قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، إن «سلطة الاحتلال مدعوة لتحمل مسؤولياتها عن الشعب الفلسطيني الذي تحتله، إذا أفشلت مساعي السلطة في إقامة الدولة». وأضاف عريقات لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أدعو لحل السلطة.. ولكن السلطة هي ثمرة كفاح الشعب الفلسطيني، فإما تكون ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، أو تدعو سلطة الاحتلال لتحمل مسؤولياتها كافة». وكان عريقات يعقب على الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا على القيادة الفلسطينية سياسيا واقتصاديا، وهو ما حرم 175 ألف موظف فلسطيني من تقاضي رواتبهم كاملة عن الشهر الماضي. وقال عريقات إن «الحرب التي تشنها إسرائيل بما في ذلك حجب الأموال الفلسطينية أو التهديد بدفع الكونغرس الأميركي لقطع المساعدات، لن تجعل الفلسطينيين يتراجعون قيد أنملة». وأردف: «الحرية لن تقايض بأي أمر.. وإذا ما اعتقدوا أنهم بهذه الخطوات يضعون الشعب الفلسطيني على ركبتيه، فإنهم واهمون». وشدد عريقات على أن العلاقة مع إسرائيل وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وكان عريقات نقل فحوى هذا الكلام لمسؤولين أوروبيين وأميركيين استقبلهم أمس. وأبلغ عريقات كلا من ممثل السكرتير العام للأمم المتحدة، روبرت سيري، وممثل اليابان لدى فلسطين، والقنصل الأميركي العام، مايكل راتني، كل على حدة بأن العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية لن تكون كما كانت عليه قبل توقيع صكوك الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية؛ «إذ إن إبقاء الأوضاع على ما هي عليه مستحيل، ولا يمكن استمراره، وإنها مرحلة جديدة بكل ما للكلمة من معنى، وإن الحكومة الإسرائيلية بعقوباتها الجماعية وتهديداتها تحاول إبقاء الأوضاع على ما هي عليه؛ أي تستمر في المستوطنات والإملاءات والاغتيالات والاعتقالات والحصار والإغلاق، دون حسيب أو رقيب على اعتبارها دولة فوق القانون». ودعا عريقات، في بيان أمس، الحكومة الإسرائيلية أن تعلن إقرارها بإنفاذ وتطبيق مواثيق جنيف الأربعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، على اعتبارها سلطة احتلال. وأضاف أن «العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية لا يمكن أن تستمر كما كانت عليه، وأنها أمام مرحلة جديدة، إذ دخلنا إلى نقطة اللاعودة». وتابع: «إن الاستهانة بالقانون الدولي والاستخفاف بركائزه ومنطلقاته، كانت على الدوام الصفة للدول والوحدات السياسية التي أدت سياستها وممارستها دائما إلى الحروب والعنف والتطرف وإراقة الدماء، ولكن عبر العصور كان الجانب الصحيح للتاريخ هو الانتصار للقانون الدولي». وكانت العقوبات التي فرضتها إسرائيل على السلطة تسببت في عجز مالي أدى إلى تأخر رواتب الموظفين عن الشهر الماضي قبل أن تدفع الحكومة الفلسطينية 60 في المائة من الراتب، يوم أمس، بعد مساعدات من المملكة العربية السعودية والحصول على قروض بنكية. وقال وزير المالية شكري بشارة للوكالة الرسمية، أمس: «نجد أنفسنا مضطرين للاقتراض من البنوك لسداد ولو جزء من الراتب، في ظل الخطوة غير القانونية التي اتخذتها إسرائيل بحجز عائداتنا من الضرائب، وهي حق للشعب الفلسطيني، وهي أموال تدفع مسبقا من المستوردين وتعيدها إلينا إسرائيل». وبلغ حجم قرض التجمع البنكي الذي حصلت عليه وزارة المالية من البنوك، أمس 200 مليون شيقل إسرائيلي (الدولار يساوي 3.92 شيقل)، أضيفت إلى ما تم تحصيله من إيرادات محلية ومساعدات عربية حولت خلال الأيام الأخيرة، لتبلغ قيمة الدفعة التي صرفت للموظفين نحو 500 مليون شيقل، من أصل 800 مليون إجمالي قيمة الرواتب. وأوضح بشارة أنه سيتم صرف المتبقي من الراتب أي 40 في المائة فور توفر السيولة الكافية بموجب ملحق للراتب. ووصف بشارة حجز إسرائيل لـ70 في المائة من دخل السلطة الذي يتمثل بالعائدات الضريبية بأنه يشكل ضربة قاسية للاقتصاد الفلسطيني، وله تبعات سلبية تطال جميع شرائح المجتمع بما فيها البنوك والقطاع الخاص والأسر المهمشة، إضافة إلى موظفي الحكومة والمواطن العادي. وأضاف: «على إسرائيل ألا تعبث بأموال المواطنين وأرزاقهم. ومرة أخرى، يجب على الساسة الإسرائيليين أن يدركوا أن كرامة المواطن الفلسطيني لا تسمح له بالخضوع أمام هذه السياسات غير الحميدة التي تهدف إلى إلحاق الأذى بالمجتمع الفلسطيني. أما من ناحية ثانية، فإن اللجوء الفوري إلى مثل هذه الخطوة التصعيدية غير المبررة تحت أي ظرف من قبل الحكومة الإسرائيلية هي مؤشر على فشل سياسي ذريع». وحاولت السلطة الفلسطينية على مدار الأيام الماضية، الضغط على إسرائيل بوسائل شتى من أجل الإفراج عن الأموال المحتجزة، لكن إسرائيل لم تبد أي استعداد لذلك، بل ربط مسؤولوها بين رحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتحويل الأموال. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هدد مرارا بأنه سيسلم مفاتيح السلطة لإسرائيل إذا ما استمرت في التنكر للحقوق الفلسطينية. وعلى الرغم من ذلك لم يغلق عباس نهائيا باب العودة إلى المفاوضات. وقال عباس أثناء المشاركة في الاستقبال السنوي بمناسبة عيد الميلاد، بحسب التقويم الأرمني: «نحن مستمرون في مساعينا في السلام ولا بديل عن المفاوضات لإحلال السلام، ونحن نسعى لدولة عبر المفاوضات ونشجب العنف والإرهاب، لأنه يستهدف الإنسان الذي حرم الله قتله، ونحن لا نؤمن بالعنف وندينه أينما كان».
مشاركة :