ديمبلى لاعب موهوب أصبح ضحية صراع المال في كرة القدم

  • 11/19/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تنظر من بعيد إلى ما يحدث مع النجم الفرنسي الشاب عثمان ديمبلي في نادي برشونة الإسباني فإنك تشعر بالتعاطف معه، خاصة أنه موهبة شابة وواعدة وواحد من أغلى اللاعبين في العالم، لكنه لا يشارك بصفة منتظمة مع النادي الكاتالوني. وخلال هذا الأسبوع، وصلت أزمات ديمبلي مع برشلونة إلى منحنى آخر، حيث قام مجلس إدارة النادي باستدعاء اللاعب ووكيل أعماله. وخلال الاجتماع، تم حث اللاعب على بذل مجهود أكبر إذا كان يريد المشاركة مع الفريق بشكل مستمر، كما طلب ديمبلي ووكيل أعماله من مجلس إدارة النادي التوقف عن تسريب الأخبار المتعلقة باللاعب إلى وسائل الإعلام، لكن سرعان ما تسرب هذا الخبر نفسه إلى وسائل الإعلام!. وتناولت تقارير إعلامية إسبانية أن اللاعب الفرنسي أصبح يمثل مشكلة حقيقية لنادي برشلونة منذ فترة ليست بالقصيرة نظراً لحالة عدم الانضباط التي باتت السمة الرئيسية لديمبلي في الآونة الأخيرة. وأشارت صحيفة «أ س» الإسبانية إلى أنه بالإضافة إلى تأخر تأقلمه مع الفريق، يفتعل ديمبلي مشكلات أخرى، أبرزها تأخره الدائم عن التدريبات وعدم التزامه باللوائح الخاصة بالنادي الكاتالوني، الأمر الذي دفع المدير الفني للفريق، أرنستو فالفيردي، إلى معاقبته باستبعاده من قائمة مباراة برشلونة أمام ريال بيتيس الأخيرة في الدوري الإسباني. ولم يكن تسريب الأخبار شيئا جديداً أو إشعال الأزمات بالشيء الجديد، لأن كرة القدم دائماً ما تقسو على اللاعبين الشباب، ودائماً ما كان ملعب «كامب نو» مكاناً صعباً على اللاعبين الصغار، ولعلنا نتذكر جميعاً ما حدث مع أسطورة كرة القدم الأرجنتينية والعالمية دييغو أرماندو مارادونا، الذي عانى كثيرا – مثل ديمبلي – عندما انتقل إلى برشلونة عام 1982. وكما هو الحال مع ديمبلي، كان مارادونا هو أغلى لاعب شاب في العالم، وكما هو الحال مع ديمبلي أيضاً وجد مارادونا الأمور صعبة للغاية في النادي الإسباني. وفي بداية مسيرته مع الفريق، دخل مارادونا في صراع مع المدير الفني للفريق آنذاك أودو لاتيك، كما عانى النجم الأرجنتيني من أجل التكيف مع الثقافة المختلفة في كاتالونيا، كما دخل في أزمات مع رئيس النادي الذي كان دائماً ما يتحدث عنه بصورة سلبية في وسائل الإعلام. وعلاوة على ذلك، وجد مارادونا صعوبات كبيرة في التأقلم مع المتطلبات البدنية الكبيرة للطريقة التي يلعب بها برشلونة. وفي نهاية المطاف، أصيب مارادونا إصابة بالغة في الكاحل بعد تدخل قوي للغاية من قبل أندوني جويكويتكسيا. وبعد لحظات قليلة، تم نقل اللاعب الأغلى في العالم من ملعب «كامب نو» على بطانية ونقل إلى المستشفى في سيارة صغيرة مستأجرة بعد أن تبين أنه لا توجد سيارات إسعاف!. لكن لو قارنا ذلك بما يحدث مع ديمبلي الآن، لوجدنا أن اللاعب الفرنسي الشاب قد نقل إلى مدينة برشلونة وكأنه ملك متوج على عرشه، حيث يتحرك من مكان سبعة نجوم إلى مجمع تدريب على أعلى مستوى عن طريق طائرة هليكوبتر وهو يرتدي الفراء وأفخر الثياب. وبالتالي، لن يكون من المألوف أن نشعر بالتعاطف مع هذا المليونير البالغ من العمر 21 عاما نظراً لأنه يشعر بالوحدة أو الخسارة في كاتالونيا!. لقد مر الآن 15 شهراً منذ انضمام ديمبلي إلى برشلونة مقابل 100 مليون جنيه إسترليني. لكن منذ ذلك الحين، لم يشارك اللاعب لمدة 90 دقيقة كاملة سوى أربع مرات فقط ولم يسجل سوى عشرة أهداف. ووفقا لتسريبات موقع «فوتبول ليكس»، يحصل ديمبلي على راتب سنوي أساسي يبلغ 15 مليون جنيه إسترليني، في الوقت الذي حصل فيه «الوسطاء» على 9 ملايين جنيه إسترليني، ليتحول بذلك ديمبلي في غضون عام واحد من شاب مراهق في نادي رين الفرنسي إلى رجل تدور حوله صناعة