الخرطوم: أحمد يونس لقي ثمانية متظاهرين مصرعهم في أنحاء متفرقة من السودان بإطلاق الرصاص عليهم من قبل الأجهزة الأمنية والشرطة في آخر احتجاجات تشهدها الخرطوم أمس (الجمعة)، وجرح عدد آخر لم يجر إحصاؤه بعد. وخرج عشرات الآلاف من كل مدن العاصمة الخرطوم، ومدن الأبيض غرب البلاد، ومدني الحصاحيصا وسطها، وكوستي وربك في جنوبها، في حين خرجت جماهير مدن شرق البلاد «بورتسودان وكسلا»، عقب صلاة الجمعة. وفي تطور جديد في المظاهرات التي شهدتها الخرطوم شارك قادة قوى المعارضة في المظاهرات التي بدت أكثر تنظيما وترتيبا، بينما حمل المتظاهرون لافتات تطالب برحيل النظام، ولم تحدث حسب رصد الصحيفة أي أعمال تخريبية من المتظاهرين الذين اختفى من حناجرهم هتاف «لا للغلاء» وتحولت كل هتافاتهم إلى هتافات تطالب بإسقاط النظام من قبيل «الشعب يريد إسقاط النظام، وارحل ارحل»، وهتافات للتعبير عن سلمية تظاهرهم بترديد «سلمية.. سلمية». وقابلت الأجهزة الأمنية المتظاهرين بعنف مفرط مستخدمة الغاز المسيل للدموع والذخائر الحية ما أدى لمقتل متظاهر في ضاحية بري، وآخر في ضاحية الستين بالخرطوم، ومتظاهرين في حي ودنوباوي، وأربعة متظاهرين في مدينة ود مدني، حسب رواية شهود عيان. وبقتلى أمس (الجمعة) يكون عدد المواطنين الذين لقوا حتفهم في الاحتجاجات المستمرة منذ 23 من سبتمبر الحالي، 37 قتيلا حسب التقديرات الرسمية، في حين يكون العدد قد بلغ 119 قتيلا حسب تقارير الناشطين والمراقبين والمنظمات الحقوقية، في حين تقول المعارضة إن العدد تجاوز المائتي قتيل. وقال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب لـ«الشرق الأوسط» عقب مشاركته في تأبين شهداء الانتفاضة في ميدان شمبات، إن حزبه شارك في التعبئة للتحضير للاحتجاجات ووجه عضوية بالمشاركة في تنظيم المظاهرات. وأضاف الخطيب أن قوات الأمن استخدمت العنف المفرط ضد المتظاهرين ولم تتخل عن عادتها، وقال إن الجماهير ستستمر في انتفاضتها رغم عنف النظام وأجهزته حتى إسقاطه واستعادة الديمقراطية، وأوضح أنه شارك وقادة «تحالف قوى الإجماع الوطني» في تأبين الشهداء وفي المظاهرات التي أعقبت التأبين. وشوهد عدد من قادة المعارضة وهم يهتفون ويطالبون بإسقاط النظام ومن بينهم رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ. وتعد مشاركة القادة السياسيين تطورا نوعيا في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، ما جعلها تبدو أكثر تنظيما ودقة، ولم تلحظ خلالها أي تفلتات أو عمليات تخريب. وصادرت أجهزة الأمن أمس صحيفتي «السوداني» و«المجهر» في حين أوقفت صحيفة «الوطن» عن الصدور نهائيا، وتوقفت صحيفتا «الجريدة» و«القرار» عن الصدور احتجاجا على الرقابة الأمنية، ومنع الصحافيين من تغطية الأحداث بمهنية. واستقال مستشار تحرير صحيفة «الصحافة» حيدر المكاشفي، وصحافيون آخرون احتجاجا على سياسة تحرير الصحيفة، التي اعتبروها مناوئة لمطالب الجماهير. وتعتزم «شبكة الصحافيين» تنظيم إضراب مفتوح عن العمل احتجاجا على الرقابة على الصحف، وفرض الأمن إخباره على الصحف. من جهتها، أدانت حركة العدل والمساواة السودانية التي تقاتل الخرطوم في دارفور وتشارك في الجبهة الثورية، بـ«أغلظ العبارات» ما أطلق عليه بيان صادر عنها حصلت عليه «الشرق الأوسط» مواجهة المظاهرات السلمية بالمدافع والأسلحة الفتاكة، واستخدام الميليشيات والعصابات المتخصصة في قتل المتظاهرين. وقالت في البيان إنها لا تملك مسلحا واحدا في أي من المدن السودانية، وإن الشعب يعلم علم اليقين أن الذي يقتله هو النظام وعصاباته المجرمة، في ردها على اتهام مصادر حكومية لمقاتليها بقتل المتظاهرين في الخرطوم. وطالبت المجتمع الإقليمي والدولي بإدانة ما يقوم به النظام من فتك بالمتظاهرين السلميين، وللتدخل العاجل لإجراء تحقيق مستقل في الجرائم البشعة التي ترتكب في حق المواطنين، ودعت المحكمة الجنائية الدولية للاضطلاع بدورها في جمع الأدلة توطئة لمحاسبة المجرمين، وبإطلاق سراح المعتقلين محذرة من المساس بهم. ودعت «العدل والمساواة» جماهيرها وعضويتها للخروج للشارع للتعبير عن رفضهم لهذا النظام. وكانت حدة المظاهرات قد تباطأت قليلا يوم الخميس الماضي، بيد أنها استعادت حيويتها مرة أخرى، في حين تواصلت حالة الشلل العام التي تشهدها الخرطوم ومدن أخرى من البلاد، على الرغم من الحشود الكبيرة من القوات الأمنية ورجال الجيش. وأغلقت سلطات الأمن مكتب فضائية «العربية» في الخرطوم وقال مراسلها في الخرطوم سعد الدين حسن لـ«الشرق الأوسط» إن سلطات الأمن ألقت القبض عليه وحققت معه لمدة ساعتين حول تغطية المظاهرات، ثم رافقته قوة للمكتب وتسلمت ممتلكاته ووضعت عليه حراسة مسلحة، وأبلغته أن مكتب القناة موقوف عن العمل لأجل غير مسمى.
مشاركة :