أطلقت طاجيكستان رسميا أمس مشروع سد كهرمائي عملاق تكلفته 3.9 مليار دولار، يتوقع أن يكون الأكبر في العالم، ويتيح للدولة الفقيرة الواقعة في آسيا الوسطى إيجاد حل لمشكلة نقص الكهرباء المزمنة وتصدير الكهرباء لأفغانستان وباكستان. وفي مراسم احتفالية في عمق جبال بامير، ضغط إمام علي رحمن رئيس طاجيكستان زرا رمزيا كبيرا وسط تصفيق الحضور، معطيا إشارة بدء عمل واحدة من ستة توربينات سيتم تشغيلها في السد المشيد في روجون الواقعة على بعد 100 كيلو متر شرق العاصمة. وبحسب "الفرنسية"، من المتوقع أن يصل ارتفاع السد المشيد على نهر فخش في جنوب طاجيكستان إلى 335 مترا في غضون عشر سنوات، ما يجعله أكبر سد كهرمائي في العالم. ولوّح الحضور بأعلام البلاد فيما رقص رجال يعتمرون خوذات ورش على وقع أغان تمجد السد. ولا يزال موقع مشروع السد مجرد ورشة شاسعة تغطي الصخور أرضها، فيما تم تحويل مجرى نهر فخش الذي يشق طريقه عبر جبل بامير. ومن المتوقع أن تصل طاقة السد الإنتاجية الإجمالية عند اكتماله في غضون عشر سنوات إلى 3600 ميجا واط، وهو ما يعادل إنتاج ثلاث محطات نووية. وسيضاعف المشروع إنتاج الكهرباء في البلد البالغ عدد سكانه نحو تسعة ملايين نسمة، ما يقضي على مشكلة نقص الكهرباء المزمنة ويتيح لطاجيكستان تصدير فائض الكهرباء لباكستان وأفغانستان وأوزبكستان. وتعود خطط بناء السد إلى الحقبة السوفياتية، لكنه تم تحريك الورشة في السنوات الأخيرة. وفي عام 2016 صعد إمام علي رحمن على جرافة عملاقة في موقع المشروع الطموح، تأكيدا لالتزامه الشخصي بإنجازه. وفي عام 2017، تمكنت طاجيكستان من جمع 500 مليون دولار بعد أن طرحت سندات دولية لتمويل بناء السد. وتأمل طاجيكستان أن يوفر بدء الإنتاج الكهربائي للسد أموالا تسهم في تمويل مشروعات أخرى. وقبل انطلاق حفل الافتتاح، التقى رحمن سيريل مولر نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة أوروبا وآسيا الوسطى. ويعتقد مراقبون أن السد يعد مشروعا أساسيا ومهما للبلد الذي فقد عشرات آلاف الأشخاص خلال حرب أهلية في تسعينات القرن الفائت. ويرى عبدالغني محمد عظيموف المحلل السياسي أن سد روجون أصبح "مفهوما للوحدة الوطنية" في طاجيكستان. ودعت شخصيات عامة في البلد السوفياتي السابق إلى تسمية السد الضخم على اسم الرئيس رحمن. وقال سيد جعفر عثمانزودا رئيس حزب طاجيكستان الديمقراطي الممثل في البرلمان "إنّ الدعوة تناسب "الإنجازات البطولية" لرحمن، وأبرزها تحويل حلم سد روجون إلى حقيقة". وإذا وصل إلى ارتفاع 335 مترا كما هو مخطط له، فسيكون السد أعلى بـ 30 مترا من سد جينبينج-1 "305 أمتار" الصيني المشيد حديثا وبـ 25 مترا من سد نوريك العائد إلى الحقبة السوفياتية في طاجيكستان على نهر فخش أيضا. وتشرف المجموعة الإيطالية "بي تي بي ساليني إيمبريجيلو" على بناء السد الذي يقول مراقبون "إن السلطات الطاجيكستانية لم تأخذ في خططه بالمعايير البيئية، خصوصا مع التدخل المباشر للرئيس". ويؤكد فيليبو مينجا المحاضر في الجغرافيا الإنسانية في جامعة ريدنج البريطانية أنّ "روجون" يقع في "منطقة زلزالية نشطة وقد حذّرت دراسات جيولوجية عدة من مخاطر بناء سد عملاق هكذا في هذه المنطقة". وتملك طاجيكستان البلد الجبلي إمكانات كبيرة لإنتاج الكهرباء بفضل شلالات المياه في الجبال. في الوقت الراهن، هدأ التوتر الجيوسياسي المحيط بالمشروع في المنطقة التي تعاني نقصا في المياه. وتعارض أوزبكستان المجاورة بناء هذا السد خشية تراجع كمية المياه التي تصلها من طاجيكستان التي تستخدمها خصوصا لزراعة القطن. وألمح رئيس أوزبكستان الراحل سلام كريموف إلى أنّ بلاده ربما تخوض حربا بسبب المشروع.
مشاركة :