رياضية ضخمة. وفي لحظات كهذه، تبدو كرة القدم وكأنها تجربة اجتماعية حقيقية تجعلنا نسعى لمعرفة ما الذي يمكننا أن نفعله لمساعدة مثل هؤلاء الأشخاص والبحث عن إجابات لما يمكن أن يقوم به هذا اللاعب الشاب البالغ من العمر 21 عاما لكي يتغلب على المشكلات التي تواجهه. لقد بدأ ديمبلي الموسم بشكل جيد، قبل أن يتم استبعاده من التشكيلة الأساسية للفريق ولا يتم الاعتماد عليه. وقد شارك اللاعب الفرنسي الشاب في مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد الشهر الماضي وظهر بشكل رائع وكان يمرر الكرات بشكل جميل ويمر من المدافعين بكل سهولة، وهي الإمكانيات التي تجعله قادرا على أن يكون أحد أفضل اللاعبين في العالم خلال السنوات العشر المقبلة. لكن هذا لا يعني أن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للاعب الشاب، بعد خلافاته الكثيرة مع المدير الفني ومسؤولي نادي برشلونة حول عدم التزامه بالمواعيد، وأحاديث أخرى عن سوء سلوكه وعن عدم التزامه بحضور دروس تعلم اللغة الإسبانية ومراعاة النظام الغذائي السليم. ووصفت مجلة «دون بالون» الإسبانية ديمبلي بأنه لاعب «حزين ولا يبالي بما يحدث من حوله، ويميل إلى الانعزال بشكل مفرط»، مشيرة إلى أنه ينام في وقت متأخر من الليل ودائما ما يتناول الوجبات السريعة. إذن، ما الذي يمكن القيام به مع لاعب بهذه المواصفات؟ ومن يعتني حقا بهذا الشاب الذي يمتلك قدرات فنية كبيرة للغاية ويعيش بالخارج لأول مرة بعيدا عن عائلته؟. ويمكن تلخيص قصة ديمبلي في مجموعة من المصالح ووكلاء اللاعبين وصراعات لا تنتهي، فقد دخل في أزمة مع نادي رين خلال عملية انتقاله من مرحلة الناشئين إلى الفريق الأول ثم دخل في مناوشات مع النادي مرة أخرى قبل رحيله إلى بوروسيا دورتموند، ثم دخل في مشكلات جديدة مع النادي الألماني قبل رحيله إلى برشلونة. والآن، بدأنا نسمع أحاديث حول رحيله مرة أخرى، وتشير تقارير إلى أن برشلونة قد يتخلى عن خدمات ديمبلي من أجل إعادة نيمار إلى الفريق مرة أخرى. وهناك تقارير أخرى تتحدث عن رغبة نادي ليفربول في الحصول على خدمات ديمبلي، وهي الصفقة التي ستكون جيدة للغاية للنادي الإنجليزي لو تمكن المدير الفني الألماني يورغن كلوب من كبح جماح اللاعب الشاب. لقد منح برشلونة ديمبلي فرصة أخيرة لإحياء مسيرته مع الفريق. ويرى مسؤولو النادي الكاتالوني أن صفقة ضم النجم الفرنسي المكلفة بالإضافة إلى حوافز أخرى، لا يمكن التفريط فيها بسهولة نظراً للمميزات البدنية والفنية التي يتمتع بها هذا اللاعب، ولذلك ينوي الجميع إعطاءه فرصة ثانية من أجل الاستمرار بين صفوف الفريق، أو إيجاد مشتر قادر أن يدفع مبلغ يزيد عن 100 مليون إسترليني. لقد تلقى ديمبلي إشارات إيجابية من زملائه في برشلونة وخاصة المدافع جيرار بيكيه الذي قال: «كنا صغاراً أيضاً وارتكبنا أخطاء. من واقع الخبرة، علينا مساعدة ديمبلي ليعرف أن كرة القدم وظيفة تتطلب العمل لمدة 24 ساعة ويجب أن تتأقلم حياته وفق ذلك. أنا مقتنع أنه سيتحسن في هذا الجانب وقرارات مثل التي اتخذها المدرب ستساعده»، وأضاف بيكيه: «نحن هنا جميعاً لمساعدته، إنه صغير وأمامه مجال كبير للتطور ولديه موهبة ضخمة». في الوقت الحالي، ستظل قصة عثمان ديمبلي تكشف فقط عن الجانب الحزين منها، وسيظل الجميع يطرح الأسئلة التالية: من يستطيع مساعدة هذا اللاعب على الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها؟ ومن النادي الذي يمكنه أن يدفع هذه الأموال الضخمة من أجل التعاقد مع لاعب شاب يخرج من مشكلة ليدخل في مشكلة أخرى؟ سوف تشهد الفترة المقبلة إجابات على هذه الأسئلة، لكن الشيء المؤكد هو أن انتقالات اللاعبين المستمرة تصب في مصلحة الجميع، بسبب الأموال الطائلة التي تُنفق والتي تستفيد منها كل الأطراف.

مشاركة :