افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- أمس، أعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وذلك بمقر المجلس في الرياض. ولدى وصول خادم الحرمين الشريفين كان في استقباله -أيده الله- صاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز آل سعود المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالإله بن عبدالعزيز، وسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ومعالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ، وكبار المسؤولين في مجلس الشورى ورؤساء اللجان. وفور وصول خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله - عزف السلام الملكي. وبعد أن أخذ خادم الحرمين الشريفين مكانه في المنصة الرئيسة افتتحت أعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى، بتلاوة آيات من القرآن الكريم. عقب ذلك ألقى معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ كلمة رحّب فيها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله-، والحضور. وقال: مرحباً بكم في مجلس الشورى في يوم يعمه السرور والابتهاج، ويشرُف فيه المجلس بالخطاب الملكي الكريم في مستهل عام شوري جديد، هو العام الثالث من دورة المجلس السابعة ليضاف هذا العام إلى عقد مسيرة الشورى التي هي عنوان لمبدأ من المبادئ الراسخة التي تسير عليها بلادنا العزيزة. وأضاف: إنّ هذه البلاد المباركة تعيش عهدها الزاهر بفضل الله تعالى ثم بفضل قيادتكم الحكيمة، فلقد شهد هذه العهد خطوات واسعة وخططاً طموحة تهدف إلى رقي الوطن وتحقيق المزيد من الحياة الكريمة للمواطن، وها هي مشاعر البهجة والسرور تغمر المواطنين والمواطنات من جراء النجاح الذي حققته البرامج الاقتصادية الهادفة إلى رفع أداء الاقتصاد الوطني وتنويع الدخل وفتح ميادين العمل للأيدي الوطنية وتوطين الكثير من الأنشطة التجارية والاقتصادية، وغدت بلادنا محط أنظار الاقتصاديين والمستثمرين العالميين وباتت عضواً فاعلاً في مجموعة العشرين الاقتصادية الدولية. واستطرد معاليه قائلاً: إن إعلان الميزانية للعام المالي 1439 - 1440 هـ، يمثل أنموذجاً لذلك التوجه الاقتصادي الحازم الذي يمثل جزءاً مهماً من الرؤية الواعدة للمملكة «رؤية 2030»، كما أن برنامج تطوير القطاع المالي أحد تلك البرامج التي تسعى لتحقيق الرؤية بما يحمله من تطوير للقطاع المالي وزيادة وتعزيز كفاءته من أجل تهيئة البيئة اللازمة لتحسين نمط حياة المواطن والوطن، وتعزيز الفرص الاستثمارية وتنويع النشاط الاقتصادي. وأردف معالي رئيس مجلس الشورى: لقد دشنتم رعاكم الله مشروع قطار الحرمين السريع الذي يمثل نقلة نوعية في مشاريع السكك الحديدية ليس على مستوى المملكة فحسب وإنما على المستوى الإقليمي ككل، وسيسهم هذا المشروع العملاق -بإذن الله- في خدمة المواطنين وقاصدي الحرمين الشريفين وتسهيل تنقلاتهم. وقال معاليه: احتضنت العاصمة الرياض برعاية من مقامكم الكريم أعمال الدورة الثانية للمنتدى العالمي «مباردة مستقبل الاستثمار للعام 2018 «، الذي تم خلاله توقيع اتفاقيات ضخمة ومشروعات استثمارية لمواصلة بناء شراكات استراتيجية قوية بحضور عدد كبير من قادة ورؤساء الدول والوزراء المختصين والشخصيات البارزة والرواد من أصحاب القرار ورجال الأعمال والمستثمرين والمبتكرين وغيرهم ممن يسهمون في رسم آفاق مستقبل الاستثمار العالمي. وأضاف: وقد امتد دعمكم -حفظكم الله- للجهد الوطني في الحفاظ على الثروة البيئية للمملكة ممثلاً في إنشاء مجلس المحميات الملكية ليجسد إنجازاً نوعياً من إنجازات الدولة في مجال المحافظة على الثروات البيئية من أجل نمو البيئة وعودتها إلى طبيعتها لتحقيق الاستفادة منها وفق نظام يحافظ عليها ويبقي على وجودها وتم تدشين ووضع حجر الأساس لعدد من المشروعات التنموية الكبرى. ونوه معاليه باعتزاز المجلس وفخره