اعتقل الجيش الجزائري واحدا من قدماء المنضمين إلى الجماعات الإرهابية، التي تشكلت عام 1993، في كمين بمدينة تقع في شرق البلاد. ويُنتظر أن يستفيد من إجراءات «المصالحة»، حسبما جاء على لسانه في صور بثها التلفزيون الحكومي، مساء أول من أمس. وكشف علي إسماعيل الشهير بـ«صهيب»، أنه لم يتوقع أبدا أن يُباغت بشل حركته من طرف قوات الأمن، ومن دون أن يستعمل سلاحه، وقال إنه «لم يخطر بباله أن يعتقل من دون أن يستخدم سلاحه، وإنه كان دائما يتصور أن يستعمل سلاحه في حال تعرضه لخطر ما»، وأضاف موضحا: «لقد فاجأني الجيش باعتقالي». وتمت عملية المباغتة في منطقة العوانة بولاية جيدل (300 كلم شرق العاصمة)، ولم يكن إسماعيل مع أفراد أسرته حينها، وبعد أن علمت عائلته باعتقاله، سلم أفرادها أنفسهم للسلطات. وظهر إسماعيل، وهو أربعيني، بلحية كثة، مع زوجته وأبنائه الـ5، أكبرهن فتاة في الـ18 من العمر، وكلهم ولدوا في معاقل الجماعات المسلحة، ولم يسبق لأحد من أطفاله أن دخل المدرسة. وبدا المتطرف المسلح نحيفا، يضع على رأسه عمامة ويرتدي لباسا رثا. وقالت زوجته المنتقبة، إن «العيش هنا (في أحضان المجتمع) أفضل من الجبل»، في إشارة إلى تحسن ظروف حياتها الجديدة، بعدما قضت سنوات طويلة في معاقل المسلحين. وقال إسماعيل إنه تلقى معاملة حسنة من طرف الجيش، جريا على العادة المتبعة في مثل هذه الأحداث، حيث يذكر المسلحون الذين يسلمون أنفسهم الكلام نفسه، ويتم الترويج لتصريحاتهم في الإعلام المحلي بهدف التأثير على باقي المسلحين النشطين، وتشجيعهم على التخلي عن السلاح. وقال إسماعيل بهذا الخصوص: «لم أكن أنوي مغادرة معقلي، وكنت دائما أقول إنني سأفتح النار على قوات الأمن إن باغتتني»، ودعا رفاقه الإرهابيين سابقا إلى «وضع السلاح والعودة إلى أحضان المجتمع»، مشيرا إلى أنه كان على علم بوجود تدابير، أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2006 لفائدة المسلحين الذين يريدون تسليم أنفسهم للسلطات، وإلى أنه كان يسمع من حين لآخر أن أعضاء جماعات إرهابية استفادوا من إلغاء المتابعة القضائية، بعد أن تخلوا عن السلاح، غير أنه لم يفكر أبدا في الاستفادة من هذه التدابير، لأنه لم يخطر بباله أن يغادر معاقل السلاح، حسب قوله. ولا يُعرف رسميا عدد المسلحين المنخرطين في «المصالحة»، التي تعدها السلطات مشروعا سياسيا سمح بوقف العنف الذي اندلع، غداة تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، أواخر 1991. وذكر بيان لوزارة الدفاع أن الجيش اعتقل صهيب، الأربعاء الماضي، وكان يحمل سلاحا آليا من نوع «كلاشنيكوف»، موضحا أن إسماعيل «التحق بالجماعات الإرهابية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 1993، وكان يعيش برفقة عائلته التي سلمت نفسها بعد أن تم القبض عليه، والمكونة من زوجته وأبنائه الـ5، أكبرهم عمرها 18 سنة، وأصغرهم تبلغ سنة واحدة». وأضاف البيان: «لقد عانت عائلة هذا الإرهابي الأمرين بسبب نشاطه في الجماعات الإرهابية، فقد فرض عليهم العيش في ظروف قاسية ومزرية، إذ كانوا محرومين من كل ضروريات الحياة، فمنذ أكثر من 20 سنة والأب الإرهابي يحرم أبناءه من حقوقهم المادية والمعنوية بعدم تسجيلهم في الحالة المدنية (دفتر العائلة)، وكانوا محرومين من التعليم والعلاج، ومنعزلين عن الحياة الطبيعية داخل غابة معزولة في الجبل وكأنهم رهائن لدى الجهل والتعصب والأنانية». ونقل البيان عن إسماعيل قوله إنه اعتقل عندما كان بصدد جلب مؤونة، وأنه «يشعر بندم شديد» للسنوات الطويلة التي قضاها في صفوف الجماعة الإرهابية. ولم يذكر بيان الجيش تفاصيل أخرى، وأهمها كيف تمكن من القبض على إسماعيل. من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أمس أنه تم العثور على شحنات ناسفة وذخائر، عمل الجيش الجزائري على تدميرها وإتلافها على بعد 150 كلم شرق العاصمة، على مقربة من المنطقة التي قطع فيها رأس الفرنسي هيرفيه غورديل في سبتمبر (أيلول) الماضي على يد مجموعة إسلامية متطرفة. وأوضحت الوزارة في بيان أن الجيش عثر أول من أمس في إطار مكافحة الإرهاب، وعلى إثر عملية تمشيط شرق العاصمة، على 5 أحزمة ناسفة، و6 قنابل يدوية الصنع، وعلبة مفخخة لحاسوب صغير، وكمية من الذخائر، فقام بتدميرها
مشاركة :