فشل قادة دول آسيا والمحيط الهادئ في تخطي خلافاتهم خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ «أبيك» التي اختتمت أعمالها في بابوا غينيا الجديدة أمس الأحد وشهدت مواجهة حادة بين الصين والولايات المتحدة وسط صراع على النفوذ في المنطقة.شارك ممثلو 21 دولة، يشكل سكانها نحو نصف عدد سكان العالم، في القمة دون التوصل إلى بيان ختامي مشترك للمرة الأولى في تاريخ المنظمة.تخوض بكين وواشنطن حرباً تجارية تهدد الاقتصاد العالمي، وقد أظهر البلدان خلافاتهما على الملأ في خطابين ألقاهما الرئيس الصيني شي جين بينغ ونائب الرئيس الأمريكي مايك بنس قبل بدء قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا المحيط الهادئ.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشانغ تشياو لونغ إن القادة قرروا أنه بدل الإعلان التقليدي، سيتركون لبابوا غينيا الجديدة بصفتها الرئيسة، أن تصدر إعلانا للرئاسة باسم جميع الأعضاء تعرض فيه الإجماع.وأوضح بيتر أونيل رئيس الوزراء في بابوا غينيا الجديدة أن الفشل في التوصل إلى بيان ختامي كان سببه «العملاقان الموجودان في الغرفة»، في إشارة إلى الولايات المتحدة والصين اللتين هيمنتا على جدول أعمال القمة بخلافاتهما التجارية وتبادل الاتهامات.وقال إن الدول لم توافق على إصلاح منظمة التجارة العالمية وأضاف: «أبيك ليس لها سلطة على منظمة التجارة العالمية. في الواقع، يمكن بحث هذه الأمور في جلسة للمنظمة». إلا أنه لم يوضح ما هي الإصلاحات التي فشلت الدول في الاتفاق بشأنها.وقال أونيل بعد انتهاء القمة: «بالطبع، العالم بأكمله يشعر بالقلق إزاء العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة, وهذا موقف يتعين على الدولتين فيه الجلوس سوياً وحله».وأضاف أن قمة مجموعة العشرين المقررة في وقت لاحق من الشهر الجاري في الأرجنتين «ستكون فرصة لهما للجلوس وحل قضاياهما».وخيمت أجواء الخلافات على القمة بعد تبادل الانتقادات والاتهامات بين شي وبنس، ودعا نائب الرئيس الأمريكي دول المنطقة إلى الوقوف بجانب الولايات المتحدة متهما الصين باتباع دبلوماسية دفتر الشيكات التي وصفها بأنها «غير شفافة». وقال خلال منتدى لرؤساء شركات «نحن لا نغرق شركاءنا في بحر من الديون، لا نفرض قيودا ولا ننشر الفساد ولا نسيء إلى استقلالكم». وأضاف: «تكلمت مرتين مع الرئيس شي خلال المؤتمر، أجرينا حديثا صريحا». وصدرت هذه الانتقادات اللاذعة بعد كلمة للرئيس الصيني الذي كان محور القمة في غياب الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، دافع فيها عن خطة «طريق الحرير» العملاقة التي تروج لها بلاده من خلال استثمارات وقروض ضخمة لتشييد بنى تحتية تربطها بالعالم، مؤكدا أنها «ليست فخا مثلما وصفها البعض». ورغم هذه النبرة الشديدة، خلت القمة من الحوادث، ووقف القادة عصر السبت لالتقاط الصورة التذكارية التقليدية، مرتدين هذه السنة قمصاناً صفراء وحمراء، وكان هناك حديث مقتضب بين شي وبنس خلال مأدبة العشاء ليلا.من جانب آخر، أعلنت الولايات المتحدة عن مشروع مشترك مع أستراليا واليابان ونيوزيلندا بهدف تسريع عملية توسيع شبكة الكهرباء في بابوا، بهدف رفع نسبة السكان التي تتزود بالتيار من 13 إلى 70%.ولوّح البيان حول هذا المشروع بإمكانية قيام مبادرات مماثلة لدول أخرى «تدعم المبادئ والقيم» التي تروج لإقامة «منطقة حرة ومنفتحة ومزدهرة قوامها سيادة القانون».وفرضت واشنطن في الأشهر الأخيرة رسوماً جمركية مشددة على المنتجات الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة، ردت عليها بكين بتدابير مماثلة، غير أن العجز في الميزان التجاري الأمريكي تجاه الصين استمر في تسجيل أرقام قياسية.وطرح شي نفسه في القمة مدافعاً عن التعددية فندد ب «الحمائية والأحادية» وقال إنها خطر في انتقاد لسياسة «أمريكا أولا» التي ينتهجها ترامب، ورد بنس مؤكدا أن واشنطن ستبقي على رسومها الجمركية «طالما أنّ الصين لم تغيّر سلوكها».وأبدى البعض في الكواليس مخاوفهم إزاء عواقب الصراع الأمريكي الصيني على اقتصادات دول «أبيك»، وقال رئيس شركة «ديجيسيل» الملياردير الإيرلندي دينيس أوبراين لفرانس برس «لا يريد رؤساء الشركات الإفصاح علنا، لكنهم يتباحثون في المسألة حول موائد العشاء بينهم ويتساءلون كيف وصل الأمر بنا إلى هنا». (وكالات)
مشاركة :