بجهود القيادة الرشيدة في توحيد الصف العربي وتعزيز التضامن الإسلامي لتحقيق الأمن السلام بالمنطقة والعالم. وتابع معالي رئيس مجلس الشورى يقول: في نهاية كل عام شوري يأتي هذا التشريف بافتتاح العام الجديد ليشكل دافعاً لمجلس الشورى نحو المزيد من العمل من أجل تحقيق المهام المنوطة به في ظل دعم غير محدود من مقامكم الكريم وسمو ولي عهدكم الأمين، إيماناً برسالة الشورى ودورها الوطني في عملية التنمية والبناء والرقي. وأكد معاليه أن مجلس الشورى يواكب هذا الدعم بمزيد من العمل الدؤوب لتحقيق تطلعاتكم وملامسة اهتمام المواطن وآماله التي تشكل هاجساً لا يهدأ في أروقة هذا المجلس وفق توجيهاتكم الدائمة بأن يكون المواطن هو محور العمل والاهتمام. وأوضح معاليه أن المجلس درس خلال سنته الماضية العديد من مشروعات الأنظمة واللوائح والاتفاقيات وناقش تقارير الأداء للأجهزة الحكومية -المحالة إليه من مقامكم الكريم-، وقد بلغ عدد الموضوعات التي ناقشها ودرسها خلال السنة الشورية الماضية «244» موضوعاً واستضافت لجان المجلس المتخصصة العشرات من المسؤولين من مختلف الوزارات والأجهزة المختصة للوقوف على أدائها والتعرف على ما قد يعترضه من العوائق والعقبات، بغية التعاون في معالجتها وإيجاد الحلول التي تكفل سير العمل لما فيه تحقيق الأهداف والغايات المنشودة. كما استضاف المجلس في عدد من جلساته العامة بعضاً من أصحاب المعالي الوزراء لمناقشتهم في أداء وزاراتهم واستعراض المتطلبات التي تهم المواطنين للوصول إلى أداء فعال يلبي الرغبات ويعالج المشكلات. وأشار معاليه إلى أن المجلس استمر على نهجه في التواصل مع المواطنين ومعرفة ما لديهم من أفكار ومقترحات من خلال تفاعله مع ما يطرح في وسائل الإعلام أو دراسة العرائض التي تصل المجلس عن طريق وسائل الاتصال المختلفة، وتسهيلاً لذلك فقد أوجد المجلس رابطًا للعرائض الإلكترونية يمكن من خلاله لأي مواطن تقديم آرائه ومقترحاته عبر هذا الرابط بكل يسر وسهولة وتحال هذه العرائض للجان المجلس المختصة للنظر فيها. وأكد معالي الدكتور آل الشيخ أن المجلس واكب من خلال منصاته المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي المشاركة والتفاعل عبر إدارة متخصصة بهذا الشأن ليكون جسراً للتواصل مع المجتمع في إيصال وتلقي ما يسهم في الرقي بأداء المجلس وينهض بالآمال والتطلعات. وقال معاليه: إن الدعم الذي يلقاه مجلس الشورى من مقامكم الكريم شمل أيضاً دور الدبلوماسية البرلمانية التي يضطلع بها المجلس من خلال عضويته في العديد من الاتحادات والمنتديات البرلمانية الإقليمية والدولية ومن خلال استضافته وفود ولجان صداقة من عدد من المجالس البرلمانية في الدول الشقيقة والصديقة، وكان لهذه الجهود إسهامات جلية في تعزيز التواصل مع تلك البرلمانات وتصحيح الصورة المغلوطة عن المملكة ومواقفها وسياساتها واستقصاء التجارب البرلمانية الناجحة وبيان مواقف المملكة من مختلف القضايا والأحداث الدولية القائمة على الحق والعدل. وأعرب معاليه عن شكره لوزارة الخارجية التي أبدت تعاوناً كبيراً في سبيل أداء المجلس لدوره الدبلوماسي البرلماني وتعزيز ذلك من خلال إنشاء الوزارة إدارة خاصة تعنى بشؤون مجلس الشورى، في حين قام المجلس بإنشاء إدارة خاصة بالعلاقات الدولية تهدف إلى مساندة جهود المجلس في هذا الجانب ضمن إطار العمل المؤسسي المنظم. وجدد معاليه الشكر لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين على ما يلقاه المجلس من دعم واهتمام وتأييد، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يديم على هذه البلاد المباركة وقيادتها فضله وكرمه، وأن يحقق ما يصبو إليه الجميع من آمال وتطلعات إنه سميع مجيب. إثر ذلك ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الخطاب الملكي السنوي فيما يلي نصه: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. على