهران لخفض إنتاج "أوبك". وطالبت ايشيفا المنتجين بتغيير الاستراتيجية من مرحلة إلصراع الشديد على الحصص السوقية إلى مرحلة التنسيق والتفاهمات والتعاون المشترك من أجل مصلحة الصناعة وأداء أفضل للاقتصاد الدولي وتجنيب الاقتصاد الأزمات الحادة التي تطال الجميع سواء كانوا منتجين أو مستهلكين. ومن جانب آخر، ذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن سعر السلة الذي يضم 12 خاما للدول الأعضاء سجل 43.14 دولار للبرميل الخميس مقابل 41.65 دولار للبرميل فى التعامل السابق في أول ارتفاع ملحوظ منذ سلسلة الانخفاضات الحادة التي حدثت منذ صيف 2014 واستمرت مع بداية العام الجديد. وهوت أسعار النفط نحو 60 في المائة منذ حزيران (يونيو) مع ارتفاع الإنتاج في أنحاء العالم ليفوق الطلب في وقت يشهد ضعفا في النمو الاقتصادي العالمي. وأنهت أسعار النفط للعقود الآجلة الأسبوع على ارتفاع لتتوقف سلسلة خسائر استمرت سبعة أسابيع مع صعودها أمس الأول بدعم من مشتريات لتغطية مراكز مدينة بعد تقارير إيجابية. ولقي النفط مزيدا من الدعم من تقرير آخر من جامعة ميشيجان، حيث أظهر ارتفاع معنويات المستهلكين في الولايات المتحدة لأعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات بفضل انخفاض أسعار البنزين ومكاسب الوظائف. وصعدت عقود الخام الأمريكي الخفيف تسليم شباط (فبراير) 2.44 دولار أو ما يعادل 5.28 في المائة لتسجل عند التسوية 48.69 دولار للبرميل، فيما ارتفعت عقود خام برنت تسليم آذار (مارس) 1.90 دولار أو 3.94 في المائة إلي 50.17 دولار للبرميل. وبالرغم من مكاسب النفط الأسبوع المنصرم إلا أن محللين يستبعدون أن تتعافى الأسعار بقوة قريبا في ظل تخمة في المعروض العالمي أمام طلب ضعيف.
مشاركة :