ترجل الفارس الحكيم عن جواده

  • 1/23/2015
  • 00:00
  • 42
  • 0
  • 0
news-picture

بسم الله الرحمن الرحيم (يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضيه فدخلي في عبادي وادخلي جنتي ) صدق الله العظيم إنه لا يحزنني أن أنعي اليكم هذا الخبر الحزين بانتقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله وطيب ثراه وإذ أقدم العزاء لسيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز وأصحاب السمو وشعبنا الحبيب والأمة العربية والإسلامية على فقيدنا الغالي وإنا بقضاء الله راضون . فقد اعطى هذا القائد الفارس الكثير لبلده المقدس وللأمة العربية والإسلامية وضحى من أجل إعلاء راية الحق ورفعة بلادنا وأمتنا نعم لقد ترجل الفارس الحكيم النبيل عن صهوة جواده ليستلم زمام الأمر فارس مغوار . ونحن أبناء المملكة العربية السعودية نعيش واقعا جديدا خطط له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله يكمله من بعده الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه ، واقعا يحفل بالمشروعات الإصلاحية البناءة، بدءا بالتركيز على إصلاح التعليم والقضاء، مرورا بالإصلاح الاقتصادي، وصولا إلى بناء مجتمع متماسك عماده الوحدة الوطنية. وفي العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين رحمه الله ، خطت المملكة بحكمته وبعد نظره واهتمامه البالغ بالأرض والإنسان، خطوات نوعية عملاقة شهد بها القريب والبعيد، انعكست بنتائج بارزة على كافة الصعد، وانعكست كذلك أمنا وأمانا ورخاء على كافة المواطنين والمواطنات في كل نواحي الحياة. والمتأمل لإنجازات الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ توليه سدة الحكم عام 1426هـ رحمه الله ، يرى الجهود المباركة التي أثمرت منجزات ضخمة منتشرة في جميع المناطق بما تحويه من محافظات ومدن وقرى وهجر، ناهيك عما تحقق للمملكة على المستوى الخارجي والدولي نتاج السياسات السعودية الحكيمة المتزنة والمدروسة تجاه مختلف القضايا الدولية، حتى أنها أسهمت بشكل فاعل في معالجة العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الساحة الدولية، بالإضافة إلى جهوده رحمه الله في خدمة الإسلام والمسلمين التي نبعت من حرصه الكبير وتفانيه في الاستجابة فورا لمعالجة كل مشكلات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ودعمهم ودعم مشاريعهم التي تسهم في ترسيخ مكانتهم على الصعيد العالمي. فمنذ أن بويع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالملك في 26 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق 1 أغسطس 2005م رحمه الله، وضع نصب عينيه تحقيق رؤيته الإصلاحية التي تشكلت لديه في سنوات مسؤوليته الطويلة إلى جوار إخوانه الملوك لتجديد الدولة السعودية العريقة، التي تمثل قصة الوحدة العربية الناجحة وأمل العرب والمسلمين في نهضة جديدة بعد تجاربهم المريرة المحبطة التي استدعت افكارا غريبة عن أرضهم، فكانت رؤية الملك إصلاحا مستمدا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلق عروبي قويم، حيث يقول «إن الدولة ماضية في نهجها الإصلاحي المدروس المتدرج ولن نسمح لأحد بأن يقف في وجه الإصلاح سواء بالدعوة إلى الجمود والركود أو الدعوة إلى القفز في الظلام والمغامرة الطائشة، وإن الدولة تدعو كل المواطنين الصالحين إلى أن يعملوا يدا بيد وفي كل ميدان لتحقيق الإصلاح، إلا أن الدولة لن تفتح المجال أمام من يريد بحجة الإصلاح أن يهدد وحدة الوطن ويعكر السلام بين ابنائه». وقامت رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه على أن الاصلاح هو الطريق من أجل التقدم وبناء مستقبل أفضل للبلاد والشعب، وانعكست رؤيته رحمه الله في التطور الكبير الذي شهدته المملكة في عهده الزاهر من خلال إسهاماتها العالمية البارزة التي تتناسب مع رسالتها في المحافل العربية والإقليمية والدولية سياسيا واقتصاديا، الأمر الذي جعلها رقما هاما في السياسة الدولية لا يمكن تجاوزه خصوصا في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، كما ساهمت هذه الرؤية في تجاوز المملكة في مجال التنمية السقف المخطط لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها إعلان الألفية للأمم المتحدة عام 2000، كما أنها على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة. وما يميز السنوات الماضية، الكم الكبير من المشروعات العملاقة التي تم إطلاقها في مختلف المجالات ودخول المملكة ضمن العشرين دولة الكبرى في العالم، كما تمكن الملك عبدالله رحمه الله من تعزيز دور المملكة إقليميا وعالميا في المجالات السياسية والاقتصادية حتى أصبح للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية، وشكلت عنصرا دفعا قويا للصوت الإسلامي والعربي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته ومؤسساته. وهذه المنجزات ، هي في واقع الأمر ثمرة طبيعية لوفاء خادم الحرمين الشريفين رحمه الله لشعبه ووطنه وأمته ودينه، ورغبة منه في تعزيز كافة متطلبات الوطن والمواطن كما ينبغي أن يكون في مقدمة الأمم المتحضرة المتنامية المتطورة: لقد فقدت المملكة العربية السعودية والأمة العربية زعيما من أبرز أبنائها، طالما أعطى الكثير لشعبه وأمته، وسوف يسجل التاريخ للفقيد الراحل ما حققه من إنجازات عديدة في الدفاع عن قضايا بلده والعروبة والإسلام بشرف وصدق وإخلاص، متحليا بالحق والعدل والنخوة وشجاعة الكلمة‏. رحم الله الملك عبدالله وأسكنه فسيح جنانه .

مشاركة :