أخفق زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادي في التوصل إلى اتفاق بشأن صياغة بيان ختامي لقمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي "أبيك" في بابوا غينيا الجديدة أمس في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المنظمة بعد أن عرقلت الخلافات الحادة بين الصين والولايات المتحدة بشأن التجارة والاستثمار مسار التعاون. وبحسب "رويترز"، فقد سلطت القمة الأضواء على المنافسة بين الولايات المتحدة والصين للهيمنة علي منطقة الهادي عبر إطلاق واشنطن وحلفاء غربيين لرد منسق على مبادرة الحزام والطريق الصينية. وقال بيتر أونيل رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة أمس في مؤتمر صحافي في ختام القمة ردا على سؤال عن الدول التي لم تتمكن من الاتفاق من بين الأعضاء وعددها 21 دولة "أنتم تعرفون. العملاقان في القاعة". وأضاف أونيل، الذي ترأس القمة، أن "نقطة الخلاف الرئيسية كانت تدور حول إدراج منظمة التجارة العالمية والإصلاح المحتمل لها في البيان الختامي". وقال "أبيك" ليس لها سلطة على منظمة التجارة العالمية، هذه حقيقة، تلك الأمور يمكن أن تطرح في منظمة التجارة العالمية". ويتداعى نظام التجارة متعددة الأطراف الذي تأسست "أبيك" في عام 1989 لحمايته تحت وطأة مساعي الهيمنة الصينية في المحيط الهادي والرسوم الجمركية الأمريكية التي وترت العلاقات في المنطقة وقسمت الولاءات. وأضاف أونيل أن "بلاده بصفتها المستضيفة لـ "أبيك" ستصدر بيانا من الرئيس بشأن القمة لكن لم يتضح متى سيتم ذلك. ولم يحضر الرئيسان الأمريكي والروسي القمة، وحضر مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي. ووصل الرئيس الصيني شي جين بينج يوم الخميس وحظي باستقبال حار وحفاوة من مسؤولي بابوا غينيا الجديدة، كما أثار حفيظة الغرب يوم الجمعة عندما اجتمع بقادة البلاد لدفع مبادرة الحزام والطريق. في المقابل، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها وهي اليابان وأستراليا ونيوزيلندا بالرد على المبادرة الصينية من خلال التعهد بتمويل مشترك تبلغ قيمته 1.7 مليار دولار لمشروع توفير الكهرباء والإنترنت في بابوا غينيا الجديدة. ويرى دبلوماسي مطلع على المفاوضات أن التوتر بين واشنطن وبكين كان ظاهرا خلال الأيام الماضية وتفجر عندما اعترض وانج يي وزير خارجية الصين خلال استراحة للزعماء على فقرتين في مسودة البيان. ونصت إحدى الفقرتين على رفض "الممارسات التجارية غير العادلة" وإصلاح منظمة التجارة العالمية فيما كانت الفقرة الثانية تتحدث عن التنمية المستدامة. وقال بنس خلال القمة "إن بلاده لن تتوقف عن فرض رسوم جمركية على سلع صينية قيمتها 250 مليار دولار حتى تغير بكين أساليبها. وقالت الولايات المتحدة، خلال القمة، "إنها ستنضم إلى أستراليا في تطوير قاعدة بحرية في بابوا غينيا الجديدة، وهي الخطوة التي تهدف إلى الحد من نفوذ الصين المتنامي في المحيط الهادئ". وأوضح نائب الرئيس الأمريكي، أن القاعدة ستساعد على "حماية السيادة والحقوق البحرية في جزر المحيط الهادئ. من جانبه، انتقد الرئيس الصيني شي جين بينج، سياسة الولايات المتحدة التي ترفع شعار "أمريكا أولا"، مؤكدا أن الدول التي تتبنى سياسة الحمائية "محكوم عليها بالفشل". وأضاف الرئيس الصيني "التاريخ أظهر أنه في أي مواجهة سواء كانت في شكل حرب باردة أو ساخنة أو تجارية، لا يخرج أحد منتصرا". وذكر