بركة الله، نفتتح أعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى، سائلين الله -عز وجل- أن يكلل أعمالنا بالتوفيق والسداد. أيها الإخوة والأخوات: إنه لمن دواعي سرورنا أن نلتقي بكم اليوم لاستعراض السياسة الداخلية والخارجية للدولة. لقد أعز الله هذه البلاد بالشريعة الإسلامية التي نتمسك بها منهجاً وعملاً، ونسير على هديها في نشر الوسطية والتسامح والاعتدال، ولقد شرفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين وتوفير الخدمات لقاصديهما. إن المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية وأداتها الفاعلة، وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز وأمل المستقبل، والمرأة السعودية شريك ذو حقوق كاملة وفق شريعتنا السمحة. أيها الإخوة والأخوات: بتوفيق من الله تمر بلادنا بتطور تنموي شامل وفقاً لخطط وبرامج رؤية المملكة 2030 التي تسير بشكل متوازٍ وتحقق أهدافها بمعدلات مرضية، ولا يخفى عليكم الجهود التي تبذلها الدولة لإيجاد المزيد من فرص العمل، وقد وجهنا ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالتركيز على تطوير القدرات البشرية وإعداد الجيل الجديد لوظائف المستقبل. إن من أولوياتنا في المرحلة القادمة مواصلة دعمنا للقطاع الخاص السعودي وتمكينه كشريك فاعل في التنمية. ونود التأكيد على السياسات المالية للمملكة بما في ذلك تحقيق التوازن بين ضبط الإنفاق ورفع كفاءته وبين دعم النمو الاقتصادي. أيها المجلس الموقر: يقوم جنودنا البواسل بواجبهم الوطني على أكمل وجه، ويقدمون أروع الأمثلة في التضحية والشجاعة في الدفاع عن العقيدة والوطن. وسيظل شهداؤنا - رحمهم الله - في ذاكرتنا وعائلاتهم محل رعايتنا واهتمامنا دوماً. وستستمر المملكة في التصدي للتطرف والإرهاب، والقيام بدورها القيادي والتنموي في المنطقة بما يزيد من فرص الاستثمار. كما ستواصل جهودها لمعالجة أزمات المنطقة وقضاياها، وستبقى القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى إلى أن يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة. إن وقوفنا إلى جانب اليمن لم يكن خياراً بل واجب اقتضته نصرة الشعب اليمني بالتصدي لعدوان ميليشيات انقلابية مدعومة من إيران، ونؤكد دعمنا للوصول إلى حل سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (2216) والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل. لقد دأب النظام الإيراني على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ورعاية الإرهاب، وإثارة الفوضى والخراب في العديد من دول المنطقة، وعلى المجتمع الدولي العمل على وضع حد لبرنامج النظام الإيراني النووي، ووقف نشاطاته التي تهدد الأمن والاستقرار. وتدعو المملكة إلى حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويبعد التنظيمات الإرهابية والتأثيرات الخارجية عنها، ويتيح عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. وفي الشأن العراقي فإننا نشيد بما تحقق من خطوات مباركة لتوثيق العلاقات بين بلدينا، متطلعين إلى استمرار الجهود لتعزيز التعاون في مختلف المجالات. وتحرص بلادكم على شراكاتها الإستراتيجية مع الدول الصديقة المبنية على المنافع المشتركة والاحترام المتبادل. وتسهم المملكة في تعزيز الاقتصاد العالمي ونموه بما في ذلك استمرار سياستها النفطية القائمة على التعاون والتنسيق مع المنتجين داخل منظمة (أوبك) وخارجها للحفاظ على استقرار أسواق النفط بما يحمي مصالح المنتجين والمستهلكين. أيها المجلس الموقر: تأسست المملكة على نهج إسلامي يرتكز على إرساء العدل، ونعتز بجهود رجال القضاء والنيابة العامة في أداء الأمانة الملقاة على عاتقهم، ونؤكد أن هذه البلاد لن تحيد عن تطبيق شرع الله، ولن تأخذها في الحق لومة لائم. كما أن الدولة ماضية في خططها لاستكمال تطوير أجهزة