فجعت الأمتان العربية والإسلامية بل العالم أجمع بفقد ملك المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – حيث أُعلن خبر وفاته يوم الجمعة الموافق 3/4/1436هـ ، بعد أن صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها بعد معاناة قصيرة مع المرض. إن المصاب جلل والفقد عظيم حين تفقد أمة مليكها وقائدها وباني نهضتها المتمسك بكتاب الله وسنة رسوله والقائم بحدود الله وتطبيق شرعه، ولكنها إرادة الله وقدره وكلنا سائرون نحو الأجل المحتوم " كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" الآية. ولله الأمر من قبل ومن بعد. والله لا أعرف كيف أكتب عن هذا الملك الكريم، ومن أين أبدأ؟ وكيف أبدأ؟ وماذا عسانا أن نقول عن هذا القائد الذي تعددت مناقبه، وحسنت طباعه، ونذر نفسه لنشر السلام في أرجاء المعمورة، وعلى مستوى العالم أجمع. أحب شعبه فأحبوه وبادلوه حباً بحب، وبذل نفسه ووقته وجهده لهم فأطاعوه، وتفانى بكل إخلاص في خدمتهم فبذلوا أموالهم وأرواحهم لخدمة مليكهم، وقدموا له الغالي والرخيص. فهل نتكلم عن محبته للسلام ؟ فالكل يعرف ذلك وهو حب ملموس على مستوى العالم قاطبة؟ هل نتحدث عن حرصه في زيادة روابط الأخوة بين الأشقاء رؤساء الدول العربية عامة ودول الخليج العربي بوجه خاص في تقريب وجهات النظر، ولم الشمل، والترفع عن صغائر الأمور، والدعوة للاتحاد أمام قوى الشر والتدمير؟ إن مواقفه المشرفة مع الشقيقة الكبرى رائدة الكيان العربي جمهورية مصر الشقيقة ودعوته للوقوف إلى جانبها وقت أزماتها ودعمه اللامحدود لها وهو يقول: " مصر جزء من المملكة العربية السعودية"، وكذلك دعوته في اجتماعات القمم العربية المتتالية إلى لمْ الشّمل بين الفرقاء في دول المغرب العربي الشقيقة طالباً من الجميع نبذ الفرقة، والرجوع إلى الحق، والاتجاه نحو السلام منطلقا من مبدأ الأخوة الإسلامية، التي تجمع الشتات وتؤلّف بين قلوب الجميع. إن الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله – رجل مقدام تمثلت فيه صفات النخوة والشجاعة العربية، وحرصه الدائم على اتباع الحق، والسير على نهج سلفه الصالح من ملوك آل سعود- رحمهم الله - والتمسك بالقواعد التي أرساها المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - وهو التمسك بكتاب الله والسير على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتباع الشريعة الإسلامية السمحة. أما سياسته نحو الأمة الإسلامية والعالم أجمع، فمناقبه في ذلك كثيرة، ومساهماته الخيرة عمتْ الجميع ونحن شهود على ذلك، ويشهد بها القريب والبعيد، والعرب والعجم، لأنهم لمسوا في أقواله الصدق والأمانة وفي أفعاله التوجه نحو الحق ومحبته للخير ودعوته للسلام، فهو كاره للفرقة والتشرذم، ومآسي الحروب والتدمير والتشريد ، حيث حذر كثيراً من الإرهاب وتداعياته وأهواله ومآسيه، وأن الارهاب سوف يحرق الأخضر واليابس، ويدخل الأمم في متاهات وويلات لا حصر لها، وأن نتائجه سوف تنعكس على الشعوب فتزيد من ويلاتها وتأخرها، وتقودها إلى مزيد من التخلف والقتل والتشريد. هذا هو الملك عبد الله بن عبد العزيز الإنسان – رحمه الله – الداعي للخير والمحب للسلام، وإن محبة هذا الشعب الوفي الكريم نحو مليكه، وراعي نهضته، لهى محبة مستحقة، فهو العطوف على صغيرهم قبل كبيرهم، وشبابهم قبل شيبهم، ونسائهم قبل رجالهم، لذا فقد كنوا له الكثير من الحب والتقدير، وتلهج ألسنتهم ليل نهار بالدعاء له بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه الله فسيح جناته، وأن يبدل سيئاته حسنات، وأن يجازيه بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا، وأن يجبر كسر قلوب شعب أحبه، وأن يلهم أسرته المالكة وجميع أفراد شعبه ومحبيه الصبر والسلوان. " إنا لله وإنا إليه راجعون" إن شعب المملكة العربية السعودية يعلن بيعته لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ولولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبد العزيز وليا للعهد، ولسمو الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد، بالسمع والطاعة، وفي المنشط والمكره، ونشهد الله بأننا بايعنا الجميع على كتاب الله وسنة نبيه سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم –، وأن يوفق الله الجميع لخدمة هذا الشعب الوفي الكريم وتحقيق رغباته. وخدمة الأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع نحو السلام العادل والأمن والأمان والرفاهية والرخاء في كل أرجاء المعمورة. mdoaan@hotmail.com
مشاركة :