نحمد الله أولاً وأخيراً على سلامة الكويت وأهلها وكلّ من يقيم على أرضها عقب تجاوزنا أزمة الأمطار الغزيرة التي هطلت على البلاد خلال الأسبوع الماضي، ولعل من أبرز الإيجابيات التي خرجنا بها من هذه الأزمة أنها أظهرت حسن تصرف واستجابة الحكومة وأجهزتها في احتوائها منذ البداية، والتي اتسمت بالسرعة والمرونة، والجميع يشهد بالتعاون الكبير بين وزارات الداخلية والدفاع والصحة والأشغال العامة والحرس الوطني والإدارة العامة للإطفاء، ولا أبالغ عندما أقول إنها المرة الأولى التي تظهر بها بهذه الروح والتكاتف منذ الاحتلال العراقي للكويت. إن هذه الإشادة لا تعفي مسؤولية وزيري الأشغال العامة حسام الرومي والدولة لشؤون الإسكان جنان رمضان السياسية عمّا جرى للطرق السريعة والبنية التحتية للمدن الإسكانية الحديثة جراء هذه الأمطار، فهناك أسئلة عديدة بشأن الأسباب التي أدت إلى عدم استيعاب البنية التحتية لمدينة صباح الأحمد مثلاً والهلاك المدمر لطرقها الداخلية، وغرق جسر المنقف للمرة الثانية خلال السنتين الماضيتين، ولا أحد يملك إجابتها سوى هذين الوزيرين. سمو رئيس مجلس الوزراء من جانبه أكد في تصريح صحافي بتاريخ 15 نوفمبر الماضي على تعويض المتضررين من الأمطار، وتأتي هذه الخطوة التزاماً حكومياً بنص المادة 25 من الدستور التي تشدد على كفالة الدولة «تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة، وتعويض المصابين بأضرار الحرب أو بسبب تأدية واجباتهم العسكرية». بلا شك ان التعويض حق واستحقاق دستوريان ينتظره المواطنون المتضررون من هذه الكارثة الطبيعية، إلا أن هناك علامات استفهام عديدة في مقدمتها الآلية الحكومية المتبعة لتحديد الفئات التي سيشملها التعويض وقيمته، وما الجهة التي ستتكفل بفحص الأضرار وتقييمها؟ وتبقى الأسئلة الأكثر أهمية: ما الإجراءات التي ستتخذها الحكومة تجاه الشركات المنفذة لمشاريع الطرق السريعة والرئيسية والمتفرعة داخل وخارج المناطق والبنى التحتية للمناطق السكنية الجديدة؟ وهل ستقاضيهم وتعلن عن عقوبات صارمة غير مسبوقة تشملها الغرامات وحرمانها من المناقصات الحكومية؟ ومن جهة ثانية، ما مصير الوزراء الحاليين والسابقين للأشغال العامة والإسكان والقياديين والإشرافيين الحاليين والسابقين في هاتين الوزارتين؟ فهل ستتم إحالتهم إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد أو النيابة العامة للتحقيق في الآثار التي نجمت عن هذه الكارثة؟ في الختام: إننا كمواطنين تضررنا أضراراً جسيمة تتمثل في الخسائر المادية جراء غرق البيوت، بسبب سوء تنفيذ البنية التحتية في المناطق السكنية الجديدة، التي كانت أيضاً سببا رئيسيا في غرق وتهالك المركبات على الطرق السريعة. إن تضرر المواطنين مادياً لا يتوقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى تحمله كلفة التعويض وحملها الثقيل على الميزانية العامة للدولة لكونها ستأتي من الأموال العامة التي تمثل مقدرات الشعب وملكيته، إذا تم استخدام أمواله في معالجة آثار مياه الأمطار خلال الأزمة وبعد وقوعها، بينما المسؤولون الرئيسيون في القضية أحرار من دون محاسبة حتى الآن. طارق عبد الله العيدانt.aleidan@gmail.com@taleidan
مشاركة :