جدة – البلاد على مدى ما يقرب من نصف قرن حققت سلطنة عمان انجازات ضخمة في كافة المجالات ، واحتفلت السلطنة امس الأحد بالذكرى الثامنة والأربعين ليومها الوطني، وهي ذكرى تحمل في ثناياها المنجزات الحضارية في ظل القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد. فقبل ثمانية وأربعين عاماً وعد السلطان قابوس في خطابه التاريخي الأول عام 1970م بإقامة الدولة العصرية فأنجز ما وعد بتوفيق وفضل من الله وبحكمة مستنيرة استلهمت قيم الماضي وتطلعات المستقبل، وطوال السنوات الماضية شهدت عُمان منجزات عديدة ومتواصلة شملت مختلف مجالات الحياة وعلى نحو يحافظ على أصالتها وعراقتها، ويواكب تطورات العصر في ميادين العلم والمعرفة، ويستفيد من التقدم الإنساني في شتى الميادين. نهضة معاصرة مع انطلاقة النهضة العمانية في عام 1970م تتابعت خطط التنمية الخمسية ، وعلى امتداد ثماني خطط متتابعة، حيث بدأت خطة التنمية الخمسية التاسعة بعد ارتفاع مُعدَّلات النمو في القطاعات كافة ، حيث استخدمت الحكومة إيرادات النفط والغاز بشكل خاص لتحقيق التنمية وتشييد البنية الأساسية وبناء ركائز اقتصاد وطني قادر على النمو والتفاعل مع التطورات الإقليمية والدولية، والاستجابة أيضا لمتطلبات تحقيق مستوى حياة أفضل للمواطن العماني أينما كان على امتداد أرض عمان الطيبة مع تحقيق تطّور مستمر في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمل في الوقت ذاته على تنويع مصادر الدخل القومي والحد من الاعتماد على عائدات النفط والغاز بقدر الإمكان. وانطلق في عام 2016 م البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي “تنفيذ” الذي يأتي مبادرة وطنية تُنفّذ في إطار الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) بالتعاون مع وحدة الأداء والتنفيذ التابعة لحكومة ماليزيا “بيماندو” ، للعمل على تنويع مصادر الدخل مع التركيز على القطاعات الأساسية المستهدفة ضمن برنامج التنويع الاقتصادي وفق الخطة الحالية. قوة العلاقة وحكمة القيادة ترتبط المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وسلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان ، بعلاقات أخوية تاريخية فيما بين البلدين وتنسيق للمواقف المشتركة بينهما تجاه مختلف القضايا في إطار منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي يحرص البلدان على تعزيزها وتطويرها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين وقادتها، حيث يشكل البلدان الشقيقان جزءا حيويا من المنظومة الخليجية والعربية ، وتحرص قيادتا المملكة وعمان على دفع العلاقات الأخوية بقوة نحو الأمام في كافة المجالات والأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، حيث يتمتع الجانبان بحرية انتقال السلع والأفراد في إطار اتفاقيات دول مجلس التعاون الخليجي، وتوجد فرصة كبيرة للارتقاء بهذا النوع من التعاون والعمل المشترك. وقد هنّأ سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان عيد بن محمد الثقفي ، جلالة السلطان قابوس بن سعيد وحكومة وشعب عُمان الشقيق بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الثامن والأربعين لسلطنة عُمان، راجياً من الله تعالى المزيد من النماء والنهضة ،وأن يديم الاستقرار والرخاء والازدهار في ربوع السلطنة. ونوّه السفير الثقفي في تصريح لـ”واس” ،بعمق الروابط المشتركة بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان القائمة على روابط الدين والدم والمصير الواحد والجوار, مشيراً إلى أنها تستمد بعداً تاريخياً من العلاقات الأخوية بين قيادتي البلدين الشقيقين وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – عبر التنسيق المشترك والمستمر حرصاً على أمن واستقرار البلدين والمنطقة والعالم عموماً. وأكد أنّ حكومتي البلدين وبتوجيهات من قيادتيهما عازمتان على تطوير علاقاتهما في المجالات كافة، والانطلاق بها إلى رحاب أوسع بما يحقق المصالح المشتركة ويخدم اقتصادهما، ويسهم في تحقيق الرخاء والازدهار للشعبين الشقيقين، مضيفا بأن التاريخ أثبت دائما أن البلدين كانا سندين لبعضهما في الرخاء والشدة , ومما يعزز العلاقات بينهما هو المحبة المتبادلة بين شعبي البلدين والترابط الثقافي بينهما عبر العادات والموروث الشعبي المشترك “. وبين سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان، أن المملكة العربية السعودية بوصفها دولة شقيقة وجارة لسلطنة عمان تفتخر بما تحقق في السلطنة من إنجازات, وهو ما ذكره صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – خلال مؤتمر ” مبادرة مستقبل الاستثمار 2018 ” الذي عُقد في الرياض مؤخراً عندما أشاد بالجهود الكبيرة التي تحققها سلطنة عُمان اقتصادياً. وتحرص المملكة والسلطنة على تعميق العلاقات بينهما من خلال زيادة الاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين أو من خلال الترفيه والسياحة ، وهاهما يقتربان من تشغيل الطريق البري الرابط بينهما لتنمية الحركة وزيادة الروابط التجارية الاجتماعية. وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان عام 2017م 9.0 مليار ريال منها 4.0 مليار ريال صادرات سعودية مقابل 4.9 مليار ريال واردات سعودية من السلطنة. ودائما المملكة وشعبها يتمنون استمرار مسيرة النماء والتطور التي تشهدها سلطنة عمان، فالشعبان الشقيقان يجمعهما وفاق تام، وتعد مناسبة اليوم الوطني العماني فرصة لتجديد أواصر الحب والإخاء. إن قوة العلاقات المشتركة تصب في صالح الشعبين الشقيقين وتقوية مجلس التعاون الخليجي والاستقرار في المنطقة ، كما أن التفاعل الإيجابي على المستوى الثقافي والإعلامي والاجتماعي يزيد من التلاحم ويقوي الأواصر بين الشعوب الخليجية. انجازات واستقرار ويحتفل أبناء الشعب العُماني الوفيّ، على امتداد أرض عُمان الأبيّة باليوم الوطني الثامن والأربعين المجيد وكلّهم اعتزاز وثقة وإرادة مقرونة بالحبّ والدعوات والامتنان لباني نهضة عُمان الحديثة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم. وتحقيق ذلك هو ثمرة من ثمار الفكر المستنير لجلالة القائد المفدى وحرصه على رعاية المواطن العماني، وتوفير كل أسباب التقدم والتطور أمامه ، وإعداده تعليميًّا وثقافيًّا ليقوم بدوره الأساسي كشريك وكطرف أصيل في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية في كل المجالات باعتباره وسيلة التنمية وغايتها، ومن أجل إرساء وترسيخ أسس وركائز الدولة العصرية القائمة على العدل والمساواة وحكم القانون التي تحرص عليها الرعاية السامية لوحدة الوطن وتماسك وترابط أبنائه وترابه. وقد جسد النظام الأساسي للدولة وتعديلاته كل هذه الجوانب بما يحقق دولة المؤسسات وحكم القانون والتعاون الواسع والعميق بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية في إطار المساواة وحكم القانون واستغلال القضاء وتيسير العدالة للمواطنين. والاستعداد لاستراتيجية رؤية مستقبلية “عمان 2040” للانطلاق بالاقتصاد العماني إلى آفاق أرحب وتحويل السلطنة إلى مركز إقليمي لوجيستي متطور، خاصة مع استكمال مشروعات المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم خلال الفترة القادمة . وقد تم افتتاح مطار مسقط الدولي الجديد يوم 11 نوفمبر 2018 م وافتتاح مطار الدقم للتشغيل التجاري في 17 سبتمبر الماضي، فإنه