الدولة لضمان سلامة إنفاذ الأنظمة والتعليمات وتلافي أي تجاوزات أو أخطاء. وفي الخطاب الموزع عليكم عرض مفصل للسياسة الداخلية والخارجية للمملكة. نشكر لمجلس الشورى جهوده وعمله المستمر، راجين من الله أن يكلل جهود المجلس بالتوفيق، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنه سميع مجيب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وفي الختام عزف السلام الملكي، ثم غادر خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- مقر مجلس الشورى مودعاً بمثل ما استقبل به من حفاوة وترحيب. حضر الافتتاح صاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالرحمن، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن سعود بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الأمير الدكتور عبدالرحمن بن سعود الكبير، وصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار خادم الحرمين الشريفين، وصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان، وصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الأمير فيصل بن سعود بن محمد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، وصاحب السمو الملكي الأمير نهار بن سعود بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، وصاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد، وصاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز المستشار في الديوان الملكي، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد المستشار في الديوان الملكي، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن سلطان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز المستشار في الديوان الملكي، وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن فيصل بن بندر بن عبدالعزيز مساعد رئيس الاستخبارات العامة، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن نايف بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن محمد بن نواف بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز المستشار في الديوان الملكي، وصاحب السمو الأمير خالد بن عبدالعزيز بن عياف وزير الحرس الوطني، وأصحاب المعالي والفضيلة وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدون لدى المملكة. * * * فيما يأتي نص خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الشامل لسياسة حكومة المملكة العربية السعودية الداخلية والخارجية، ورصد منجزاتها خلال العام المنصرم، الذي وجَّهه لأعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله، وعلى بركة الله، نفتتح أعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى سائلين الله -عز وجل- أن يكلل أعمالنا بالتوفيق، ويجعلها دومًا خالصة لوجهه الكريم. أيها الإخوة والأخوات.. إنه لمن دواعي سرورنا أن نلتقي بكم اليوم لاستعراض السياسة الداخلية والخارجية للدولة، وما تم إنجازه على الصعيد الداخلي من خطط وبرامج ومشاريع تنموية، وما تم اتخاذه من سياسات ومواقف خارجية، كان لها الأثر الملموس في الحفاظ على مصالحها وأمنها الوطني، وتعزيز علاقاتها الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة، وتعزيز الأمن والسلام والاستقرار على الصعيدَيْن الإقليمي والدولي. لقد أعزَّ الله هذه البلاد بالشريعة الإسلامية التي نتمسك بها منهجًا وعملاً، ونسير على هديها في تحقيق العدل، وترسيخ منهج الاعتدال، ونشر قيم الوسطية والتسامح. وقد توالت نعم الله علينا حتى أضحت بلادنا تشهد مستويات مرتفعة من جودة الخدمات التي شرفنا الله بتقديمها في الحرمين الشريفين خدمة لقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار. وستستمر دولتكم في سياساتها الرامية إلى تحسين الخدمات المقدمة لهم، ورفعها إلى أعلى مستوى. إن المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية وأداتها الفعالة. وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز وأمل المستقبل. والمرأة السعودية شريك ذو حقوق كاملة، وفق شريعتنا السمحة. وسنواصل جهودنا -بحول الله- نحو تعزيز مشاركتهم في التنمية الوطنية المباركة. إنَّ الشأن الاجتماعي على رأس أولوياتنا، وستستمر الحكومة في دعم منظومة الخدمات الاجتماعية، وتقديم دعم يستهدف الفئات المحتاجة، بما يمكنهم من الإنتاج والفاعلية الاقتصادية، والحصول على سبل العيش الكريم. وسندعم مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها المهم والفاعل في هذا الجانب. أيها الإخوة والأخوات.. تمرُّ المملكة العربية السعودية بنقلة تنموية على الأصعدة كافة نتيجة خطط وبرامج رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والإنفاق الحكومي غير المسبوق. ووفقًا لأحدث تقارير الأداء الدورية لبرامج تحقيق الرؤية، فإنها تسير بشكل متوازٍ، وبمعدلات مُرضية، وبدأت بعض منجزاتها تظهر على أرض الواقع -بحمد الله- ونحن عازمون-بإذن الله- على المضي قُدمًا بمسيرة الإصلاح. لا يخفى عليكم الجهود التي تبذلها الدولة لإيجاد المزيد من فرص العمل والتدريب والتأهيل لشباب وشابات الوطن. وقد وجَّهنا سمو ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالتركيز على تطوير القدرات البشرية، وإعداد الجيل الجديد لوظائف المستقبل. وقد شهدت بلادنا انطلاق قطاعات ضخمة وواعدة، مثل السياحة والطاقة المتجددة والتعدين. وكل هذا سيسهم في بناء سوق عمل متزن، يراعي احتياجات المستقبل، ويعيد هيكلة نفسه بكفاءة عالية، تستجيب للمتغيرات. إنَّ من أولوياتنا في المرحلة القادمة مواصلة دعمنا للقطاع الخاص السعودي، وتمكينه كشريك في رحلة النمو الاقتصادي الطموحة، وأن تصبح بلادكم من رواد الاستثمار في تقنيات المستقبل؛ لتكون هذه التقنيات -بعون الله- رافدًا جديدًا لاقتصادنا الوطني واقتصاد العالم. ونود التأكيد على السياسات المالية للمملكة، بما في ذلك تحقيق التوازن بين ضبط الإنفاق ورفع كفاءته ودعم النمو الاقتصادي. وتأتي زياراتنا لمناطق المملكة حرصًا منا على الالتقاء بالمواطنين، والوقوف على مشاريع التنمية فيها. وقد قمنا بتوجيه سمو ولي العهد والوزراء المعنيين برصد احتياجات المناطق، وأولويات التنمية فيها، وحصر المشاريع تحت الإنشاء التي تمس المواطنين لتسريع الإنجاز فيها، والرفع إلينا لاتخاذ ما يلزم بشأنها، وكذلك المتابعة المستمرة لتحسين الخدمات كافة المقدمة للمواطنين، وعلى رأسها الخدمات التعليمية والصحية. أيها المجلس الموقر.. يقوم جنودنا البواسل بواجبهم الوطني على أكمل وجه، ويقدمون أروع الأمثلة في التضحية والشجاعة في الدفاع عن العقيدة والوطن. وسيظل شهداؤنا ـ رحمهم الله ـ في ذاكرتنا، وعائلاتهم محل رعايتنا واهتمامنا دومًا. كما أننا سنواصل برامج تطوير قواتنا العسكرية، بما في ذلك النهوض ببرامج توطين الصناعات العسكرية والتقنيات اللازمة لها بوتيرة متسارعة. ستستمر المملكة في التصدي للتطرف والإرهاب، والوقوف بحزم أمام أي فئة تحاول اختطاف ديننا الحنيف، وستستمر بالاضطلاع بدورها القيادي والتنموي في المنطقة بما يزيد من فرص الاستثمار الإقليمي والدولي. وستواصل المملكة جهودها الرامية لكل ما من شأنه معالجة أزمات المنطقة، وحل قضاياها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وقد أكدنا خلال القمة العربية التاسعة والعشرين التي أسميناها (قمة القدس) أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى، وستظل كذلك حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وقد تجاوزت مساعدات المملكة خلال العامين الماضيين للشعب الفلسطيني الشقيق أكثر من خمسمائة مليون دولار. ولقد أكدت المملكة مرارًا أن الوقوف إلى جانب الشعب اليمني الشقيق لم يكن خيارًا بل