بعد أقل من أربعة أشهر على لقائهما الأول في واشنطن، وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس إلى الهند للاجتماع برئيس وزرائها نارندرا مودي خلال زيارة تستغرق ثلاثة أيام يطغى عليها تعزيز العلاقات الاقتصادية. ويسعى الجانبان إلى إبرام اتفاقات بشأن تغير المناخ والضرائب والتعاون في مجال الدفاع، وتعتبر الولايات المتحدة الهند سوقا ضخمة وثقلا موازنا محتملا لنفوذ الصين في آسيا، لكنها تشعر بإحباط شديد في كثير من الأحيان لبطء وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وعدم الرغبة في الوقوف مع واشنطن في الشؤون الدولية، فيما تريد الهند أن ترى نهجا أمريكيا جديدا إزاء باكستان. وبحسب "الفرنسية"، فقد بدأ الزعيمان محادثاتهما على غداء عمل بعد ترحيب حار بأوباما في المطار من قبل رئيس وزراء كانت تعتبره واشنطن شخصا غير مرغوب فيه قبل أقل من عام. وتشهد نيودلهي تدابير أمنية مشددة من أجل زيارة أوباما، حيث تم نشر عشرات الآلاف من أفراد الأمن في أنحاء المدينة إضافة إلى 15 ألف كاميرا للمراقبة الأمنية. وقبل مغادرته واشنطن، عبر أوباما عن قناعته بأن العلاقات بين الولايات المتحدة والهند ستكون واحدة من أهم الشراكات الكبيرة في القرن الحادي والعشرين. وتضاعفت المبادلات التجارية بين العملاقين خمس مرات منذ عام 2000 بحيث بلغ حجمها 100 مليار دولار سنويا، وقد حددت واشنطن هدفا يقضي بمضاعفة هذا الرقم خمس مرات خلال السنوات المقبلة. وأكد البيت الأبيض العلاقات الممتازة بين أوباما ومودي الذي تسلم الحكم في أيار (مايو) 2014 بعد فوز اليمين الهندوسي الكاسح بالانتخابات التشريعية. وأضفى مودي الذي انتخب في أيار (مايو) الماضي حيوية جديدة على الاقتصاد والعلاقات الخارجية وبدأ في التصدي للوجود الصيني المتزايد في جنوب آسيا، وهو أمر يسعد واشنطن. وقبل عقد من الزمن، لم تكن هناك أي علاقة بين الولايات المتحدة ومودي الذي رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول عام 2005 بسبب أعمال العنف التي طالت المسلمين في ولاية جوجارات التي كان حاكمها في عام 2002. وتوترت العلاقات بين البلدين عام 2013 جراء القبض على نائبة القنصل العام للهند في نيويورك بسبب إدلائها ببيانات خاطئة عن طلب التأشيرة الخاص بمديرة منزلها وانخفاض الأجر الذي كانت تدفعه لها عن الحد الأدنى. وقال ميلان فايشناف من مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي، "إنني أعتقد أن مودي فاجأ العالم بتوجهه نحو الولايات المتحدة دون أدنى تردد"، مضيفا أن "إدارة أوباما ردت سريعا بعد انتخابه مؤكدة استعدادها للمضي قدما". ورغم التأكيد على العلاقات الطبيعية بين "أكبر ديمقراطيتين في العالم" التي تشغل حيزا بارزا في الخطابات الرسمية، إلا أن التوقعات من الزيارة قد تكون مخيبة للآمال. وأعلنت شكبة إن دي تي في التلفزيونية أن أوباما ومودي سيبحثان إعادة إحياء اتفاق حول النووي المدني وقع عام 2008 لكنه ما زال يراوح مكانه بسبب التشريعات الهندية. وتنص التشريعات على مسؤولية من قام بصناعة المفاعلات النووية في حال حصول حادث ما، الأمر الذي ترفضه المجموعات النووية الأجنبية، فيما أشارت الصحف الهندية إلى اقتراح يتضمن قيام مجموعة من شركات التأمين بتعويض الشركات التي تبني المفاعلات في حال وقوع حادث ما. وبعد شهرين من اتفاق مع الصين حول الاحتباس الحراري وانبعاثات الغاز، تنوي واشنطن التطرق في محادثاتها مع نيودلهي إلى التغير المناخي في ظل تأكيد الأخيرة على أنها لن توقع في قمة المناخ التي ستعقد في باريس في كانون الأول (ديسمبر) أي اتفاق لخفض انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة، لأن ذلك قد يهدد نموها. وتعتمد الهند التي تعاني انقطاع الكهرباء بشكل كبير على محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، وقال بن رودس مستشار الرئيس الأمريكي "إنه من المستحيل التوصل إلى اتفاق دولي حول المناخ في باريس إذا لم يتم تقديم برنامج يلبي الطموحات". وأضاف أن "الولايات المتحدة والصين والهند في الصف الأول مع أوروبا بالطبع"، مشيراً إلى احتمال تحقيق تقدم حول ملف الطاقة المتجددة خلال زيارة أوباما. ومن المقرر أن يشارك أوباما ومودي في منتدى للمديرين التنفيذيين للشركات، وسيلقي كل منهما كلمة خلال القمة الاقتصادية الهندية الأمريكية، وألغى الرئيس الأمريكي خططه لزيارة تاج محل غداً، وذلك ليتوجه إلى السعودية لتقديم العزاء في وفاة الملك عبد الله.
مشاركة :