ماذا عن الادعاء أن شبكة الكهرباء لن تكون قادرة على تحمل الزيادة في الطلب؟ لنأخذ ألمانيا على سبيل المثال كونها تحوي 40 مليون سيارة، تقطع كل منها ما يقارب 10.000 كيلومتر في السنة. تستهلك السيارة الكهربائية ما يعادل 20 كيلوواط ساعي لكل 100 كيلومتر. فإذا ما استبدلت جميع السيارات في ألمانيا بأخرى كهربائية، سيزيد استهلاك الكهرباء سنويا 80 مليون كيلوواط ساعي "أو ألف كيلوواط ساعي للفرد". تستخدم ألمانيا حاليا 6600 كيلوواط ساعي للفرد سنويا، ومن السهل زيادته إلى 7600 كيلوواط ساعي. من شأن ذلك أن يجعل استهلاك ألمانيا يعادل روسيا واليابان وبلجيكا وسويسرا. ويبقى هذا المعدل أقل من كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزلندا "8.000 ــ 10.000 كيلوواط ساعي للفرد"، وتقريبا نحو نصف استهلاك الفرد في الولايات المتحدة وكندا والسويد وفنلندا "أكثر من 10.000 كيلوواط ساعي". علاوة على ذلك، يساعد النهج المتبع في إعادة شحن السيارات الكهربائية على تخفيف دورات الاستهلاك. يزيد استهلاك الكهرباء بدءا من الساعة السادسة صباحا، ليصل ذروته في التاسعة صباحا، ليعود الانخفاض في الساعة السادسة مساء ليصل إلى أدنى مستوى ابتداء من الـ11 مساء. تعمل دورات استهلاك السيارات الكهربائية بشكل معاكس، فهي تزيد عندما يصل الأشخاص المنزل في السابعة مساء، لتبقى ثابتة خلال الليل لتهوي عندما يستخدم الأشخاص سياراتهم في السابعة صباحا. بحسب إليون موسك مؤسس "تسلا" فإن الكهرباء التي يحتاج إليها تكرير النفط وتحويله إلى بترول تكفي لتشغيل سياراته، فتكرير لتر واحد من النفط يستهلك 1.6 كيلوواط ساعي، وعند استهلاك عشرة لترات لكل 100 كيلومتر، سيكون معدل استهلاك السيارة الكهربائية نفسه للمسافة نفسها "نحو 20 كيلوواط ساعي". الشكوك المتعلقة بأداء التكنولوجيا "الشحن والمسافة المقطوعة" أخيرا، دعونا ننظر في الفرضية التي تشكك في أداء السيارة الكهربائية بسبب الوقت الذي يتطلبه شحن السيارة والمسافة التي تقطعها "عدم التمكن من قطع مسافات طويلة". ليس من الضروري قيادة السيارة إلى محطات البترول، ما يعطيها ميزة كبيرة. فالكهرباء موجودة بأي مكان على خلاف محطات البترول. لا تتسبب محطات البترول فقط في روائح سيئة وتلوث في المياه الجوفية بسبب التسريب، بل تأخذ حيزا مهما وتتسبب في خفض قيمة العقارات المحيطة. وعلى العكس شحن السيارات الكهربائية لا يتطلب تخصيص عقار ويمكن دمجه بسهولة مع البنية التحتية لمواقف السيارات والمرآب. أي بالإمكان شحن السيارة الكهربائية باستمرار عندما لا تكون قيد الاستخدام. بالنظر إلى معدل استخدام السيارات في العالم الصناعي، الذي تقل نسبته عن 5 في المائة في اليوم، لن يؤثر ذلك في المدة التي تتطلبها إعادة شحن البطارية. كما لا يتعين على المستهلكين البقاء بجانب السيارة حتى انتهاء الشحن "على عكس السيارات التقليدية"، أو الانتظار حتى نفاذ البنزين لإعادة ملئها. ببساطة باستطاعتهم وضعها في الشحن حتى إن كانت نسبة الشحن المتبقية 80 في المائة. أما بخصوص الشكوك حول المسافة المقطوعة- بحسب مسح أجرته المفوضية الأوروبية- فإن متوسط المسافة المقطوعة في الأيام العادية في ست دول أوروبية يراوح بين 15 كيلومترا في إيطاليا، و35 كيلومترا في إسبانيا. وكان متوسط المسافة المقطوعة في اليوم بين 40 كيلومترا في المملكة المتحدة، و80 كيلومترا في بولندا. خلص التقرير إلى أن بطاريات السيارات الكهربائية المستخدمة حاليا والموجودة في الأسواق تغطي تلك المسافة من دون شك. يعد ذلك كثيرا على التنقلات اليومية. ولكن يستخدم المستهلكون من حين لآخر سياراتهم للقيام برحلات وقطع مسافات طويلة خلال أوقات العطل. هنا يجب علينا التراجع خطوة والتكهن بالسلوك الاجتماعي مستقبلا. نرى أن خيارات المستهلكين تميل نحو النقل الجوي المنخفض الكلفة على حساب القيادة لفترات طويلة. توسعت قاعدة عملاء خطوط Ryanair من 75 مليون مسافر في 2011 ـــ 2012 إلى 130 مليون مسافر في 2017 ــ 2018. كما أن التطور السريع في شبكات الشحن إلى جانب التكنولوجيا التي قصرت فترة الشحن، من شأنه توفير خيارات ملائمة للسفر لمسافات طويلة. سيرغب بعض المسافرين بالطبع في القيام برحلات طويلة، ترافقها رائحة البترول وهدير المحركات. مع ذلك بالنسبة لمعظمنا يتوقف المستقبل على إمكانية ذهابنا للعمل والعودة منه بسيارة كهربائية لا تسبب التلوث، وخالية من أي ضجيج، يسهل شحنها عند الرغبة في قيادتها. فالتكنولوجيا لا تتوقف عن التطور.
مشاركة :