واجبًا، اقتضته نصرة الشعب اليمني العزيز بالتصدي لعدوان مليشيات انقلابية مدعومة من إيران. وإن المملكة تؤكد مجددًا دعمها المستمر لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن للوصول إلى حل سياسي وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم (2216)، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل. ونجدد التشديد على رفضنا لمحاولات المليشيات الحوثية المستمرة لفرض إرادتها على الشعب اليمني الشقيق، وتعطيل جهود الوصول إلى حل سياسي. والمملكة ماضية في تقديم الدعم والمؤازرة للشعب اليمني الشقيق؛ إذ بلغت مساعدات المملكة خلال العامين الماضيين أكثر من أربعة مليارات دولار. لقد دأب النظام الإيراني منذ ما يقارب أربعة عقود على التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ورعاية ودعم قوى الإرهاب في المنطقة. وهذه الأفعال الإجرامية التي تنتهك أبسط قواعد حُسن الجوار والمواثيق والأعراف الدولية تُضاف إلى سِجل النظام الإيراني المعروف بإثارة الفوضى والخراب في العديد من دول المنطقة. وقد آن الأوان لهذه الفوضى ولهذا الخراب أن يقفا. وعلى المجتمع الدولي العمل على وضع حد لبرنامج النظام الإيراني النووي والبالستي، ووقف نشاطاته المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وتدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وفيما يخص الأزمة السورية فإن المملكة تدعو إلى حل سياسي عاجل، يُخرج سوريا من أزمتها، ويُبعد التنظيمات الإرهابية والتأثيرات الخارجية عنها، ويتيح عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم لينهضوا به. وفي الشأن العراقي فإننا نشيد بما تحقق من خطوات مباركة لتوثيق أواصر الأخوَّة والتعاون بين البلدين، متطلعين إلى استمرار الجهود المباركة لتعزيز آفاق التعاون الثنائي في مختلف المجالات. وإلى جانب ذلك، تحرص بلادكم على شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الصديقة المبنية على المنافع المشتركة، والاحترام المتبادل، وستعمل مع شركائها وأصدقائها من دول العالم لمساعدة الدول النامية والأقل دخلاً، وتمكينها من تطوير اقتصادياتها. وقد قامت المملكة بإعفاء عدد من الدول الأقل نموًّا من ديون مستحقة، تجاوزت ستة مليارات دولار. أما من ناحية الأسواق النفطية فستستمر المملكة بالعمل البنَّاء مع المنتجين الآخرين داخل منظمة (أوبك) وخارجها للحافظ على استقرار الأسواق مما يحمي كافة مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء. أيها المجلس الموقر.. تأسست المملكة على نهج إسلامي يرتكز على إحقاق الحق، وإرساء دعائم وقيم العدالة، ورعاية المواطنين كافة. ونحن نعتز بالجهود المباركة التي يقوم بها رجال القضاء والنيابة العامة في أداء الأمانة الملقاة على عاتقهم، ونؤكد أن هذه البلاد لن تحيد يومًا عن تطبيق شرع الله دون تمييز أو تعطيل، ولن تأخذها في الحق لومة لائم. كما أن الدولة ماضية في خططها الهادفة لاستكمال التطوير في أجهزة ومؤسسات الدولة لضمان سلامة إنفاذ الأنظمة والتعليمات، وتلافي أي تجاوزات أو أخطاء. إننا نشكر لمجلس الشورى جهوده المستمرة وعمله الدؤوب في مباشرة مهامه واختصاصاته، كما نقدر مساهمته في التعريف بمواقف المملكة تجاه مختلف القضايا من خلال إجراء الحوارات واللقاءات المتعددة مع البرلمانات الدولية المختلفة، وفي الاتحادات والمنتديات البرلمانية الإقليمية والدولية، راجين من الله أن يكلل جهود المجلس بالتوفيق والسداد. وفي الختام فإننا جميعًا مؤتمنون على أعمالنا، ومأمورون بأداء الأمانة على الوجه الذي يُرضي الله عنا، ومسؤولون عن ذلك أمامه -عز وجل-، ونسأل الله أن يجعل أعمالنا دومًا خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا جميعًا إلى العمل الذي يرضيه عنا، إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشاركة :