هبوط النفط فرصة لتخفيض دعم الطاقة وإصلاح الاقتصاد

  • 1/18/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دعت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى جعل العام 2015 «عام الحراك»، بمضاعفة جهود معالجة أوجه الضعف الاقتصادية المزمنة والاستثمار في البنية التحتية، وعقد اتفاقات التجارة وتغير المناخ. وتابعت «إن الاقتصاد العالمي يواجه رياحا معاكسة عاتية رغم الدفعة التي تلقاها من بعض العوامل الإيجابية مثل تراجع أسعار النفط وزيادة قوة النمو في الولايات المتحدة». وقالت لاغارد، التى كانت تتحدث أمام مجلس العلاقات الخارجية في العاصمة الأمريكية، إنه «بعد انقضاء أكثر من ست سنوات على بدء الركود الكبير، لايزال الكثيرون لا يشعرون بتأثير التعافي الاقتصادي. ففي عدد هائل من البلدان، لا تزال البطالة مرتفعة بينما ازدادت عدم المساواة. ولذلك نحتاج إلى دفعة حاسمة للإصلاحات الهيكلية من أجل تعزيز النمو الحالي، بالإضافة إلى النمو الممكن على المدى المتوسط»، مضيفة أن العمل بروح الفريق والقيادة القوية أمرين مطلوبين تحديدا في هذا العام. وأضافت أن الاقتصاد العالمي يواجه في العام 2015 ثلاثة تحديات رئيسية على صعيد السياسات وأنها ستتطلب قرارات تنطلق من شجاعة سياسية، وتحرك حاسم، وتفكير متعدد الأطراف. وتتمثل هذه التحديات في دفع عجلة النمو وتوظيف العمالة؛ وتحقيق نمو مشترك أكثر شمولا لكل شرائح السكان؛ والتوصل إلى نمو أكثر توازنا واستمرارية. وذكرت لاغارد أن هذه القضايا المحورية شديدة الترابط والتعاضد. «فكلها مهمة، وكلها يتطلب قيادة قوية، وكلها يقتضي التعاون». وقالت إن هبوط أسعار النفط تطور مشجع جدير بالترحيب يدعم القوة الشرائية للمستهلكين في البلدان المستوردة للنفط، وأنه من المتوقع أن يزداد تحسن الاقتصاد الأمريكي هذا العام بفضل زيادة إنفاق الأسر على وجه الخصوص. وأشارت لاغارد إلى أن هبوط أسعار النفط يتيح فرصة لتخفيض دعم الطاقة، واستخدام الوفورات المحققة في حماية الفقراء، لكن انخفاض أسعار النفط وتحسن النمو في الولايات المتحدة ليسا علاجا لأوجه الضعف المزمنة في أماكن أخرى من العالم، فالعديد من البلدان لا يزال مثقلا بتركات الأزمة المالية، بما في ذلك مستويات الدين والبطالة المرتفعة. والعديد من الشركات والأسر يواصل تخفيض الاستثمار والاستهلاك اليوم لأنه يشعر بالقلق إزاء النمو المنخفض في المستقبل. وقالت إن النمو العالمي لا يزال شديد الانخفاض وشديد الهشاشة وشديد الافتقار إلى التوازن، وأكدت أن هناك مخاطر كبيرة تهدد مسيرة التعافي الاقتصادي، ولذا فمن الممكن أن تتعرض الاقتصادات الصاعدة والنامية لضربة ثلاثية من ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار الفائدة العالمية وزيادة تقلب التدفقات الرأسمالية؛ ولذا يمكن أن تظل منطقة اليورو واليابان محصورتين في دائرة النمو المنخفض والتضخم المنخفض لفترة طويلة قادمة. وأضافت إن هذا يتطلب مزيجا قويا من السياسات يمكنه تعزيز التعافي الاقتصادي وتقديم رؤى أفضل بشأن التوظيف للمواطنين في جميع أنحاء العالم. وقالت إن «السياسات النقدية التيسيرية لا تزال ضرورية. ويجب أن يكون تصحيح أوضاع