تبدو قنبلة إيران النووية كسجادة يدوية، تبريزي أو كاشاني، تعاقب عليها النساجون والصناع على مدى زمني ممتد منذ عهد الشاه السابق مرورا برافسنجاني وخاتمي ونجاد وأخيراً روحاني ، واحتالوا لإخفاء أسرارها ونقوشها عن المنافسين، فلا يعرف سوى صاحب سر الصنعة إلى ماذا ستؤول أو على أي شكل ستنتهي. صاحب سر الصنعة النووية يجلس في قم حيث مقر المرشد الأعلى «خامنئي» أما مساعدوه المقربون ففي قصر الرئاسة بطهران أو في مقر قيادة الحرس الثوري الإيراني. طبقاً لطهران فالحديث عن سجادة «نووية» ايرانية، قيد الصناعة محض أوهام غربية، وطبقا لتقارير غربية فإن شهوراً فقط باتت تفصل طهران عن بلوغ «العتبة النووية» أي امتلاك قدرات نووية، يمكن ان تتحول بقرار سياسي الى «قنبلة»، ومع ذلك بدا الرئيس الأمريكي أوباما في كلمته قبل أيام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكأنه يتجنب مجرد تصور أن تصبح إيران «قوة نووية» مؤكدا أن بلاده ستؤمن أصدقاءها في حال تعرضهم لـ «عدوان» وأنها لن تسمح لدول المنطقة (في اشارة الى ايران) بتطويرأسلحة نووية.. كلمة اوباما ركزت على خمس نقاط رئيسية بشأن التزامات واشنطن تجاه المنطقة ، بدا فيها الموقف الأمريكي خلال ما تبقى من رئاسة أوباما (حتى عام 2016) دون مستوى توقعات أصدقاء الولايات المتحدة بالمنطقة، فقد جاءت النقاط الخمس على النحو التالي: 1-»أن الولايات المتحدة جاهزة لتوظيف جميع عناصر قوتها، بما في ذلك القوة العسكرية، لتأمين مصالحها الأساسية في المنطقة.. 2- أمريكا ستتصدى للعدوان الخارجي على حلفائها وشركائها، كما فعلت في حرب الخليج.( أي أنها لن تتدخل لمنع العدوان وإنما للرد عليه).. 3- واشنطن ستضمن الانسياب الحر للطاقة من المنطقة إلى العالم.. 4- «سنعمل على تفكيك الشبكات الإرهابية التي تهدد شعبنا.... لكن حينما يكون من الضروري الدفاع عن الولايات المتحدة في وجه هجوم إرهابي، فإننا سنتخذ إجراء مباشرًا.( التحرك المباشرضد الارهاب لن يكون الا في حالة تعرض أمريكا ذاتها لهجوم ارهابي). 5- أمريكا لن تتساهل حيال تطوير أو استخدام أسلحة دمار شامل...و ترفض تطوير أسلحة نووية .( لم يقل ان أمريكا ستتصدى لكنها «لن تتساهل» أي ستكتفي بجعل الأمر صعباً أو مكلفا). مبادىء أوباما الخمسة لا تغلق الباب بوضوح أمام إمكانية وجود تصور أمريكي (لا يتساهل) إزاء فكرة التعايش مع ايران نووية، لكنه لن يذهب الى الحرب الا اذا انتقل الايرانيون من مرحلة امتلاك «قدرات نووية» الى مرحلة امتلاك «سلاح نووي». وطبقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فان الانتقال من مرحلة القدرات النووية الى مرحلة السلاح النووي قد لا يستغرق سوى بضعة أسابيع ، بالنظر الى ما لدى ايران بالفعل من كميات من اليورانيوم المخصب بدرجة 20%، يمكنها ان تحولها خلال اسبوعين فقط الى 45 كيلو جراما من اليورانيوم المخصب بدرجة 90% ، تتحول بدورها خلال شهرين كحد اقصى الى 30 كيلو جراما من المادة المتفجرة، بينما تحتاج القنبلة الى 28 كيلو جراما فقط.! في 17 سبتمبر الجاري وقبل أسبوع واحد من خطاب أوباما امام الجمعية العامة قال الرئيس الأمريكي في مقابلة تليفزيونية نصاً ما يلي: “Iran needs to show the international community that it is not to weaponize nuclare power” أي أن ما يطلبه أوباما من طهران لرفع العتب «النووي» عنها هو ان تثبت للعالم أنها لا تعتزم التسلح نووياً.. وهو ما حملته اليه «فتوى» ايرانية استشهد بها في خطابه بأن النووي «حراااام» هكذا لا يرى اوباما بأساً في امتلاك طهران لقدرات نووية يمكنها ان تتحول خلال أسابيع الى سلاح نووي بمجرد قرار سياسي يصدر من المرشد الأعلى على خامنئي في قم. لكن امتلاك طهران لقدرات نووية يتيح للسياسة الإيرانية أدوات ابتزاز هائلة لدول المنطقة، فيما تبرهن السوابق التاريخية على ميل إيراني «تاريخي» لممارسة هذا الابتزاز على الجوار الاقليمي. ايران فوق «العتبة النووية» ، تضع المنطقة على أعتاب جهنم، ما يقتضي إلى جانب مواصلة الجهد الدبلوماسي والسياسي لحمل طهران على الانصياع للإرادة الدولية بشأن برنامجها النووي، جهدا آخر لإعادة هيكلة استراتيجية دفاعية جديدة لدول المنطقة تحترم حقائق الجغرافيا وتستوعب دروس التاريخ. حقائق الجغرافيا تقول إن الجوار الجغرافي مع إيران حقيقة لا تقبل التغيير، لكن متطلبات التعايش مع تلك الحقائق تقتضي تعظيم عناصر القوة الذاتية لدول الإقليم في مواجهة ابتزاز «نووي» إيراني محتمل، الأمر الذي يقتضي بدوره التأمل مجدداً في فكرة جرى طرحها في أعقاب حرب تحرير الكويت، ثم طمستها ذاكرة الأيام، كانت تتحدث عن صيغة( 6+ 2 ) التي كانت تعني وقتها دول مجلس التعاون زائد مصر وسوريا، واليوم قد يكون الوضع الاقليمي مهيأ لصيغة( 6+1) أي دول مجلس التعاون الست زائد مصر. إيران فوق العتبة النووية، تهديد للتصور المصري للأمن القومي، وهى أيضا تهديد مباشر للأمن القومي الخليجي moneammostafa@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (21) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :