شارك الدكتور جيريمي أراش رافي تبريزي، أستاذ الطب الوراثي لأمراض النساء والتوليد في وايل كورنيل للطب - قطر، في جراحة طبية جديدة واعدة لسرطان المبيض أُجريت في فرنسا بعد أشهر على اعتمادها. ويعتقد الأطباء أن هذه الجراحة قد تزيد أعداد الناجيات من سرطان المبيض، لذلك يأمل تبريزي في أن يتمكن من نقل هذه الجراحة الابتكارية إلى قطر وأن ينسّق مع مؤسسات طبية قطرية لإطلاق برنامج مبتكر لمعالجة سرطان المبيض في مراحله المتقدمة ولإدخال نهج الطب الشخصي الجديد إلى قطر. وقال الدكتور تبريزي إن سرطان المبيض هو السرطان الأكثر فتكاً بين السرطانات النسائية، فمن المرجح ألا تعيش المصابة بمرحلة متقدّمة منه أكثر من ثلاثة أو أربعة أعوام، وإذا أردنا المقارنة، فمعدّل نجاة مريضات سرطان الثدي يتراوح بين 80 و90%. ويردّ الأطباء نسبة الشفاء الضئيلة من سرطان المبيض إلى أن الأورام تنتشر في البطن، ومثل هذه الفجوة الكبيرة تجعل أعراض سرطان المبيض تمرّ في معظم الأحيان دون أن يتنبّه إليها أحد إلا في مرحلة متقدمة، حينئذ تكون الأورام قد استحكمت وانتشرت بالفعل في أنحاء الجسم. تتمثّل المنهجية العلاجية المتبعة في الوقت الراهن في إزالة الأورام كافةً ومن ثم البدء بالعلاج الكيميائي الوريدي، غير أن معاودة ظهور سرطان المبيض أمر شائع، ويعتقد الدكتور تبريزي أن مردّ ذلك إلى تمكُّن الخلايا السرطانية المجهرية المتبقية من الاختباء في الصّفاق، وهو الغشاء الرقيق المبطّن لجدار البطن من الداخل والمطوّق للأعضاء الداخلية فيه. وفي هذا السياق، قال تبريزي: "معظم مريضات سرطان المبيض يعاودهن المرض في غضون ثلاث سنوات بعد العملية، وعندئذ يستلزم الأمر علاجاً كيميائياً إضافياً وفي بعض الأحيان إجراء جراحة ثانية. ولأن نُكْس سرطان المبيض أمر منتشر فإن ذلك يعزز مصداقية نظرية أن الصّفاق يوفر الملاذ للخلايا السرطانية المحتمية فيه من أدوية العلاج الكيميائي. وأضاف قائلاً: "طوال الأعوام العشرة الماضية قمنا في مختبري، بدعم من مؤسسة قطر ممثّلةً في برنامج بحوث الطب الحيوي والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، باستقصاء الصلة بين الصّفاق والخلايا السرطانية. وتبيّن لنا أن الخلايا الصّفاقية تنشط خلال الجراحة وتقتنص الخلايا السرطانية ردّ فعل الخلايا الصّفاقية للتملّص من أدوية العلاج الكيميائي. لذا، يتعيّن علينا أن نعطّل هذه الصلة بينهما لتحسين فرص القضاء على سرطان المبيض". وأوضح تبريزي أنه في عام 2004 انضم إلى الأطباء المنخرطين في مفهوم "العلاج الكيميائي مفرط الحرارة داخل الصّفاق" (HIPEC) في ما يتعلق بسرطان المبيض المتقدّم. ويقوم هذا المفهوم على تسخين أدوية العلاج الكيميائي ومن ثم توجيهها مباشرة إلى فجوة البطن بدلاً من أن يكون ذلك عبر الوريد. وتُحدث الحرارة صدمةً للخلايا السرطانية تقود إلى موتها، كما أن إعطاء العلاج الكيميائي مباشرة في البطن يضمن نسبة تركيز أكبر مقارنةً بإعطائه عبر الوريد. ولكن، من المؤسف أن هذه التقنية لم تكن فعّالة كما أريد لها. ورغم ذلك ظلّ الأطباء على اعتقادهم بأن الصّفاق هو أساس المشكلة، غير أنهم أدخلوا تغييرات في بروتوكول العملية، فمن أجل خفض الصدمة التي يتعرض لها جسم المريضة، خُفضت درجة حرارة أدوية العلاج الكيميائي بدرجتين مئويتين لتصير 40 درجة مئوية. اعتُمد بروتوكول العلاج الجديد منذ أُشهر معدودة، وشارك الدكتور تبريزي في أول عملية أُجريت في مستشفى فوش الجامعي شمالي العاصمة الفرنسية باريس. وانطوت العملية على جهود جماعية متناهية الدقة لفريق ضمّ جراحين وأطباء تخدير، واستغرقت ما مجموعه تسع ساعات. وعانت المريضة، وهي في الستينات من عمرها، مرحلةً متقدّمة من سرطان المبيض واختيرت بعناية كحالة مرضيّة مناسبة لهذه العملية. والتزمت المريضة أيضاً بنظام تمارين صارم قبل العملية بما يضمن أفضل لياقة بدنية لها. وأشار الدكتور تبريزي إلى أن المريضة خرجت من العناية الحثيثة ولكن يجب الانتظار للتحقق من إمكانية معاودة سرطان المبيض لديها. غير أنه أعرب عن تفاؤله قائلاً: "تقول النظرية التي نعمل بموجبها أن ثمة خلايا سرطانية مجهرية متبقية في الصّفاق بعد إجراء الجراحة لإزالة الأورام المرئية، وما قمنا به في هذه الجراحة الابتكارية هو تشبيع فجوة البطن والأعضاء الداخلية بأدوية العلاج الكيميائي. لذلك أطمح الآن إلى العمل مع جهات محلية لنقل هذه الجراحة الابتكارية إلى قطر بعد أن أُجريت في قلة قليلة من بلدان العالم، فسرطان المبيض من أشدّ السرطانات فتكاً بالنساء، ونريد أن نوفّر للمصابات به كلّ فرصة ممكنة لزيادة أعمارهن، وربما لشفائهن تماماً منه".;
مشاركة :