المالية العامة مواتيا للنمو وتوظيف العمالة قدر الإمكان. وفوق ذلك كله، ينبغي أن يقوم صناع السياسات في نهاية المطاف بتكثيف الإصلاحات الهيكلية». وأكدت لاغارد أنه ليس هناك جديد في الوصفة الاقتصادية – أي دعم الطلب والنمو والإصلاحات الهيكلية – ولكنها تكتسب الآن طابعا ملحا وتحمل تأكيدا أكبر على أهمية القيادة السياسية. وحول تأثير انخفاض أسعار النفط، أشارت إلى أن تأثيره اختبار فوري لكثير من صناع السياسات، قائلة إن ذلك لا يصدق كثيرا على البلدان المستوردة للنفط التي تمثل الإيرادات غير المتوقعة فرصة لها حتى تعزز أطرها الاقتصادية الكلية وقد تساعد على تخفيف ضغوط التضخم. وفي المقابل، تحتاج البلدان المصدرة للنفط إلى وقاية اقتصاداتها من أثر الصدمة. وبالنسبة لمنطقة اليورو، قالت لاغارد إن انخفاض أسعار النفط يساهم في زيادة انخفاض توقعات التضخم، ما يزيد من مخاطر الانكماش ويعزز الرأى المؤيد لتقديم دفعة تنشيطية نقدية إضافية. وأضافت أن الأهم من ذلك كله هو الفرصةالذهبية التي يتيحها هبوط أسعار النفط لتخفيض دعم الطاقة واستخدام الوفورات المحققة في تقديم تحويلات أكثر استهدافا للمستحقين من أجل حماية الفقراء . وقالت إن العام 2015 يجب أن يكون عام الحراك. ويعني هذا إزالة التشوهات المزمنة في أسواق العمل والمنتجات؛ بإعادة تأهيل البنى التحتية المتداعية وإنشاء بنى جديدة والمضي قدما في إصلاحات التعليم والصحة وشبكات الأمان الاجتماعي. ويعني ذلك أيضا إطلاق القوة الاقتصادية لدى المرأة. وأضافت أن الاستثمار في البنية التحتية – حيثما اتسم بالكفاءة ودقة الاختيار – يمكن أن يكون عاملا مغايرا لقواعد اللعبة. وقالت إن بحوث الصندوق تشير إلى أن زيادة الاستثمار العام في البنية التحتية يرفع الناتج على المدى القصير عن طريق رفع الطلب، وعلى المدى الطويل عن طريق رفع الطاقة الإنتاجية للاقتصاد. وأضافت: إن هناك عاملا آخر قد يغير قواعد اللعبة، وهو إطلاق القوة الاقتصادية لملايين النساء المحرومات من دخول سوق العمل. وقالت إن استبعاد هؤلاء النساء ليس خطأ أخلاقيا فحسب، وإنما هو من قبيل الفكر الاقتصادي المعيب. وحول تحرير التجارة قالت لاغارد إنه يمكن أن يساعد على تحسين الاستفادة من مكاسب الإصلاح الهيكلي. فبعد سنوات من تباطؤ نمو التجارة العالمية، يمكن أن يكون العام 2015 هو عام الحسم في المفاوضات حول اتفاقية تجارية طموحة. كما أشارت لاغارد إلى ما أوضحه الركود الكبير من عدم إمكانية تحقيق نمو اقتصادي قابل للاستمرار دون قطاع مالي قابل للاستمرار أيضا، الأمر الذي يجعل استكمال جدول أعمال الإصلاح المعني بالقطاع المالي مطلبا حيويا. وحول أهداف التنمية المستدامة قالت لاغارد إنه «تم تحقق تقدم، لا سيما في مجال التنظيم المصرفي – وكذلك في معالجة مشكلة المؤسسات المالية الأهم من أن تفشل – وإن كان بدرجة أقل». وقالت إن «التحدي الكبير في الوقت الراهن هو تنفيذ الإصلاحات وتحسين جودة الرقابة». وذكرت أن الأمم المتحدة ستعقد مؤتمرا كبيرا يسعى إلى اعتماد مجموعة جديدة من أهداف التنمية المستدامة، وأن قادة العالم سيسعون أيضا إلى عقد اتفاق شامل بشأن المناخ من أجل تخفيض انبعاثات الكربون.

مشاركة :