يتم الإعداد لتدشين عدة مشروعات منها مشروع مصفاة النفط والصناعات البتروكيماوية، ومشروع المدينة الصينية باستثماراته الكبيرة، ومشروع المدينة الذكية التي تم الاتفاق بشأنها مع كوريا الجنوبية في شهر يوليو الماضي. وفي حين تواصل الحكومة العمل على خفض الإنفاق العام، وزيادة الموارد والعائدات، وتخفيض نسبة العجز في الميزانية العامة لعام 2019 م، مع زيادة الاستثمارات الأجنبية، وتنشيط قطاع السياحة، فإن – الحكومة تحرص في الوقت ذاته على تطوير الخدمات الصحية والتعليمية والرعاية الاجتماعية للمواطن العماني، وبما يتجاوب مع التطور الاقتصادي والاجتماعي المتواصل الذي تشهده السلطنة.. وفي هذا الإطار حققت السلطنة مراتب متقدمة في العديد من المؤشرات التي تصدرها مؤسسات دولية حول جوانب مختلفة ، وقد أعرب جلالة السلطان– رعاه الله – عن ارتياحه وتقديره لما تبذله الحكومة من جهود متواصلة تراعي البعدين الاقتصادي والاجتماعي . وتسعى حكومة السلطنة إلى إعطاء دفعة كبيرة لبرامج تطوير قدرات ومهارات الشباب، سواء من خلال البرامج المعدة في هذا المجال ومنها “البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب” الذي تم تدشينه بمباركة سامية هذا العام من قبل ديوان البلاط السلطاني، أو من خلال تشجيع ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير المزيد من التسهيلات لها لتشجيع الشباب على إنشاء مشروعاتهم الخاصة ولأهمية هذه النوعية من المشروعات للاقتصاد الوطني وتطوره في المستقبل. ويترافق ذلك مع برامج تنشيط السياحة والاستثمار في المشروعات السياحية في مختلف محافظات السلطنة والعمل على استثمار المقومات السياحية التي تتمتع بها السلطنة في هذا المجال. وقد عمِل فكر جلالة السلطان – حفظه الله – ورؤيته المستنيرة وقراءته الواعية لما يحدث في العالم على تهيئة أفضل نظام للسلام وحل المشكلات في المنطقة عبر الحوار وبناء أفضل العلاقات بين دولها وشعوبها في إطار قواعد القانون والشرعية الدولية ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. إن عُمان القوية بقيادتها وأبنائها كانت وستظل صمام أمان وركيزة للأمن والاستقرار والسلام في الخليج والمنطقة العربية والشرق الأوسط من حولها وإن ما شهدته وتشهده السلطنة من تحركات واتصالات وزيارات على أرفع المستويات وما تبذله من مساع حميدة من أجل الإسهام في حل المشكلات والصراعات الجارية في المنطقة عبر الحوار والطرق السلمية ينطوي على دلالات بالغة أهمها ما يتمتع به جلالة القائد المفدى من تقدير ومكانة رفيعة على كل المستويات الرسمية والشعبية، وحرص الكثيرين في المنطقة والعالم على الاستماع إلى تقييمه ورؤيته – أبقاه الله – لمختلف التطورات والاستفادة من حكمة جلالته لدفع مسارات السلام التي تتطلع إليها شعوب المنطقة وتستعجل السير فيها اليوم قبل الغد ليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطينية وضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل لها في إطار عمل الدولتين ولكن أيضًا بالنسبة لمختلف المشكلات والأزمات الراهنة في المنطقة التي عانت وتعاني منها شعوبها. ومما لا شك فيه أن الإيمان العميق لجلالته / أعزه الله / بأهمية وضرورة العمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار لدول و شعوب المنطقة ، كسبيل لتمكينها من بناء حاضرها ومستقبلها وصنع التقدم والرخاء لأبنائها وأجيالها القادمة، قد ساهم في بلورة الرؤية السامية، سواء على صعيد تحقيق التنمية المستدامة لعُمان الدولة والمجتمع والمواطن وإسعاده، أو على صعيد بناء علاقات عمان ومواقفها حيال مختلف التطورات الخليجية والإقليمية و الدولية.
مشاركة :