تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بوقوف واشنطن إلى جانب ضحايا الإرهاب حول العالم، طالباً من الكونغرس منحه صلاحيات إضافية لشن الحرب من أجل هزم المتطرفين في العراق وسورية. وطلب أوباما في خطابه السنوي حول حال الاتحاد من المشرعين الأميركيين منحه صلاحيات إضافية تمكنه من استخدام القوة العسكرية لمطاردة "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، مؤكداً أن ذلك سيوفر لإدارته الخيارات التي تحتاجها. وأضاف: "هذا الجهد سيستغرق وقتاً، وسيتطلب التركيز، لكننا سننجح". ونفذت الولايات المتحدة حتى الآن عشرات الغارات الجوية على مواقع المتطرفين منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، مستندة إلى صلاحيات تنص عليها قوانين أقرت عقب هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 لمكافحة تنظيم "القاعدة". لكن مسؤولين أميركيين أكدوا الحاجة إلى إصدار إجازة جديدة لاستخدام القوة العسكرية. وقال أوباما: "أدعو الكونغرس إلى أن يظهر للعالم أننا متحدون في هذه المهمة، عبر المصادقة على قرار إجازة استخدام القوة" ضد "داعش". لكنه شدد على أن المسؤولين الأميركيين "يحتفظون في حق التحرك من طرف واحد في سبيل القضاء على الإرهابيين الذين يشكلون خطراً مباشراً علينا وعلى حلفائنا". وأوضح أوباما "نقف صفاً واحداً مع كل الذين استهدفهم إرهابيون في جميع أنحاء العالم، من مدرسة في باكستان إلى شوارع باريس"، مؤكداً "سنواصل مطاردة الإرهابيين وتدمير شبكاتهم ونحتفظ في حق التحرك من طرف واحد". ويأتي كلامه بعد نحو أسبوعين على اعتداءات نفذها متطرفون في العاصمة الفرنسية باريس أسفرت عن سقوط 17 قتيلاً، واستهدفت صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، وشرطية في الشارع، ومتجراً يهودياً حيث تم احتجاز رهائن. وندد أوباما بانتشار "معاداة السامية المدانة" في بعض أنحاء العالم. وفي أثناء حديثه عن الهجوم الذي استهدف "شارلي إيبدو" وقتل فيه بعض من أكثر رسامي الكاريكاتور شهرة في فرنسا، وقف المشرعون الأميركيون تكريماً لذكرى هؤلاء، فيما رفع بعضهم الأقلام. ونهضت النائب الديموقراطية غوين مور أولاً لإبداء الدعم، وتبعها حوالى 40 نائباً غالبيتهم من الديموقراطيين وحملوا أقلاماً كرمز لرسامي الكاريكاتور. واعتبر مكتب النائبة مور أن المبادرة الرمزية "فرصة فريدة للانضمام إلى شركائنا حول العالم في إبداء دعمنا وتضامننا الجماعيين". وندد أوباما أيضاً "بمعاداة السامية المدانة" التي عادت إلى الظهور في بعض أنحاء العالم. وقال: "نواصل رفض الأفكار النمطية المهينة حول المسلمين، الذين تشاطرنا الأكثرية الساحقة منهم الالتزام بالسلام". وكان وزير الخارجية الأميركي أعرب الأسبوع الفائت عن دعم فرنسا بوضع أكاليل زهور في المواقع التي جرت فيها اعتداءات باريس. واعتبر الوزير، الذي أسهم في قيادة الجهود الديبلوماسية لتشكيل تحالف دولي من أكثر من 60 دولة لمكافحة "الدولة الإسلامية"، هجمات باريس "مشينة" ومؤشراً على تفاقم "الحصار" على حرية الصحافة. وصرح كيري في مؤتمر حول سلامة الصحافيين الثلثاء "هذا لأن بعض الأفراد أو المجموعات وحتى بعض الحكومات تريد إملاء الحقيقة، وتحديدها، وإخفاء ما نعرف أنه الحقيقة". وأضاف: "بالطبع لا يمكننا أن نسمح بذلك، ولن نفعل". ووعد أوباما