بنس، لدى مغادرته بورت مورزبي عاصمة بابوا غينيا الجديدة، عددا من الخلافات الأمريكية الصينية. وقال للصحافيين الذين سافروا معه "يبدأون في ممارسات تجارية وفرض رسوم جمركية وقيود، ونقل قسري للتكنولوجيا، وسرقة الملكية الفكرية. ويتخطى الأمر ذلك ليصل إلى حرية الملاحة في البحار ومخاوف بشأن حقوق الإنسان". ووجه بنس انتقادا مباشرا لمبادرة الحزام والطريق، مضيفا أن "دول المنطقة يجب ألا تقبل بديون تعرض سيادتها للخطر". وردت وزارة الخارجية الصينية بالقول "إن التعاون مع بكين لن يوقع دولا نامية في فخ الديون". وأفادت متحدثة باسم الوزارة في بيان "بالعكس، التعاون مع الصين يرفع قدرات ومستويات التنمية المستقلة لتلك الدول ويحسن معيشة المواطنين". وقال بينس في وقت لاحق "إنه كان على استعداد لزيادة التعريفات الجمركية أكثر من الضعف على السلع الصينية". كما انتقد نائب الرئيس الأمريكي برنامج البنية التحتية للحزام والطريق في الصين، محذرا البلدان الأصغر من أن القروض التنموية الصينية "الغامضة" أدت إلى ارتفاع "الديون بصورة هائلة". وحث الدول الآسيوية على العمل مع الولايات المتحدة بدلا من ذلك، وخاطبها قائلا "إن الولايات المتحدة لم تجبر أو تفسد أو تضعف استقلالك". بينما أصر الرئيس الصيني على أنه لم تكن هناك "أجندة خفية" لمبادرة "طريق الحرير الجديد". من جهته، أشار ريمبينك باتو وزير خارجية بابوا غينيا الجديدة، إلى أن بلاده ليست مضطرة للتحيز لأحد الطرفين، وأضاف "بالنسبة إلينا نرحب بالاستثمارات الصينية ونرحب بالاستثمارات الأمريكية. سياستنا الخارجية هي أن نكون أصدقاء الجميع وألا نعادي أي أحد". إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الصينية أمس "إن أيا من الدول النامية لن تسقط في فخ الديون لمجرد التعاون مع الصين". وأدلت هوا تشون يينج المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية بذلك التصريح في بيان بالبريد الإلكتروني ردا على تصريحات لمايك بنس نائب الرئيس الأمريكي. وتابعت "بالعكس، التعاون مع الصين يرفع قدرات ومستويات التنمية المستقلة لتلك الدول ويحسن معيشة المواطنين". وخلال القمة تحدث بنس عن مبادرة الحزام والطريق الصينية قائلا "إن الدول ينبغي ألا تقبل بدين يقوض سيادتها". ووقعت تونجا مذكرة تفاهم خاصة بمبادرة الحزام والطريق الصينية لتحصل على تأجيل لسداد ديونها لبكين قبل وقت قصير من الموعد المقرر لبدء السداد. وكتب لوبيني سينيتولي المستشار السياسي لرئيس وزراء تونجا أكيليسي بوهيفا في رسالة إلكترونية، "إن تونجا وقعت مذكرة تفاهم خاصة بمبادرة الحزام والطريق وتقرر تأجيل سداد القرض الميسر لمدة خمسة أعوام". وتونجا واحدة من ثماني دول في جنوب المحيط الهادي مدينة للصين بمبالغ ضخمة، ويأتي تأجيل السداد قبيل الموعد المقرر لبدء رد أصل الدين وهو ما كان يُتوقع أن يفرض ضعوطا كبيرة على أوضاعها المالية. ويرجع اعتماد تونجا المالي علي الصين لما يزيد على عشر سنوات مضت بعد أن أدت أعمال شغب دموية في العاصمة نوكوالوفا إلى تدمير جزء كبير من الأحياء التجارية والحكومية في وسط المدينة. وأعادت الحكومة بناء العاصمة بتمويل من الصين وبلغت قيمة القروض المبدئية نحو 65 مليون دولار لكنها تتجاوز الآن 115 مليونا بسبب الفوائد وقروض إضافية وهو ما يعادل نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي لتونجا، بحسب وثائق الميزانية.
مشاركة :