تشكّل فترة اجتياز الاختبارات فترة عصيبة على الأسرة كاملة، حيث يتوتر الوالدان لتهيئة أبنائهم لاجتياز الاختبارات والحصول على علامات كاملة وتقدير ممتاز، مما يؤثر على نفسية ومجهود الطالب.. "سبق" استطلعت آراء مختصين للوقوف على هذه الظاهرة... الأخصائي الاجتماعي عبدالرحمن القراش قال لـ"سبق": "في كل عام تنطلق صافرات الإنذار المنزلية مرتين لتعلن حالة الطوارئ القصوى والاستنفار الكامل والتعبئة الأسرية؛ استعداداً لموسم الاختبارات الذي يشترك فيه كل أفراد البيت من حثّ وتهيئة ووعود لمن يتفوّق ووعيد لمن يخفق، وفي كل الحالات يجب أنْ ندرك حقيقة مهمة، وهي أنّ موسم الاختبارات له رهبة؛ نتيجة "القلق المصطنع المتوارث" الذي خَلَـقته العادات القديمة أو يمارسه بعض العاملين في بيئة التعليم كتعزيز نظرية الضغط المستمر المفتقر للتهيئة والتشجيع والتحفيز، ناهيك عن التهديد المباشر بالتصعــيب والتعقيد". ويتابع: "مما ينعكس في المحصّلة النهائية إلى اضطراب نفسي، أو توتر وتقلّب في المزاج، أو عصبية زائدة ربما تتطوّر إلى عدم الرغبة في النوم، أو البكاء والإضراب عن الطعام والصداع المزمن، أو -لا سمح الله- اللجوء إلى العقاقير أو التدخين؛ توهّماً بأنّها تصنع المعجزات". وأضاف "القراش": "لذا ترتبط ظاهرة الضغط النفسي بنظرية "العزو السببي" التي يعزو فيها الآباء نجاح أو فشل الأبناء إلى عوامل لا يمكن التحكم بها أو السيطرة عليها ما لم يكن هناك تحضير مناسب؛ وهما: إدارة وقت الأبناء أثناء الدراسة والامتحانات، والتحفيز المؤثر في حياتهم التعليمية، وفي كل الأحوال تكون نتيجة الطالب المجتهد والمخفق واحدة، وهي العيش تحت ضغط نفسي مستمر كل عام". وأوضح: "يجب على أولياء الأمور مراعاة ما يلي؛ لكي يعيش أبناؤهم فترة الاختبارات بأقل ضغط نفسي"، مبيناً أن من ذلك: توفير الأجواء المناسبة البعيدة عن الصخب والأوامر والشحن النفسي، والتحفيز المناسب الذي يشجّع على بذل المجهود دون تخويف أو تهويل، وزرع الثقة التي تسهم في رفع الوعي الذاتي بأهمية التحصيل العلمي، وعدم المبالغة في طلب التفوق من الأبناء، خصوصاً عند المعرفة المسبقة بالمستوى العام والفروق الفردية، والابتعاد عن المقارنة بالإخوة أو الزملاء. وكذلك مشاركتهم طموحهم وأحلامهم مع توجيههم نحو الأفضل. إقناعهم بأن المنبهات والمكيفات ليست الحل المناسب للتفوق، وسرد قصص النجاح الملهمة لهم مع دعمهم نفسياً لتحقيق أهدافهم. تجهيز الهدايا التي يفكر بها الأبناء بوقت كافٍ قبل الاختبارات؛ لكي تكون محفزاً معنوياً أمامهم. وقال المعلم غنام المحمد لـ"سبق": "فترة ما قبل الامتحانات من أكثر الفترات التي نشاهد الطالب فيها متوتراً ومشدوداً؛ نظراً لإحساسه بالمسؤولية، خصوصاً إذا كان الطالب يعاني من ضغط شديد من قبل أسرته للحصول على علامات جيدة وكاملة، وأحياناً من كثرة الضغط قد تسقط من الطالب علامات وإجابات صحيحة، رغم أنه قد يكون يعرفها، ولكن الضغط يسبب له التشتت والخوف ويبدأ في الحل الخطأ". وتابع: "هناك طلاب يحفظون دون فهم لمجرد حصولهم فقط على علامة كاملة؛ إرضاءً لأهلهم، وهناك طلاب يفهمون ويحفظون ولا نلاحظ عليهم أي توتر وخوف، وهذا نابع من ثقة الأهل، ودعمهم بطريقة بعيدة عن التخويف والترهيب". وأكد الكثير من الأولياء مرّوا بتجربة اجتياز أبنائهم لامتحان آخر السنة أن التوتر لا ينحصر في الأسر التي تحظى بتلميذ متوسط النتائج، بل يشمل أيضاً أسر التلاميذ المتميزين، حيث يخشى الأولياء من مفاجأة عدم حصول ابنهم على النتائج المرجوة. "أم مريم" طالبة بالصف الثالث الابتدائي قالت: "دائماً ما أجد نفسي أنهر ابنتي لأي نقص بالعلامات، وأقوم بمعاقبتها، حتى اكتشفت أنني أقوم بتدميرها، فلاحظت الخوف الشديد عليها قبل الامتحانات، وبدأت تشعر بتعب وارتفاع حرارة قبل كل امتحان، حتى أخبرني الطبيب بأنها تعاني من رهاب الامتحانات؛ نتيجة الضغوط النفسية". وتابعت: "قررت ألا أبدي أي انزعاج من علاماتها، وأقوم بتشجيعها دائماً حتى أصبحت والحمد لله متفوقة، وتعتمد على نفسها، وتخلصت من رهاب الفحص، وأنصح كل أسرة بأن تبتعد عن الترهيب والتخويف، واتباع أسلوب أفضل".
مشاركة :