بالدفاع عن الكرامة الإنسانية واحترامها، مؤكداً أن بلاده "ستدافع عن حرية التعبير وتقف إلى جانب المعتقلين السياسيين وتدين اضطهاد النساء والأقليات الدينية أو الأفراد المثليين جنسياً ومزدوجي الجنس أو متحوليه". وقال: "نفعل ذلك، ليس فقط لأنه الصواب، بل لأنه يعزز أمننا كذلك". ودافع أوباما عن قراره الذي أعلنه الشهر الماضي للسعي إلى تطبيع العلاقات مع كوبا وحث الكونغرس على رفع الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على الجزيرة ذات الحكم الشيوعي منذ العام 1961. وقال: "في هذا العام يجب على الكونغرس أن يبدأ العمل لإنهاء الحظر". وجدد أوباما وعداً كان أعلنه في بداية فترة رئاسته الأولى بأن يسعى بلا كلل إلى إغلاق السجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو في كوبا. وقال: "حان الوقت لإغلاق غيتمو"، في إشارة إلى السجن الذي تحتجز فيه الولايات المتحدة أجانب تشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية منذ العام 2002. وفي الشأن الأوكراني، قال الرئيس الأميركي، إننا "ندافع عن المبدأ الذي يقول إنه لا يمكن للقوى الكبرى التعرض للدول الصغيرة، إذ نعارض العدوان الروسي وندعم الديموقراطية في أوكرانيا ونطمئن حلفاءنا في الحلف الأطلسي". وتابع: "العام الماضي فيما كنا ننجز العمل الصعب القاضي بفرض عقوبات مع حلفائنا، اقترح البعض بـن عدوان (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يشكل دليلاً ملفتاً على الاستراتيجية والقوة. واليوم، الولايات المتحدة هي التي تقف قوية ومتحدة مع حلفائها، فيما روسيا معزولة واقتصادها متهالك". وأعلن أوباما رغبة إدارته في تدشين مبادرة جديدة لاستخدام المعلومات الجينية الشخصية للمساعدة في علاج أمراض مثل السرطان والسكري. وحض الكونغرس على زيادة تمويل البحوث لدعم الاستثمارات الجديدة في "الطب الدقيق". وقال: "أريد من البلد الذي قضى على شلل الأطفال ووضع خريطة الجينات البشرية أن يقود عهداً جديداً من الطب، طب يقدم العلاج المناسب في الوقت المناسب". وتابع أوباما: "الليلة أعلن تدشين مبادرة جديدة للطب الدقيق لتجعلنا أقرب إلى علاج أمراض، مثل السرطان والسكري، لتمنحنا جميعاً الوصول إلى المعلومات الشخصية التي نحتاج إليها لنكون أصحاء نحن وعائلاتنا". ومن شأن استخدام البيانات الجينية أن يوفر مئات البلايين من الدولارات التي تنفق حالياً على عقاقير غير فعالة. وحذر الرئيس الأميركي الكونغرس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، من أن فرض عقوبات جديدة على إيران "سيعني فشل الديبلوماسية"، فيما تحاول طهران ودول "مجموعة 5+1" التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني. وهدد أوباما في خطابه باستعمال حق النقض في حال رفع إليه أعضاء مجلسي النواب والشيوخ قانوناً حول عقوبات جديدة على إيران. وقال إن "تبني الكونغرس عقوبات جديدة سيعني فشل الديبلوماسية". واضاف: "حتى الربيع، أمامنا فرص لإمكان التفاوض على اتفاق كامل يمنع ايران من امتلاك سلاح نووي ويؤمن أمن أميركا وحلفائها، بمن فيهم اسرائيل، مع تحاشي نزاع جديد في الشرق الاوسط". ومع ذلك، حذر أوباما من أنه "لن تكون هناك أية ضمانة إلا في حال تكللت المفاوضات بالنجاح، وأنا أحتفظ بكل الخيارات على الطاولة من أجل منع وجود إيران نووية".
مشاركة :