أقبلت علي ابنتي فجر الجمعة لتنقل لي الخبر لم أستطع معه الحراك، ولم أتمكن من الرد.. إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا خادم الحرمين الشريفين لمحزونون. رحـم الله الملك عبدالله وأدخله فسيح جناته فقد كان طوال عمره محبا ومخلصا لهذه البلاد حكومة وشعبا، اللهم تقبل منه وتجاوز عنه وأدخله فسيح جناتك، وألهم بعظيم فضلك وسلطانك الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير مقرن وولي ولي العهد الأمير محمد والأسرة الكريمة الصبر والسلوان وألهمنا كشعب الصبر والسلوان. لا أدري أأنشغل بحزننا أم أنشغل بحزن الملك سلمان -حفظه الله- رجل الوفاء، فأنا كغيري أعلم من هو الملك سلمان -حفظه الله- نعرف وفاءه، نعرف نخوته ونعلم أن المصاب كان أكبر عليه مما هو علينا، اللهم اغفر لخادم الحرمين الملك عبدالله وارفع درجته في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه. ونحمد الله سبحانه أنه أكرمنا بحسن خاتمته - إن شاء الله تعالى- فقد روى الترمذي مرفوعاً وحسنه الألباني: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر). لست هنا بصدد ذكر عمره الذي أفناه في خدمة الحرمين الشريفين، وفي خدمة البلاد حكومة وشعباً، فإن الواجب علينا في مصابنا هذا تجاه الرجل الذي خدمنا وأحبنا أن نكثر من الدعاء له -رحمه الله سبحانه- ولأخيه الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.. وللأمير متعب وإخوانه وأخواته ولأفراد الأسرة الكريمة كافة، وللبلاد حفظها الله ورد كيد أعدائها في نحورهم. الواجب علينا أن نوحد الصفوف ونشد على أيدينا فلا نسمح لكائن من كان باختراقها، وألا ننشغل بالحزن عن أداء واجبنا تجاه هذه البلاد فالأمر جلل، وهناك من قد تسول له نفسه فيحاول استغلال مصابنا لمصلحة خططه، فلا يغرنا ضعف أعدائنا وتهاونهم فالحذر واجب.. وإكمال المسيرة التي بدأها الملك المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأبناؤه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- والأميران سلطان ونايف -رحمها الله.. المسيرة التي كان للملك سلمان -حفظه الله- دور بارز فيها.. أمر واجب علينا حكومة وشعبا.. كل بحسب مجاله.. أجاز بعض أهل العلم إذا كان المتوفى له شأنٌ في الإسلام أو عالم له نشاط في الدعوة ونشر العلم وهو غائب يصلى عليه، كما شرع للمسلمين الغائبين عنهم أن يصلوا عليهم صلاة الغائب، وإن صُلّي عليه في بلده فصلاة الغائب على الميت مشروعة مطلقا سواء صُلي على هذا الميت في بلده الذي مات فيه أم لا، كما أنها تجوز بعد الدفن بمعنى أنه تجوز لنا صلاة الغائب على خادم الحرمين الشريفين رحمه الله. وقد ذهب الإمام أحمد في رواية نقلها شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى إلى أن صلاة الغائب على من له فضل وسابقة على المسلمين فقال: إذا مات رجل صالح صلي عليه. واختار هذا القول من المتأخرين الشيخ السعدي رحمه الله. وبالتالي تجوز لنا صلاة الغائب لمن لم يحضر الصلاة على خادم الحرمين الشريفين -رحمه الله-، ونحسب أن الملك عبدالله -رحمه الله- كذلك، والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه ما بعده وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيراً مما خرج منه. سبحانك اللهم ونعم الوكيل.
مشاركة :