قال الدكتور خالد الجعلي، الأستاذ المساعد بكلية الصيدلة بجامعة الملك عبدالعزيز عضو لجنة الاستخدام الأمثل للمضادات بوزارة الصحة، إن نتائج الدراسات العلمية تشير إلى أن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وفقدانها القدرة على علاج كثير من الحالات، ستكون القاتل الأول في عام 2050. وأوضح "الجعلي" أن نسبة المقاومة في زيادة سريعة، ومن المتوقع أن يصل عدد الوفيات إلى 10 ملايين حالة سنويًّا بعد نحو 30 عامًا إثر مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية التي كانت في السابق تستجيب لها. وأضاف: فقدان فاعلية المضاد الحيوي يعني تدمير جزء كبير من الحضارة والتقدم الطبي، ولن يتمكن أغلب الناس من علاج الأورام الخبيثة أو زراعة الأعضاء؛ لأن هؤلاء المرضى معرضون للعدوى بشكل أكبر بسبب نقص المناعة لديهم. وأردف بأن كثيرًا من العمليات تستعين بالمضادات الحيوية للوقاية من أو علاج العدوى المكتسبة خلال الجراحة. وفقدان فاعلية المضادات الحيوية هو شر عظيم؛ علينا أن نتكاتف لنمنعه على الأقل بتفادي سوء استخدام المضادات الحيوية في الوقت الحالي. آلية المقاومة وحول آلية مقاومة البكتيريا للمضاد الحيوي قال "الجعلي": هناك آليات متنوعة في كيفية تكوُّن هذه المقاومة. والبكتيريا ذكية جدًّا، ولا يوجد مضاد حيوي إلى اليوم إلا وقد تمكنت البكتيريا من إيجاد آلية لمقاومته. وبهذه الطريقة استطاعت البكتيريا العيش في بيئات صعبة، ومحاربة المواد السامة على مَرّ السنين. وبيَّن أن "البنسلين" كان علاجًا سحريًّا لالتهابات جروح الجنود خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن سرعان ما اكتسبت بعض البكتيريا القدرة على إفراز إنزيمات تكسر البنسلين البسيط. بعدها قام العلماء بتعديل التركيب الكيميائي؛ ليصبح البنسلين المعدل صامدًا ضد هذه الإنزيمات. ومرة أخرى قامت بعض البكتيريا بتغيير في تركيبها، منع البنسلين المعدل من العمل على هدفه المعتاد. المضادات الطبيعية وكشف الدكتور "الجعلي" أنه لا توجد مضادات حيوية طبيعية ممتازة كالأدوية المصنعة لأغلب الحالات. وهناك القليل جدًّا من الدراسات العلمية دعمت استخدام بعض المنتجات الطبيعية لعدوى معينة. على سبيل المثال: أثبت العسل مقارنة بعدم أخذ علاج أنه يقلل من عدد مرات وشدة الكحة لدى الأطفال فوق عمر سنة، مع أنه يعتبر "طبيعيًّا"، ولكنه لا يعتبر آمنًا كليًّا للجميع، ولا يُنصح به للأطفال الذين لم يبلغوا من العمر سنة، والكبار في السن. وأبدى أسفه من أن الكثير من استخداماتنا للمضادات الحيوية هو لأمراض سببها في الغالب فيروسات، مثل البرد والزكام والإسهال والكحة، والتيلاتفيد فيها المضادات الحيوية، ونادرًا منها ما يحتاج لمضاد فيروسي خاص مثل الإنفلونزا. البكتيريا المقاومة وبيّن "الجعلي" الخطوات التي يجب على العامة من الناس القيام بها للحد من انتشار البكتيريا المقاومة، وهي: عدم مشاركة المضادات الحيوية مع الآخرين، وعدم استخدام المضاد إلا بوصفة من طبيب، واتباع التعليمات في كيفية أخذ المضاد وأوقات أخذه ومدة العلاج، كذلك عدم الإلحاح على الطبيب لوصف المضاد من غير حاجة، وسؤاله عما إذا كانت العدوى بكتيرية أو فيروسية أو غيرها، وأخذ التطعيمات الموصى بها، وخصوصًا تطعيم الإنفلونزا. ويشارك "الجعلي" بورقة عمل في المؤتمر السعودي الدولي المصاحب للمعرض السعودي الدولي للصيدلة والمختبرات الطبية الذي يفتتحه نائب وزير الصحة للشؤون الصحية الاثنين المقبل بأرض المعارض بالرياض. ويتحدث خلال المؤتمر عن المضادات الحيوية الجديدة التي تساعد في علاج بعض البكتيريا المقاومة للعلاجات السابقة، ويتطرق إلى العلاجات التي اعتمدت من هيئة الغذاء والدواء السعودية خلال السنوات الأخيرة. والهدف هو توعية الصيادلة بوجودها، وفهم فوائدها وأضرارها بناء على الدليل العلمي الحالي؛ ليتم استخدامها بشكل أمثل.
مشاركة :