في ليلة شتوية، تفوح برائحة القهوة العربية المعدة على الحطب وسط الدلة الرسلان النحاسية، وبالقرب من صور جسدت التراث البدوي الأصيل في السعودية، داخل الخيام المصنوعة بالطرق التقليدية، حيث أيقظت تلك المشاهد الزوار نحو الحنين لحياة الصحراء، جسدها مجمع سكني في مدينة الظهران شرق السعودية بليلة بدوية، ينقل فيها سكانه إلى رحلة في عمق الصحراء، ليستمتعوا بحياة أقرب إلى حياة البدو. الكل تواجد للاستمتاع بسحر ليالي الصحراء ومشاهدها التي تجمع بين معالم التراث العتيق، والطبيعة الخلابة، في ليلة اجتمع فيها المزج بين أصالة الماضي وحداثة الزمن المعاصر، وكأنما بينهما صراع شعاره البقاء للأقوى، لتجذب العديد من الجنسيات الأوروبية التي دفعها الشغف لمشاهدة نمط الحياة البدائية، فحرصت على اصطحاب أطفالها لتعرفهم بتراث السعودية وركوب الجمال والخيول، وسط طبيعة البيئة البدوية، والتقاط صور معها. وعبرت العديد من السيدات الأجنبيات لـ "العربية.نت" عن سعادتهن بمحاكاة الحياة البدوية في السعودية، والتعرف على الأزياء التراثية، وأتاحت لهن خوض تجربة ارتداء اللباس البدوي وبعض الإكسسوار والحلي التقليدية، كما استمتعن بالضيافة العربية التي يقدمها المشاركون في هذه الليلة، إذ تناولن القهوة العربية والتمور، ثم أمضين بعض الوقت في زيارة بقية الأجنحة المشاركة ليستمتعن بعرض معلومات عن الصيد بالصقور ورحلات القنص، والاستمتاع بالموسيقى التي حركت أنغامها وألحانها أحاسيس ومشاعر البدو، والتعرف على تفاصيل كثيرة ذات ملامح خاصة في المكان والسكان للحياة البدوية الأصيلة، وطرق عيشهم الفريدة بطرق تقليدية تتكاثف فيها دلالات الحكمة والإدهاش والسحر لكل الزائرين. واستعرضت هذه الليلة البدوية حضارة وثقافة وتنوعا طبيعيا وبشريا بين كافة مناطق السعودية، وقُدِّمت فيها رقصات فلكلورية ترجم فيها العارضون حركات متسقة، متنقلين من الساحل إلى الجبل نحو السهل وصولا إلى رمال وكثبان الصحراء. الظهران التي عاصرت اكتشاف النفط في الستينيات من القرن العشرين، وارتبط موقعها الجغرافي بقصة اكتشاف النفط ومشاريعه، وما شهده عالم القرية والعالم المحيط به من تغيرات مادية وبشرية إنسانية في تلك الحقبة، كان كثير من السعوديين يعيشون حياة البداوة، قبل أن تجعل الثروة النفطية من مواطني هذا البلد أصحاب واحد من أعلى المداخيل في العالم، لكن البداوة ظلت تقليدا يحب البعض أن يحافظوا عليه. ليلة بدوية عاشتها الأسر الأجنبية من جنسيات متعددة وثقافات متباينة، اتفقت جميعها على تقدير التراث البدوي الأصيل في قلب مدينة النفط، انتصرت فيها حكمة الصحراء على متاعب وصخب المدينة، وترجم فيها المشاركون السعوديون طبيعة وثقافة البيئة البدوية المندمجة بين عروقهم ودمائهم وعبروا عنها بعفوية وطيبة وكرم وتسامح ليحتفلوا بها أمام الزائرين الأجانب.
مشاركة :