ُيذهَل زائر سيدني للمرة الأولى، وفي عزّ الصيف هناك، من هذا الحشد المتدفّق قرب دار الأوبرا والجادات الموازية «المفتوحة» على ميناء «دارلينغ هاربر». المكان إسم على مسمّى وفسحة رحبة لإحتضان زوار وسياح وناشدي راحة وسكينة ومشاركين في نزهات، ليلاً ونهاراً. أجواء موحية ومؤثرة براحة البال، وهي طبعاً موجودة على الأقل في هذا المكان، الذي يبدو أحياناً مفصولاً عن عالمنا الكئيب. كيف لا وغالبية قاصديه ومرتاديه قرروا بـ «كامل قواهم العقلية» الإقتران فقط ببسمة صيفية تحت أشعة شمس حارقة أحياناً. قطار معلّق، سفن سريعة للرحلات والنقل، وتاكسيات مائية تساهم في الحدّ من الزحمة، وطرق موازية للمشائين والمهرولين وراكبـــي الدراجات الهوائية. تؤكّد الخمسينية روث روبرت إن هذا المكان يمنحها «الحياة السعيدة»، لذا «أرتاده في شكل شبه يومي»، كما أُعدّ للإستمتاع بعطلات متنوعة في مرافقه سنوياً مع أسرتي وأصدقائي. وقد أولت الجهات المعنية إهتمامها بهذا الجانب من المفهوم السياحي الجديد، والذي لا يقتصر فقط على هذه المنطقة من سيدني، بل يتعداها إلى أماكن أخرى جذابة في مختلف أرجاء أستراليا، كما أنه أصبح مألوفاً ورائجاً في مدن ومناطق عدة في العالم. ويلفت ستيوارت كريستلو مبرمج الأنشطة في «مؤسسة وليام إنكليش» للبرامج السياحية، إلى أن إختصاصات عدة تفرّعت من مناحٍ مختلفة في هذا الإطار السياحي، وهذا ما «نعززه في أستراليا من خلال أنشطتنا التي تجاوزت المحيط المحلي». ويكشف أن قطاع صناعة السياحة والترفيه يوظّف في هذا البلد 534 ألف شخص، متوقعاً أن يترفع العدد، وفق دراسات أعدّت، إلى 656200 شخص في حلول عام 2030. ويفيد كريستلو أن القطاع السياحي يضخ 15 مليون دولار يومياً في الإقتصاد المحلي (إحصائية عام 2013). من جانبه، يشير فيل هوفمان (مؤسسة وليام إنكليش) إلى ان وكالات السفر ومكاتبها توظّف 38800 شخص في سيدني، ويتوقّع توافر 2500 وظيفة جديدة ثابتة كحدّ أدنى في غضون 3 أعوام. وسيدني التي تعدّ من أبرز المدن العالمية على صعيد تنظيم المهرجانات والفعاليات، وتشتهر بمينائها ومبانيها الجميلة وشواطئها المشمسة (لا سيما شاطئي بوندي ومانلي)، هي عامل جاذب على مدار السنة لإحتفالات على أنواعها وبطولات رياضية عالمية. وبالتالي باتت وظائف القطاع السياحي وخدماته تستقطب متخرجين جدداً في مجالات الإستشارات والإرشاد والتنظيم والتخطيط والترويج والضيافة والنقل. وتبدو سنة 1015 واعدة جداً، إذ يكشف هوفمان أن المروحة تتسع ولكل مجال إختصاص وتفرعات وما أكثرها. ويضيف: «في الأسبوعين الأولين من السنة الجديدة تخطيّنا التوقعات بـ 15 في المئة». ويؤكد: «المهم أن هذا المكان صورة مصغّرة عما نطمح بأن يصبح العالم كله: ضحك ولعب وحب»... ليت ذلك يتحقق.
مشاركة :